هاشتاغ-رأي- نضال الخضري
تقرير حالة سكان سوريا لعام 2020 الذي أصدرته وزارة الشؤون الاجتماعية يتحدث عن 22 مليون و 500 ألف نسمة.
والمسألة ليست في الرقم أو في الزمن الذي يتحدث عنه، على الأخص أن هذا العام (2020) شهد بداية الصراع الاقتصادي في سوريا.
فالأهم هنا هو حالة من الشتات السوري الذي يرافق أي إحصاء، أو حتى إعادة النظر بالكثير من المفاهيم والقيم التي تجمع هذا العدد وسط “اختناق” اقتصادي.
فالسوريون اليوم يشكلون صورة يمكن أن تصبح نمطا اجتماعيا خلال العقود القادمة.
هناك ملايين موزعة في سوريا تجاوزت عامل التحول الأساسي عندما وضعت جائحة كورونا العالم على عتبة جديدة.
وبعد ثلاثة أعوام يستطيع أي سوري تمييز واقعه الخاص، ليس فقط على صعيد أزمة بدأت عام 2011.
بل أيضا وفق مسار آخر قدم نموذجا لـ”حالة الإفقار” التي غيرت بالتأكيد البنية السكانية، ومن المفترض أن تضع ملامح لثقافة اجتماعية مختلفة حتى نستطيع تجاوز واقع كارثي.. ولكن هل نحن بالفعل ضمن حالة تحول ثقافي؟
كان من المفترض أن يبدل الحصار على الأقل من “رؤية الإنتاج” التي بقيت متشبثة بنا طوال سنوات الأزمة.
والمفارقة هنا أن المؤشرات الأولى ظهرت بشكل مبكر عندما بدأت الحرب تكسر سلاسل الإنتاج، فظهرت “أسواق الظل”
أو ربما البحث عن مجال هروب من الاعتراف بأننا نحتاج لـ”رؤية إنتاج” مختلفة، ولتجميع ممكنات مهملة وسط تبدل عنيف اجتاح المجتمع وفرض عليه قسوة غير مسبوقة.
في عام 2023 لا يمكننا اعتماد مؤشرات قديمة، وعلى الأخص أنها تنتمي لمرحلة “الصدام الاقتصادي”.
وفي نفس الوقت لا يمكننا إنكار أننا مازلنا نصارع الواقع بأدوات فقدت فاعليتها ليس في سوريا، بل ربما في العالم، فهناك نقطة أولى ربما علينا أن نعود إليها.
ونبحث في القدرات التي نملكها، وحتى في “منظومة القيم” التي مازالت تحكم نظرتنا للواقع،
فسوريا ليست في مجابهة اقتصادية على “المستوى الرسمي” بل أيضا على “المستوى الأخلاقي”؛ الذي يرتبط بطبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة، وبقدرتها على دعم أي رؤية جديدة للواقع.
هناك “إنسانية” تتصارع حولنا ليس على مستوى المواجهة الدولية التي تظهر في الحرب الأوكرانية.
بل أيضا على مسار آخر مرتبط بثورة “مفاهيم” متواكبة مع أشكال من “القفزات العلمية” التي تعيد ترتيب كل المساحات ابتداء من الثقافة وصولا إلى “المفاهيم الإنسانية” بذاتها.
في سوريا عام 2020 كنا واثقون أن نهاية العمليات العسكرية الكبرى سيرمم شيئا من شقاء سنوات الأزمة.
لكننا في الواقع دخلنا في مسار صراع آخر، تجلياته اقتصادية في سوريا، لكنه ضمن المستوى العام يتجاوز الواقع الاقتصادي لأنه يمس جوهر التفكير البشري.
ابتداء من الذكاء الصنعي ووصولا إلى “جمالية الكون” التي قدمها تلسكوب جيمس ويب.
عندما نريد النظر لأنفسنا وأدواتنا للخروج من الأزمة فعلينا معرفة أن العالم المتغير سيفرض دائما صياغات جديدة لثقافتنا ومفاهيمنا لنتعامل مع كل القسوة من حولنا.