هاشتاغ-نور قاسم
بالتزامن مع تزايد نسبة الاحتشاءات القلبية التي تحدث عنها العديد من الأطباء، يشتكي بعض المرضى وذويهم من استغلال بعض المستشفيات الخاصة لوضع المريض، عبر دفعه لإجراء القسطرة القلبية بالرغم من وجود حالات ليست بحاجة إلى هذا الإجراء .
يجري ذلك في ظل تعطّل أجهزة القسطرة القلبية في أهم المستشفيات الحكومية، ومنها مستشفى المواساة على سبيل المثال، ما يؤدي إلى عدم قدرة الممستشفيات العامة الأخرى على استقبال كل الحالات التي تحتاج إلى القساطر القلبية وبروز ظاهرة السمسرة إلى الواجهة.
ووفقا لشهادات أهالي مرضى وعاملين ضمن المستشفيات، يلجأ بعض أطباء القلب للاتفاق مع عدد من الكوادر الإسعافية، سواء أكانوا في المستشفيات الخاصة أو العامة لإقناع مريض احتشاء القلب بضرورة إجراء القسطرة القلبية عند طبيب معين ليحصل المُسعِف على نسبة معينة من هذا الطبيب لقاء استجرار المَرضى إليه .
سمسرة
يقول طبيب رفض الكشف عن اسمه إنه في حال وصلت إلى المستشفى حالة لمريض احتشاء قلبي ولوحظ أنه مقتدر مادياً أو عبّر عن استعداده لأي إجراء علاجي لقاء شفائه، يبادر المسعِف إلى توجيهه مباشرةً إلى الطبيب المختص في إحدى المشافي الخاصة لعلاجه وإجراء ما يلزم له من القسطرة وخلافه.
يسبق ذلك تمهيد للمريض بمدى براعة الطبيب دونا عن غيره، وقدرته على إجراء القسطرة بسهولة وشفاء المريض السريع، فيقتنع المريض مباشرةً بسبب الإيحاءات التي ييمارسها المسعف بأن حالته إما حياة أو موت وأن الانتظار يمكن أن يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها.
وأشار الطبيب إلى أن القسطرة نوعين؛ تشخيصية وتصل كلفتها في المستشفيات الخاصة ما بين سبعمائة ألف ليرة أو المليون ليرة، وأما الأُخرى فهي عندما يحتاج المريض إلى تركيب الشبكات فحينها يضاف إليها تكاليف أخرى حسب نوع الشبكة و يمكن أن تصل إلى أربعة ملايين وربما أكثر حسب الوضع حينها، وتبعا للطبيب المعالج والمشفى الخاص أيضاً .
خطأ الإصرار على القسطرة
معاون المدير العام للشؤون الطبية في مشفى الباسل للجراحة القلبية بدمشق، الدكتور أحمد العايد، قال في تصريح خاص لـ”هاشتاغ” إنه من الخطأ العلمي الكبير إخضاع كل شخص تعرض إلى الاحتشاء للقسطرة القلبية مباشرةً، حيث يوجد الكثير من الحالات التي يمكن علاجها من خلال الأدوية الحالّة للخثرة، وفائدتها وفعّاليتها مثل القسطرة تماماً أثناء فتح الشريان في حال تم تشخيص وجود الجلطة .
وطرح العايد مثالاً بأنه في أوروبا يوجد برتوكول متبّع لحالات الاحتشاء للمناطق البعيدة عن المشافي في الأرياف بتطبيق العلاج الدوائي الحالّ للخثرة مباشرةً، ومن ثم يتم النظر إلى حالته فيما إذا كان بحاجة لتطبيق القسطرة القلبية أو لا داعي للأمر، مشيراً إلى إغفال بعض الأطباء لهذا الأمر بالرغم من أنه بروتوكول معتمَد في الاتحاد الأوروبي .
