هاشتاغ: ترجمة
كشفت وكالة “رويترز” أن روايات عشرات الشهود في دمشق تشير إلى انتشار العنف الطائفي في الأطراف الجنوبية للعاصمة السورية، على بُعد بضعة كيلومترات من القصر الرئاسي.
قال أحد السكان، الذي اختطف قريبه، مهندس الاتصالات إحسان زيدان، البالغ من العمر 48 عاما، على يد رجال ملثمين في الساعات الأولى من صباح 7 آذار/مارس: “في أي منزل علوي، كانوا يطرقون الباب ويأخذون الرجال من الداخل.
وأضاف: :اقتادوه لمجرد أنه علوي”.
ووفقا لـ “رويترز”، طلب جميع الشهود الذين تحدثوا إلى الوكالة عدم الكشف عن هويتهم خوفا من الانتقام.
ويُعرف حي القدم بأنه موطن للعديد من العائلات العلوية. وقال الشهود إن ما لا يقل عن 25 رجلا اختطفوا. وقد تأكد لاحقا مقتل ثمانية منهم على الأقل، وفقا لأقاربهم وجيرانهم، الذين قالوا إنهم إما شاهدوا صورا للجثث أو عثروا عليها قتلى في مكان قريب. ولم يُسمع عن بقية الرجال أي شيء.
ونقلت “رويترز” عن أربعة من الشهود أن بعض الرجال المسلحين الذين جاءوا إلى القدم عرّفوا عن أنفسهم بأنهم أعضاء في جهاز الأمن العام.
متحدث باسم وزارة الداخلية، التي يعمل تحتها جهاز الأمن العام، صرح لـ “رويترز” أن الجهاز “لم يستهدف العلويين بشكل مباشر. قوات الأمن تصادر الأسلحة من جميع الطوائف”.
وبحسب “رويترز”، لم يُجب المتحدث عن أسئلة أخرى، بما في ذلك سبب اعتقال رجال عُزّل مزعومين في هذه العمليات.
وقال ياسر فرحان، المتحدث باسم لجنة التحقيق في العنف الطائفي التي شكلها الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، إن عملها يقتصر جغرافيا على الساحل، ولذلك لم تُحقق في حالات في حي القدم. وأضاف لـ “رويترز”: “لكن قد تُجرى مداولات داخل اللجنة لاحقا لتوسيع نطاق عملنا”.
دورة الإفلات من العقاب
هبة زيادين، الباحثة في “هيومن رايتس ووتش”، دعت ردا على تقرير “رويترز”، إلى إجراء تحقيق شامل في المداهمات المزعومة.
وقالت: “العائلات تستحق إجابات، وعلى السلطات ضمان محاسبة المسؤولين، بغض النظر عن انتماءاتهم”. وأضافت: “إلى أن يحدث ذلك، ستستمر دائرة العنف والإفلات من العقاب”.
وأشارت “رويترز” إلى أربعة من الرجال الذين تأكدت وفاتهم في دمشق من نفس العائلة، وفقا لأحد أقاربهم الذي نجا من المداهمة بالاختباء في طابق علوي مع أطفال العائلة الصغار.
الضحايا هم: محسن محمود بدران، 77 عاما، وفادي محسن بدران، 41 عاما، وأيهم حسين بدران، 40 عاما، وُلد بإصبعين في يده اليمنى، وهو عيب خلقي منعه من الخدمة العسكرية، وصهرهم فراس محمد معروف، 45 عاما.
قال الشاهد، إن أقاربهم زاروا مستشفى المجتهد في وسط دمشق بحثا عن جثثهم، لكن الموظفين منعوهم من دخول المشرحة وأحالوهم إلى فرع جهاز الأمن العام في القدم.
وبحسب الشاهد، أطلعهم مسؤول هناك على صور على هاتفهم للرجال الأربعة وهم متوفون. وقال قريب الضحايا إنه لم يُعلن عن سبب الوفاة، ولم يتسن التأكد من الصور.
كما طلب المسؤول من العائلة استلام الجثث من مستشفى المجتهد، لكن العاملين هناك نفوا وجودها لديهم.
وقال قريب الضحايا لـ “رويترز”: “لم نتمكن من العثور عليهم، ونخشى سؤال أحد”.
من جهته، محمد حلبوني، مدير مستشفى المجتهد، أكد لـ “رويترز” أن أي جثث من حي القدم نُقلت مباشرة إلى قسم الطب الشرعي المجاور. وقال الموظفون هناك إنه ليس لديهم معلومات يُشاركونها.
ووفقا لـ “رويترز”، لم يُجب المتحدث باسم وزارة الداخلية على أسئلة حول ما إذا كانت القوات في مركز حي القدم على صلة بالوفيات.
كما عُثر على أربعة رجال آخرين اختُطفوا في الليلة نفسها في بستان قرب القدم، وعليهم آثار طلقات نارية تشير إلى أنهم قُتلوا “بطريقة الإعدام”، وفقا لساكنة أخرى، أخبرت “رويترز” أن عائلتها دفنت الجثث على عجل.
ولا يزال معظم المختطفين في عداد المفقودين. من بينهم الطالب الجامعي علي رستم، 25 عاما، ووالده تميم رستم، مدرس رياضيات متقاعد، 65 عاما، وفقا لما ذكره اثنان من أقاربه لـ “رويترز”. وقال أحدهما: “ليس لدينا أي دليل، ولا جثث، ولا معلومات”.
“كل ما أريده هو الرحيل”
قالت إحدى قريبات ربيع عقل، وهو ميكانيكي، إن عائلته استفسرت في مركز الشرطة المحلي وأجهزة أمنية أخرى، لكن قيل لها إنه لا توجد معلومات لديها عن مكان عقل.
وقالت هي والشهود الآخرون، إن لجنة تقصي الحقائق لم تتصل بهم.
وصرّح فرحان، المتحدث باسم اللجنة، للصحفيين يوم الثلاثاء أن أعضاء اللجنة أجروا مقابلات مع شهود في عدة مناطق ساحلية، وأن هناك مدينتين أخريين هناك لزيارتهما. ولم يذكر دمشق.
ونقلت “رويترز” عن جميع الشهود قولهم، إنهم شعروا بضغط لمغادرة حي القدم تحديدا لكونهم علويين. بعضهم فعل ذلك بالفعل.
قال أحد السكان الشباب إن مسلحين زاروا منزله عدة مرات في الأسابيع التي تلت الإطاحة بالأسد، مطالبين بإثبات ملكية العائلة للمنزل وعدم انتمائها لعائلة الأسد المخلوعة.
فرّ هو وعائلته منذ ذلك الحين، طالبين من جيرانهم السنة رعاية منزلهم.
وقال آخرون إنهم توقفوا عن الذهاب إلى العمل أو كانوا يتنقلون فقط في النهار لتجنب احتمال الاعتقال.
وقالت امرأة أخرى في الستينيات من عمرها إنها تتطلع إلى بيع منزلها في حي القدم بسبب المخاطر التي قد يتعرض لها زوجها أو أبناؤها. “بعد ما حدث، كل ما أريده هو مغادرة المنطقة”.
وبحسب الوكالة، بالرغم من إعلان الشرع حل جميع الجماعات المتمردة ودمجها المخطط له في وزارة الدفاع السورية المُعاد هيكلتها. لكن السيطرة الكاملة على الفصائل المختلفة، المتنافسة أحيانا، لا تزال بعيدة المنال.
المصدر: رويترز