هاشتاغ – يسرى ديب
بعدما تجاوز سعر عبوة زيت الزيتون المليون ليرة، قررت الحكومة السورية وقف تصديره، بهدف “تلبية احتياجات الأسواق المحلية” بأسعار منافسة، حسبما ورد في القرار الأخير .
قرار جاء وسط ارتفاع عالمي في أسعار الزيت، وزيادة الطلب عليه، وبعدما أقبل التجار بكثافة على استجرار كميات كبيرة من المنتجين الذين لا يعرف معظمهم تطورات أسعار المادة عالمياً.
كثير من المنتجين باعوا العبوة بنحو 200 ألف ليرة، وبعض الذين أجلوا البيع استطاعوا أن يبيعوا بسعر وصل إلى 500 ألف ليرة.
وكما حدث مرارا بخصوص تسويق المنتجات الزراعية، بقي المزارع هو آخر من قد يحقق عائداً من محصوله.
القرار الذي يحمل توقيعي رئيس اللجنة الاقتصادية، وزير الاقتصاد، إضافة إلى رئيس مجلس الوزراء.
يأتي استناداً إلى توصية اللجنة التي أوصت بتكليف وزارة الاقتصاد بإيقاف تصدير مادة زيت الزيتون بدءاً من مطلع الشهر القادم، وتنفيذ العقود المبرمة دون توقيع عقود جديدة.
هاشتاغ سأل مديرة مكتب تسويق الزيتون في وزارة الزراعة عبير جوهر عن رأيها في القرار بعد ارتفاع أسعار زيت الزيتون كثيراً.
فأكدت أن القرار أصبح ضرورة بعد ارتفاع الأسعار، وذلك لأن إنتاج الموسم القادم سيكون أقل.
وعن سبب ارتفاع الأسعار أكدت لهاشتاغ، أن هناك ارتفاعاً عالمياً للأسعار بعد تراجع إنتاج إيطاليا وإسبانيا من الزيت.
وبدأت الدولتان بالاستيراد لتغطية حاجة الأسواق التي تعتمد على إنتاجها.
ذلك الأمر أدى إلى زيادة الطلب على زيت الزيتون، حيث وصل سعر الكيلوغرام عالمياً بالجملة إلى 7.1 يورو.
وهذا يعني أنه إذا دفع التاجر المحلي 5 يورو مقابل الكيلوغرام الواحد، فسيحقق أرباحاً كبيرة ومضمونة.
وأشارت إلى أن هذه الأسعار المرتفعة وزيادة الطلب العالمي على الزيت، دفع التجار لاستجرار كميات كبيرة من الأسواق المحلية.
الكميات المصدرة..
وبينت جوهر أن الفائض في الموسم الماضي كان مقدراً بنحو 45 ألف طن، صُدر منها 21 ألف طن، وأن هنالك 25 ألف طن لم تصدر.
وعن أسواق التصدير قالت جوهر إن الزيت السوري يصدر بعبوة 16 كيلوغرام إلى دول وسيطة مثل تركيا ولبنان
ومنها تتم إعادة تعبئته ويصدر “دوكمة” ليذهب إلى الأسواق الأوربية، وأن الدول المنتجة تستورد حتى الزيت المنخفض الجودة والصناعي.
ومن ثم تقوم بتكريره في معاملها وتخلطه بزيت الزيتون البكر، ومن ثم تصدره للدول المستهلكة.
وبينت جوهر أن كميات الإنتاج المتوقعة لهذا الموسم في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة منخفضة، وأن إنتاج الساحل المتوقع لهذا العام لن يصل إلى نسبة 10% من إنتاج العام الماضي.
وأضافت أن إنتاج الموسم الماضي بلغ 990 ألف طن، نتج عنها 125 ألف طن من زيت الزيتون.
بينما تشير تقديرات الإنتاج للموسم القادم إلى أنه لن يتجاوز 711 ألف طن من الزيتون، ينتج عنها 91 ألف طن من الزيت.
وأشارت مديرة مكتب تسويق الزيتون في وزارة الزراعة إلى أن نصف الإنتاج لهذا العام سيكون في المناطق الواقعة خارج سيطرة الدولة كريف حلب وإدلب.
لن ينخفض..
وفيما إذا كان قرار وقف التصدير سيخفض السعر بينت جوهر أنه لن يخفضه كثيراً، إذ إن التجار اشتروا بسعر مرتفع ولن يرضخوا للخسارة، وسيتم تخزينه.
وعن حصة المنتجين من كل هذه الأسعار المرتفعة قالت جوهر إن من سمحت لهم إمكاناتهم بتخزين إنتاجهم من الزيت تمكنوا من البيع بأسعار مجزية.
في حين لم يستفد من تلك الأسعار من اضطر للبيع عقب الإنتاج مباشرة لتأمين تكاليف الإنتاج والمعيشة، وهم الأكثرية.
وأكدت جوهر أن تكاليف إنتاج صفيحة زيت الزيتون تضاعفت بسبب ارتفاع التكاليف من أسعار المحروقات من جهة، وأجور العمال والمعاصر من جهة ثانية، حيث لا تتوقع أن تقل أجرة العامل عن 50 ألف ليرة في اليوم.
ولفتت إلى أن دراسة التكاليف والوصول إلى رقم حقيقي ليس بالأمر السهل، لأن الأسعار تتغير كل يوم.
باعوا بأقل من التكلفة..
الخبير التنموي أكرم عفيف، يتحدث باسم الفلاحين والمنتجين، ويؤكد لهاشتاغ أن أغلب منتجي الزيتون باعوا إنتاجهم من الزيت بأسعار تتراوح بين 195- 250 ألف ليرة.
أي أن هنالك من اضطر للبيع دون سعر التكلفة، لأن كلفة إنتاج “بيدون” الزيت وصلت إلى 250 ألف ليرة.
وتساءل عفيف: أين “الكميات الهائلة” من الزيت التي تحدث عنها رئيس الحكومة؟ هل صُدرت كلها؟
ويجيب أن تلك الكميات لم تصدر على الأغلب، بل اشتراها التجار أصحاب الزيوت المهدرجة للمحافظة على السعر والتحكم فيه.
ويقدم عفيف دليلاً على ذلك بأنه عندما وصل سعر بيدون زيت الزيتون إلى 200 ألف ليرة، كان سعر لتر الزيت النباتي يتراوح بين 17 إلى 18 ألف ليرة، فهل يعقل أن يكون لتر زيت الزيتون أقل؟
ويقول إن ما يحصل في سوريا أسوأ أنواع الشراكات؛ شراكة المسؤول بالتاجر، فلماذا لم يتوقف التصدير عندما وصل البيدون إلى 500 ألف ليرة؟
بل حتى بعد صدور القرار، فإنهم يعطون التجار مهلة حتى نهاية الشهر لكي يصدروا ما خزّنوه من زيت الزيتون.
وبذلك، فإن من يدير الاقتصاد يعمل على تبديد السلعة التي تعد قوة الاقتصاد في الحرب، والأسوأ أن المنتج لم يستفِد منها.