وبيّن العايد أن البروتوكول المتبع في مشفى الباسل بدمشق هو إجراء القسطرة القلبية بعد استنفاذ الطرق العلاجية البديلة الدوائية، وفي حال تطلب الأمر للقسطرة الإسعافية فتتم مباشرةً.
وكشف العايد أن من هم بحاجة فعلياً إلى القسطرة من المصابين بالاحتشاءات القلبية لا تتجاوز نسبتهم الـ10 بالمئة، موضحا أن استخدام القسطرة ليس خاطئاً من الناحية العلاجية ولكن الخطأ الإصرار عليه بشكل كبير من قِبل عدد من الأطباء بالرغم من وجود بدائل أخرى أقل كلفة على المريض.
تعطل الأجهزة الطبية
في الطرف المقابل تعاني المستشفيات العامة في سوريا من تعطل في الأجهزة الطبية أو فقدان قطع أساسية ليعاود الجهاز عمله، ولكن المبررات جاهزة وهي إلصاق الأمر بالحصار والعقوبات، بالرغم من أن قانون قيصر في واقع الأمر لا يتضمن منع الدولة المحاصَرة من المستلزمات الطبية.
وفي مشفى المواساة على سبيل المثال الذي يعاني كغيره من المستشفيات الحكومية، من تعطل عدد من الأجهزة المهمة لإجراء الفحوصات أو العلاجات للمَرضى، بما فيها جهاز القسطرة القلبية المعطّل عن العمل فيه منذ حوالي خمسة سنوات .
المدير العام لمستشفى المواساة، الدكتور عصام الأمين قال في تصريح لـ”هاشتاغ” إن جهاز القسطرة القلبية يحتوي داخله على “التيوب”، و هذا الجزء له عمر محدد، ويمكن أن يخدِم عشرة آلاف مريض، ولكن هذه القطعة بحاجة إلى التبديل بشكل دوري.
وأشار الأمين إلى الحصار الذي يحول دون إمكانية استجرار قطع الغَيار. لافتا إلى أنه سابقاً تم رفع عدة طلبات للمناقصات على الجهاز ولكن دون جدوى إلى أن تقدم أحدهم على المناقصة ورسيت عليه، غير أنه عند التنفيذ نَكل ولم ينفذ، ومن ثم أجريت مناقصة أخرى وتقدم آخر لاستجراره ولكنه نَكَل أيضاً عند التنفيذ، وتم رفع دعوى قضائية على الجهتين اللتين أخلتا بوعودهما، وفي حال رست المناقصة على آخر فتصبح الجهة التي لم تنفذ ملزمة بالتسديد لهذا الآخر الذي رست عليه المناقصة .
اختلاف سعر الصرف
ثمّة آراء تقول بأن الشركة أو الشخص الذي يتقدم لمناقصة استجرار الأجهزة الطبية يقع في مطبات اختلاف سعر الصرف الرسمي عن غير الرسمي، فالمستورد سيستجر أي جهاز أو أي شيء آخر بالسعر غير الرسمي وتالياً سيعدّها خسارة بالنسبة إليه .
وعلق الدكتور عصام الأمين على هذا الموضوع بأن المستشفيات غير مسؤولة عن هذه التبريرات، والشركة التي أبرمت العقد على عِلم مسبَق بهذه الإشكالية بالنسبة لسعر الصرف، فالالتزام بالعقد لا بد منه بغض النظر عن أي شيء آخر، والإخلال فيه يؤدي إلى أضرار بإطالة الفترة الزمنية للحصول على الجهاز وتالياً الارتفاع في سعر الصرف وازدياد سعر الجهاز إلى الضعف أو أكثر .
آراء عديدة بالمقابل، تحمّل الحكومة مسؤولية التقاعس عن إيجاد الحلول لموضوع فارق سعر الصرف الذي يقف عائقا أمام استجرار الأجهزة الطبية، وإهمالها لموضوع بهذه الأهمية، عبر إيجاد حلول فعلية لقضية الأجهزة المعطلة في المستشفيات العامة .