الجمعة, ديسمبر 13, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةسوريا.. اعتياد الملفات

سوريا.. اعتياد الملفات

هاشتاغ_مازن بلال

عند كل طرح لمسألة ملف استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا يبرز سؤال حول موقع هذا الموضوع في مسألة حل الأزمة، وهو وفق مسار طرحه ينقل إلى نقاط المساومة التي تحاول بعض الأطراف الدولية التعامل معها، فهو ملف يتحرك على إيقاع الاشتباك سواء في زمن العملية العسكرية لإنهاء التواجد المسلح في دوما التي توقفت نتيجة الاتهامات باستخدام السلاح الكيميائي، أو بتعسر التفاوض السياسي الذي قاد في النهاية لمحاولة فتح آفاق علاقات بين الأطراف المتقاتلة، فهذا الملف المزمن يكشف طبيعة الأزمة السورية المتشابكة مع عدم القدرة على إنتاج شرق أوسط مستقر.

في عمق هذا الملف محاولة لإيجاد مساحة اشتباك دائمة مع منظومة إقليمية إشكالية، فاستقرار العلاقات وفق شكل ما قبل الأزمة لن يساعد العديد من الأطراف الدولية على اكتساب قوة داخل النظام الدولي القائم.

في المقابل فإن الطرح الروسي في كسر الحدة بين العواصم المتشابكة ينظر فقط إلى الأمن الإقليمي، وهو حالة شائكة لا يمكن حلها بتوازنات عادية أو بدبلوماسية محاصرة التوترات كما تفعل موسكو في مبادراتها، فهي طرحت منذ بداية الأزمة فكرة لقاء إقليمي بين دول المنطقة لمحاربة الإرهاب، وطرحها على وزير الخارجية الراحل وليد المعلم.

هناك إشكالية حقيقية في الأزمة السورية في أن الحلول الدولية القائمة على تساوي الأطراف، وعدم وجود منتصر على المستويين السياسي والعسكري، لا ترضي أي طرف بمن فيهم عواصم اتخاذ القرار في أوروبا وأمريكا، لأن النموذج السوري لا يمكن أن يشكل حالة دولية عادية، فهو “مفصل” لتبدل التوازنات ولالتقاء السياسات من الشرق والغرب، ويكون ديناميكية خلق التوازنات لتثبيت الاستقرار، وهذا الأمر يستند لأمرين:

– أن سوريا جغرافية فاصلة بين الطاقة الإيرانية الصاعدة منذ الثورة الإسلامية، والنظام الدولي اقتصاديا وسياسيا الذي مازال حتى اللحظة محكوم بمنظومة أمريكية، وهي أيضا نقطة التقاء بين التوجهات الإقليمية المتصادمة ما بين الرياض وطهران وأنقرة.

ضمن الآلية السابقة تحول الاضطراب بشكل مباشر إلى صراع بين تلك العواصم، وهو لا يتطلب فقط تغيير الشكل السياسي السوري، بل يحمل رهانات على تبدل النظم السياسية بعينها مثل إيران أو تركيا أو حتى روسيا أيضا.

– الأمر الثاني يرتبط بالحدود الفاصلة بين إسرائيل” ومحيطها بشكل عام، وهو يعني بشكل أو بآخر أن كل أشكال التطبيع لا يمكن أن تُعبر عن “عملية السلام” إذا لم ينتهِ الجناح الشرقي للصراع عبر سورية، فإذا كانت مصر أول من كسر القاعدة في الموضوع الفلسطيني، فإنه “سلام” أعرج إن صح التعبير طالما أن دمشق بقيت خارج إطار العملية السياسية.

الأمن الإقليمي والتوازن الدولي في شرقي المتوسط هو معضلة سورية بامتياز، وهذا الأمر يفرض بالدرجة الأولى إنهاء الأزمة لصالح طرف دون آخر، وملف الكيميائي هو التعبير على أن الحل الذي يقبل فيه أي طرف هو كسر إرادة لأطراف دولية وإقليمية، وأن هذا الاتهام هو استراتيجية لبعض الأطراف، وعند فهم كل التعقيد حول حل الأزمة سيتبين ضرورة اعتراف الجميع بأن التوافق السوري ربما سيكون في النهاية ضد مصالح كافة الأطراف الدولية والإقليمية.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة