هاشتاغ – حسن عيسى
حددت الحكومة السورية سعر شراء كيلو القمح من الفلاح بمبلغ 2300 ليرة فقط، رغم كون ذلك لا يغطي تكاليف الإنتاج الفعلية، بحسب تقديرات خبراء.
في الوقت ذاته، تدعي الحكومة أنها ما تزال تقدم الدعم للمواطن من خلال بيع الخبز بسعرٍ “رمزي”، ما يطرح جملة تساؤلاتٍ حول مصداقية ذلك الدعم.
سياسة التسعير لم تلقَ استحسان المعنيين بالأمر (الفلاح والمواطن)، كونها تفرض على الأول تكاليف إنتاجٍ لا تغطيها أسعار البيع، وتقدم للثاني خدماتٍ لا تدعمها بشكلٍ مباشر.
استقراء خطير!
الخبير الاقتصادي الدكتور “عمار يوسف” يشير في حديثه لـ “هاشتاغ” إلى خطورة هذا القرار، باعتباره سيؤدي إلى اعتكاف معظم المزارعين عن زراعة القمح.
وحذّر يوسف من أن هنالك إجماع عام لدى الكثير من الفلاحين على اتخاذ هذا القرار في الموسم القادم، لما في ذلك من خسائر كبيرة سيتحملونها.
ولفت يوسف إلى ضرورة تشجيع الفلاحين على زراعة القمح باعتباره محصول استراتيجي، المهم توفّره وليس سعره، من خلال تحديد سعر مبني على دراسات منطقية.
واعتبر يوسف أن المبرر الوحيد لهكذا قرارات هو عدم رغبة الحكومة في زراعة القمح مجدداً، والتوجّه نحو الاستيراد لمصلحة أشخاص معينين، بحسب قوله.
وأوضح يوسف أن كيلو القمح يكلّف الفلاح نحو 2600، دون احتساب جهده، في ظل عدم تقديم أي دعم حكومي لحوامل الطاقة ومستلزمات إنتاج هذا المحصول.
ورأى يوسف أنه كان من المفترض على القائمين على الدراسات والمعنيين بوضع الأسعار، تحديد سعر منطقي ومقبول للقمح يتمثّل بنحو 4000 ليرة كحد أدنى.
أزمة داخل أزمة سعر القمح
معظم الأراضي المزروعة في سهل عكار عانت هذا الموسم من قلة الأمطار، مما جعل السنابل قزميةً، بحسب ما أفاد به أبو محمد أحد فلاحي تلك المنطقة.
وأشار لـ “هاشتاغ” إلى أن الفلاح سيخرج “راس براس” مع موسمه، كون الأرباح التي سيحصل من بيع المحصول تكفي فقط لتغطية نفقات الحصاد والنقل والتذرية.
وذكر أبو محمد أن هذا الأمر فاقم معاناة الفلاحين، الذين كانوا يتأملون بإنتاجٍ وافر من التبن يعوّضون فيه الخسائر التي سببها السعر الجديد، بحسب تعبيره.
وفي هذا السياق، يرى الباحث الاقتصادي عمار يوسف أن أزمة في الثروة الحيوانية تلوح في الأفق أيضاً، وهي مرتبطة ارتباطاً تاماً بتسعير القمح.
وأوضح يوسف أن الفلاح الذي تعرّض للخسارة نتيجة السعر “البخس” للمحصول، سيتجه إلى رفع سعر التبن بشكل كبير، حتى يعوّض خسارته ويشعر بقيمة مجهوده.
وسيؤدي ذلك، بحسب يوسف، إلى تدهور جديد في الثروة الحيوانية نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف مجدداً، مما سيؤثر كذلك على الوضع الاقتصادي المتدهور أساساً.
سياسات مجحفة!
من جهةٍ أخرى، يرى المهندس الزراعي فاطر بلال أن سياسيات التسعير الحكومية باتت مجحفة جداً بحق الفلاحين، كونها تتسبب بعزوف الكثير منهم عن الزراعة.
وأشار بلال لـ “هاشتاغ” إلى أن مجرد التفكير في ذلك هو أمر “مرعب”، نظراً لما ستشهده البلاد من تراجعٍ كبيرٍ في الإنتاج، على حد قوله.
ومن وجهة نظر بلال، فإن هذه الإجراءات لا تعكس إطلاقاً السعي الحكومي لإعادة تدوير عجلة الاقتصاد، من باب دعم الإنتاج المحلي وتخفيض تكاليفه.