انفجر الوضع، اليوم السبت، في سريلانكا بفرار رئيس البلاد جوتابايا راجاباسكا من مقر إقامته إثر اقتحامه من قبل آلاف المتظاهرين.
والسؤال الذي يطرح نفسه، ما الذي أدى إلى انفجار الأوضاع وهروب الرئيس؟.
فوضى وسياسة معقدة
منذ شهور تعيش سريلانكا على صفيح ساخن؛ بسبب أزمات يصفها مراقبون بـ”فوضى” اقتصادية وسياسية معقدة.
ودعا رئيس وزراء سريلانكا رانيل ويكرمسينج، لاجتماع عاجل، كما أكد أن اقتصاد بلاده المثقل بالديون “انهار” بعد أشهر من نقص الغذاء والوقود والكهرباء.
الاقتصاد والوضع عالمي
وتتمثل الأزمة الاقتصادية في سريلانكا بتأثرها بارتفاع أسعار النفط عالمياً.
إضافة إلى عدم قدرتها على تأمين القطع الأجنبي لشراء الوقود، على الرغم من أن الجزيرة الآسيوية تعاني من أزمة اقتصادية منذ سبعة عقود.
بينما تتمثل الأزمة السياسية في حكومة الرئيس راجاباسكا التي تواجه احتجاجات مند 9 نيسان/أبريل الماضي، بفشلها في إدارة البلاد وإخراجها من النفق المظلم.
كذلك لجوئها إلى إعلان الطوارئ بين الفينة والأخرى، وتشديد الأمن، وحجب مواقع التواصل.
كما أن سريلانكا بدأت تفقد، تدريجياً واحداً من أهم مصادرها في العملة الصعبة، والتي تمثلت في انخفاض تحويلات العمالة من الخارج؛ ما أثر سلباً على قدرة الدولة، التي يبلغ دينها الخارجي 51 مليار دولار.
ومن العوامل الأخرى التي أوصلت سريلانكا إلى أزمة اقتصادية حرجة، هي ما عانته البلاد على صعيد الزراعة والجفاف العام 2016.
علاوة عن ماسببته الحرب الأوكرانية من تأثير على اقتصاد دول العالم أجمع.
ويضاف إلى ذلك كله تداعيات جائحة كورونا العالمية على مجمل القطاعات الاقتصادية في سريلانكا التي يبلغ عدد سكانها نحو 22 مليون نسمة.
الرئيس و”أخوه”
في أيار/مايو الماضي، أعلن رئيس وزراء سريلانكا السابق ماهيندا راجاباكسا (شقيق الرئيس الحالي) استقالته بعد موجة احتجاجات، ليتم تعيين رانيل ويكرمسينج رئيساً للوزراء.
ويعيد مراقبون السبب الجوهري للأزمة السياسية في سريلانكا إلى تعيين راجاباكسا لشقيقه كرئيس للوزراء؛ الأمر الذي يرسخ حكم العائلة في تلك الجزيرة الآسيوية.
ويشغل تحالف يقوده راجاباكسا نحو 100 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 225، بينما تسيطر المعارضة على 58 مقعدا، وباقي الأعضاء مستقلون.
وسياسياً، تؤكد تقارير على خطورة دور الحكومة الشعبوية الحالية في هذه الفوضى السياسية، بالقول إنها راهنت على “الأغلبية السنهالية”، وهم أكبر مجموعة عرقية هندو-أوروبية في سريلانكا.
ويعدون السكان الأصليون بنسبة 75% من الشعب (حوالي 15 مليون)، وفشلها الفعلي في حل أزمات البلاد.
كما أن استخدام قوات الأمن النار وقنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين الذين يطالبون باستقالة راجاباكسا، يزيد من الاحتقان والغضب الشعبي لدى السكان.
الحكومة و”السرقة”
وتواجه الحكومة السريلانكية اتهامات بسرقة ملايين الدولارات، تلقتها الجزيرة بشكل مساعدات بعد كارثة “تسونامي” كانون الأول/ديسمبر 2004.
وأودت بحياة 31 ألف شخص على الأقل، حيث يُعتقد أن جزءاً كبيراً من التبرعات النقدية الأجنبية لصالح الناجين، استولى عليها سياسيون ومنهم ماهيندا راجاباكسا.
كما أن عدم نية الرئيس جوتابايا راجاباكسا مرات عدة بعدم التنحي، يزيد من حدة تصاعد الاحتجاجات والاعتصام أمام مقر إقامته منذ شهر تقريباً.
جدير بالذكر أن المدارس في سريلانكا كذلك تم إغلاقها، وطُلب من السكان العمل في المنازل، في أزمة كبيرة يعتبرها مراقبون بداية النهاية لحكم راجاباكسا.