كشفت وكالة “رويترز”، اليوم السبت، أنّ “إسرائيل” أبلغت عدّة دول عربية برغبتها في إقامة منطقة عازلة على الجانب الفلسطيني من حدود قطاع غزة بعد انتهاء الحرب بحجّة “منع أي هجمات مستقبلية”.
وبحسب مصادر للوكالة فإنّ “إسرائيل” ربطت خططها بجيرانها مصر والأردن إلى جانب الإمارات، مضيفةً أنّ السعودية التي لا تقيم علاقات مع “إسرائيل” والتي أوقفت عملية التطبيع بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي تمّ إبلاغها بذلك إضافة إلى تركيا.
ولم توضح المصادر لـ”رويترز” كيف وصلت المعلومات إلى الرياض التي لا تملك رسمياً قنوات اتصال مباشرة مع “إسرائيل”.
وقال مسؤول أمني إقليمي كبير، وهو أحد المصادر الثلاثة التي طلبت عدم الكشف عن جنسياتها “إسرائيل تُريد إقامة هذه المنطقة العازلة بين غزّة وإسرائيل شمالاً إلى الجنوب لمنع أيّ تسلل أو هجوم عليها من جانب حماس أو أيّ مسلحين آخرين”.
ولم ترد حكومات مصر والسعودية وقطر وتركيا على طلبات للتعليق لـ “رويترز” حتى الآن.. ولم يتسن الاتصال بمسؤولين أردنيين للتعليق.
كما لم يرد مسؤول إماراتي بشكلٍ مباشر عندما سئل عما إذا كانت أبوظبي قد أبلغت بشأن المنطقة العازلة.. لكنّه قال إنّ بلاده ستدعم أيّ ترتيباتٍ مستقبلية لمرحلة ما بعد الحرب تتفق عليها جميع الأطراف المعنية لتحقيق الاستقرار وإقامة دولة فلسطينية.
ورداً على سؤال حول فكرة إقامة منطقة عازلة، قال مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي للسياسة الخارجية، أوفير فولك في تصريحاتٍ لـ”رويترز” إنّ “الخطة تحمل تفاصيل أكثر من ذلك. إنّها تقوم على عملية من ثلاثة مستويات لليوم التالي (للقضاء على) حماس”.
وفي معرض توضيحه لموقف الحكومة الإسرائيلية، لفت إلى أنّ المستويات الثلاثة تشمل تدمير حماس ونزع سلاح غزة والقضاء على ما أسماه “التطرف” في القطاع.
وأضاف فولك أنّ “المنطقة العازلة قد تكون جزءاً من عملية نزع السلاح”. ورفض تقديم تفاصيل عندما سئل عما إذا كانت هذه الخطط قد أثيرت مع شركاء دوليين، منهم دول عربية.
وترفض دول عربية هدف “إسرائيل” المتمثّل في القضاء على حماس، واصفةً إيّاه بأنّه مستحيل، مؤكدةً أنّ الحركة الفلسطينية أكثر من مجرّد قوّة مسلّحة يمكن هزيمتها.
إخلاء قطاع غزة من سكانه
وأشارت حكومة الاحتلال في الأيام الأولى لانطلاق ملحمة “طوفان الأقصى” إلى أنها تدرس إقامة منطقة عازلة داخل غزة وتسعى إلى تفريغ القطاع من سكانه.. لكن المصادر قالت إنّها تعرض الآن على الدول العربية خطّة المنطقة العازلة في إطار خططها الأمنية المستقبلية لغزّة.
وانسحبت القوات الإسرائيلية من القطاع في عام 2005.
وقال مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن هويته إنّ “إسرائيل” طرحت فكرة المنطقة العازلة دون أن يحدد الجهة التي طرحتها عليها. لكن المسؤول أكّد مجدداً معارضة واشنطن لأيّ خطّة من شأنها تقليص مساحة الأراضي الفلسطينية.
وعبّرت الأردن ومصر ودول عربية أخرى عن مخاوفها من طرد “إسرائيل” للفلسطينيين من غزة في تكرار لمصادرة الأراضي من الفلسطينيين عند إعلان قيام “إسرائيل” عام 1948.
وقال مصدر أمني إسرائيلي كبير إنّ فكرة المنطقة العازلة “تجري دراستها”.
كما أضاف أنّه “ليس من الواضح في الوقت الحالي مدى عمقها (المنطقة العازلة) وما إذا كانت قد تصل إلى كيلومتر واحد أو كيلومترين أو مئات الأمتار (داخل غزة)”.
ومن شأن أيّ توغل في قطاع غزة الذي يبلغ طوله نحو 40 كيلومتراً تقريباً ويتراوح عرضه بين خمسة كيلومترات و12 كيلومتراً أنّ يؤدي إلى محاصرة سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في منطقة أصغر.
منطقة عازلة في شمالي القطاع
قال مصدران أمنيان مصريان لـ “رويترز” إنّ “إسرائيل” طرحت خلال محادثات الوساطة مع مصر وقطر فكرة نزع الأسلحة من شمالي غزة وإقامة منطقة عازلة هناك تحت إشرافٍ دولي.
وبينت المصادر بأنّ عدّة دول عربية تعارض ذلك. مضيفةً أنّ الدول العربية قد لا تعارض إقامة حاجز أمني بين الجانبين لكن الخلاف يدور حول موقع الحاجز.
وقال المصدران المصريان إنّ “إسرائيل” قالت خلال اجتماع في القاهرة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إنّ قادة حماس يجب أن يحاكموا دولياً مقابل وقف كامل لإطلاق النار.
ونقل المصدران عن وسطاء قولهم إنّه يجب تأجيل مناقشة هذه المسألة إلى ما بعد الحرب لتجنب عرقلة المحادثات المتعلقة بإطلاق سراح الأسرى.
ورفض مصدر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق على هذه التقارير. وأضاف “لقد حدد مجلس الحرب بقيادة نتنياهو المهام الحربية وهي تدمير حماس، وإعادة جميع المحتجزين، واستمرار (القتال) حتى إكمال مهامنا”.