الإثنين, أكتوبر 21, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةسوريا والسياسة الخليجية

سوريا والسياسة الخليجية

هاشتاغ-مازن بلال

تقدم زيارة الرئيس السوري لدولة الإمارات صورة غير مكتملة للنظام العربي بعد أحداث ما سمي “الربيع العربي”، فدمشق تظهر فوق مجموعة التناقضات العربية المستمرة لأكثر من عقد، فيبدو من خلف التصادم الذي بدأ في 2011 ملامح سياسات إقليمية يصعب مقاربتها مع القواعد الصارمة التي اعتدناها سابقا، وعن تصنيف النظام العربي إلى محورين: معتدل ومقاوم، أو حتى التفكير بـ”مسألة المحاور” التي جمعت قبل أكثر من ثلاقة عقود بين دمشق والرياض والقاهرة.

ربما لا تطرح بعض العلاقات الخليجية انفتاحا تجاه دمشق يكسر ما تم فرضه عليها بعد تعلق عضويتها في الجامعة، فعُمان والإمارات لم تشاركا بفعالية بالحرب السورية التي غدت في إحدى مراحلها تنافسا على الأدوار الإقليمية، فالدولتين التزمتا فقط بقرارات الجامعة العربية، ورغم ذلك فإن ما حدث خلال الشهرين الماضيين يطرح مؤشرين يتجاوزان مسألة الانفتاح على دمشق؛ لأنهما يرتبطان بمستقبل شرقي المتوسط والنظام العربي عموما، ويبدو المؤشر الأول في أن العلاقات التي تظهر اليوم تحاول التحرر من “التصورات” السياسية المسبقة، وتسعى لفتح نافذة عالم “متوتر” ويصعب تخمين صورته النهائية بعد الحرب الأوكرانية.

المؤشر الثاني يلامس الموضوع السوري أكثر ولكن على قاعدة “جيوسياسية” إن صح التعبير، فضمانات الاستقرار الإقليمي تتجاوز موضوع القرب والبعد عن الصراع القائم، ومهما بدا الاستقرار في الخليج عميقا؛ لكنه في المقابل سيتأثر في لحظات التوترات الكبرى، وسوريا التي غدت منطقة صراع الدولي ربما ستؤثر في النهاية على مستقبل المنطقة، خصوصا مع حالة تصعيد دائمة بين روسيا والولايات المتحدة وكلاهما يملك قواعد على الأرض السورية.

عمليا فإن تبريد الأجواء الذي نشهده اليوم ليس نهاية للأزمة السورية إنما خلق مناخ قادر على إحداث تغيرات، ويمكن قراءة هذا التبريد بثلاث أمور أساسية:

الأول هو رؤية العالم يتحول إلى الطاقة البديلة الذي سيهدد مراكز القوة الاقتصادي لروسيا على سبيل المثال، ومسائل الطاقة المتجددة ليست أمرا بيئيا إنما سياسيا بامتياز؛ فهي حصار عبر التفوق العلمي على التشكيلات الاقتصادية المعتمدة على توريد الوقود الإحفوري.

الأمر الثاني يتعلق بالزمن الذي تريده بعض الدول كي تمتلك القدرة على المبادرة في ظل عالم يتحول نحو بدائل للطاقة تضغط على أكبر الموردين مثل روسيا وعلى أكبر المستهلكين كالصين، فتبريد الأجواء إقليميا يدخل ضمن هذا الشكل الذي سنعتاد عليه بعيدا عن المحاور السياسية التقليدية.

أخيرا فإن الحرب الأوكرانية كانت لها مدلول إقليمي يتعلق بمفهوم الاستقرار، فالتصعيد الذي وصل بالجميع إلى حرب متعددة المستويات يطرح مسألة الاستقرار بشكل مختلف، فالبحث اليوم عن أمن الشرق الأوسط أصبح مهمة غير مرتبطة فقط بالحرب العربية – الإسرائيلية ولا حتى بالتنافس السعودي – الإيراني، فنحن اليوم شكل معقد من الصراعات التي تبدأ بسوريا وربما لا تنتهي باليمن.

صورة شرقي المتوسط اليوم تظهر بالهامش العريض المتاج للتحرك الدبلوماسي الذي برز في العلاقات السعودية – الإيرانية واستمر بعد فتح بوابات مع دمشق، فالحروب خلال عقد من الزمن كانت درسا قاسيا للجميع، رغم أن سوريا ذاقت قسوتها أكثر من الجميع، لكننا اليوم أمام ملامح سياسية تحتاج إلى تعميق لضمان استقرار رغم التصعيد الدولي.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة