هاشتاغ_رأي أيهم أسد
نشر جوزيف ستيغلتز، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد عام 2001، كتاباً بعنوان “اليورو: كيف تهدد العملة الموحدة مستقبل أوروبا” وذلك في عام 2016، مناقشاً فيه مخاطر العملة الموحدة على الاقتصادات الأوربية وقائلاً عبارته المشهورة “ليس من الضرورة أن تُصلب أوروبا على صليب اليورو” .
أتخيل لو أن جوزيف ستيغلتز كان اقتصادياً سورياً ورغب اليوم في نشر محتوى رقمي على صفحته الشخصية عن سعر صرف الليرة السورية، أو عن إخفاقات السياسة النقدية في سورية، أو عن فشل البنك المركزي في معالجة التضخم، عندها سيكون القضاء السوري قادراً على محاكتمه بموجب المادة (28) من قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، تلك المادة التي تقول حرفياً:
“يعاقب بالسجن المؤقت من أربع سنوات إلى خمس عشرة سنة وغرامة من خمسة ملايين ليرة سورية إلى عشرة ملايين ليرة سورية كل من أنشأ أو أدار موقعاً الكترونياً أو صفحة الكترونية أو نشر محتوى رقمياً على الشبكة بقصد إحداث التدني أو عدم الاستقرار أو زعزعة الثقة في أوراق النقد الوطنية أو أسعار صرفها المحددة في النشرات الرسمية”.
استخدم ستيغلتز فكره الاقتصادي وحلل مآخذ تطبيق أحد أقوى العملات العالمية على دول الاتحاد الأوربي دون أن يزعزع الثقة في أوراق النقد الأوربية، ودون أن يساهم في تخفيض سعر صرفها، ودون أن يؤدي ما قاله إلى التدني في قيمتها، فاليورو بقي يورو والاقتصاد الأوربي بقي قوياً.
والسبب في ذلك بسيط جداً: فعندما تكون السياسات الاقتصادية صحيحة وقوية لن يستطيع أحد زعزعة الثقة بها، ولن تستطيع صفحة الكترونية أن تؤثر على قيمة العملة الوطنية لو أن من يدير العملة الوطنية قوياً بما يكفي.
كأكاديمي وعضو هيئة تدريسية وبموجب المادة (95) من قانون تنظيم الجامعات، فإني أتمتع لدى ممارسة نشاطي العلمي والتدريسي بحرية التعبير وفق التقاليد الجامعية على أن ألتزم بمبادئ الموضوعية العلمية وأهداف الجامعات المنصوص عليها في قانون تنظيم الجامعات.
وبالتالي فإنني أستطيع أن أثبت لطلابي جميعاً وبلغة العلم والموضوعية العلمية أن الاقتصاد السوري لا يخضع لأي قانون من قوانين علم الاقتصاد، ولا ينطبق عليه أي نموذج اقتصادي، وليس له أية مرجعية فكرية، وأستطيع أن أثبت أن الأخطاء المتراكمة في السياسة الاقتصادية هي التي زعزعت الثقة بالعملة الوطنية، وأن الاقتصاد الضعيف لن يلد نقداً قوياً.
لكنني إن كتبت كل ذلك على صفحتي الشخصية سأحاكم بموجب المادة (28) من القانون (20)، فما هو هذا التناقض بين الحرية العلمية التي يمنحها لي قانون تنظيم الجامعات في قاعات التدريس، وبين الحرية العلمية التي يحرمها علي قانون الجرائم المعلوماتية في صفحتي الشخصية؟