هاشتاغ_باسم المحمد
قال الخبير المصرفي الدكتور ماهر أدنوف إن عنوان المرحلة السابقة للقطاع المصرفي هو انعدام الثقة فيه.
وبين أن هذا نتيجة تحجيم قدرات المصارف بفعل القرارات والضوابط والقيود الرقابية الحكومية بالدرجة الأولى، والخارجية الدولية بالدرجة الثانية.
إضافة أن آليات العمل في المصارف قزمت وألغت العديد من الخدمات والتسهيلات المصرفية تحت ذرائع كثيرة منها، المخاطر والعقوبات والتي كانت محقة فيها في بداية الأزمة، لكن في العامين أو الثلاثة الأخيرة، لم يعد يوجد ما يبرر عدم اتخاذ آليات عمل متحررة ومفيدة.
وكمثال سمح مصرف سورية المركزي بمنح تسهيلات وقروض بمختلف أنواعها، لكن أين وكيف طبقت المصارف ذلك؟
يضيف المصرفي أدنوف إن كل ما يتم الحديث عنه هو للإعلام فقط، وغير مطبق على أرض الواقع، لأن الشروط التي تضعها المصارف يمكن وصفها بالتعجيزية، فمثلا يحسب مصرف عام راتب طالب القرض الذي يعمل في القطاع الخاص، والذي يتقاضى مئات الآلاف، على أساس راتبه المسجل في التأمينات الاجتماعية، والذي يقارب ١٠٠ ألف ليرة ويطلب تعهدا بالاقتطاع من جهة العمل الخاصة، وجميعنا يعلم أن ذلك مستحيل وهذا ما سيؤدي إلى تحييد ٨٠ % من عمال القطاع الخاص كزبائن محتملين للمصارف.
وفي هذا السياق ذكر الموظف الحكومي محمد لـ” هاشتاغ” أنه ذهب إلى أحد المصارف الخاصة للحصول على قرض يعينه في تدبر أمور حياته بعد أن سمع بإعلانات القروض.
وقال إنه فضل الاقتراض من المصرف الخاص هرباً من الروتين والتعقيدات الإدارية الموجودة في مصارف القطاع العام وما يرافقها من هدر للوقت ودفع “الحلوان” على أبسط معاملة يجب إجراؤها عند طلب القرض، لكنه تفاجأ بما طلبه منه المصرف الخاص مقابل منحه قرضا بقيمة خمسة ملايين ليرة، وهي وثيقة تأمين على الحياة لمدة خمس سنوات قيمتها مليون ونصف المليون ليرة، ناهيك عن الفوائد الكبيرة التي سيدفعها بعد أخذ القرض!
في السوق المصرفية ٢٠ مصرفاً منها ستة حكومية والباقي خاصة، والأخيرة منها تتنوع بين تقليدية أو إسلامية ، وحسب ما هو متوفر من أرقام يوجد في هذه المصارف ودائع بأرقام فلكية تتجاوز السبعة تريليونات ليرة حسب تقرير مصرف سورية المركزي عن عام ٢٠٢٠ لكن رغم كبر إمكانيات القطاع المصرفي، ظلت مساهماته في النشاط الاقتصادي محدودة، حيث تركزت في معظمها على تمويل نشاطات ريعية غير منتجة تزيد من الضغط على الليرة السورية من خلال المضاربات العقارية، وشراء السلع الكمالية دون أن نشهد خلال السنوات الثلاث الماضية أي نشاط استثماري لافت تموله المصارف.
وفي حال الاطلاع على القوائم المالية للمصارف الخاصة المتوافرة في إفصاحاتها الدورية والبيانات المنشورة في سوق دمشق للأوراق المالية نجد أن النسبة الأعلى من صافي أرباحها ناتج من إعادة تقييم موجوداتها التي تضاعفت قيمها بسبب التضخم “أرباح تقييم مركز القطع البنيوي” مقارنة بنسبة أقل من الأرباح التشغيلية..
وقدم المصرفي أدنوف بعض المقترحات لكي يكون للقطاع المصرفي دورا يعيد الثقة للمتعاملين معه منها: رفع القيود والإجراءات الرقابية غير المبررة ولا سيما قانون البيوع العقارية الذي فرض إيداع مبلغ عند شراء العقارات والقيود على السحب والإيداع التي دفعت الكثيرين للإحجام عن التعامل مع المصارف وكذلك موضوع تمويل المستوردات.
كما يجب إعادة دور المصرف المركزي كرئيس ومخطط للسياسات النقدية التي يجب أن تكون مفهومة الاتجاه والابتعاد عن دور القاضي المشرع للقوانين والملاحقات القانونية، هذا إضافة إلى خلق بيئة مصرفية تنافسية تمكن من إيجاد خدمات وتسهيلات مصرفية متطورة تعكس درجة نجاح تعكس درجة وجودة الإدارة والابتعاد عن القوانين والقرارات التي وضعت بفعل الأزمة.