هاشتاغ – رأي – مازن بلال
تعبر عودة “الملف السوري” إلى مجلس الأمن من بوابة المساعدات الإنسانية عن تعثر في قراءة الأزمة، وإيحاد آلية أكثر فاعلية لجعل هذا الملف قابلا للحل خلال وقت قريب، فقرارات الأمم المتحدة والمؤتمرات الدولية أوجدت فعليا خطوط فصل في حل الأزمة، فهي لا تقدم سوى إمكانية خلق توازن على مستوى الصراع الإقليمي.
وبالرغم من رهان الكثير من القوى السياسية على القرار 2254، إلا أنه وفق الواقع السياسي الإقليمي والدولي من شأنه إدخال سورية في اضطراب التوازن والصدام السياسي الداخلي.
خلقت الأزمة السورية ديناميكيات على مستوى القوى السياسية، فهي أوجدت هياكل سياسية متنوعة تبعا لتورط بعض الدول في النزاع، ويكفي التقسيم الأولي الذي ظهر في البداية مثل منصة موسكو والقاهرة وحتى “ائتلاف قوى المعارضة” الذي تأسس في قطر؛ لينقل صورة عن الهياكل السياسية الناشئة التي تطورت لاحقا فانتهى بعضها أو ظهرت هياكل جديدة، ولكن الصورة الأساسية لتطبيق القرار سيؤدي عمليا لتثبيت نفوذ سياسي إقليمي ودولي ضمن السياسة الداخلية.
التعثر الذي نشهده اليوم لا يرتبط فقط في “اللجنة الدستورية” وعجزها عن تثبيت جدول أعمال، بل أيضا في تكوين الملف الإنساني والمساعدات التي ستنقل إلى سورية، فالخلاف الأمريكي – الروسي كان دائما حول المعابر وهو ما يعكس نوعية اهتمام كل طرف، بينما يتم عبر المساعدات توطين العجز الاقتصادي وحتى السياسي، فالجغرافية السورية وفق واقعها الحالي لا يمكنها بناء السلام والاستقرار وفق التفكير السائد في طبيعة الحل القادم.
عملياً، فإن الرهان على القرار 2254 يحتاج إلى “قوى حية” غير متوفرة حتى اللحظة ضمن مساحة السياسة السورية، وهي قوى يمكن إدخالها في العملية السياسية بعيدا عن الرهانات الإقليمية بالدرجة الأولى، والسؤال الذي يظهر عن إمكانية ظهور مثل هذه القوى يرتبط بعاملين:
الأول؛ هو طبيعة استجابة المجتمع السوري لأزمته الاقتصادية، لأن ظهور قوى الإنتاج سيحدد عملياً اتجاهات السياسة ليس ضمن شريحة واحدة بل حتى أيضا في السياسة الرسمية.
الاستجابة المجتمعية ماتزال ضمن إطار تحميل مؤسسات الدولة المسؤولية عن الأزمة الخانقة وهو أمر طبيعي، لكن الضغط الاقتصادي لم يحمل معه تحول التفكير نحو عملية الإنتاج والانسجام مع المتطلبات الاقتصادية الحالية، ورغم أن الكثير من الاتهامات تتجه نحو الدولة لعدم رغبتها في خلق شراكة مجتمعية، إلا أن جوهر الأمر هو البحث عن “أسلوب الحياة” لتجاوز الأزمة وليس بحجز مساحات شراكة فقط.
الثاني؛ خلق حالة قطع مع نمط الحياة لما قبل الأزمة، فما قبل 2011 ليس هدفا أو حلما سياسيا أو اقتصاديا، وما يمكن أن تشهده سورية يحمل معه احتمالات أكثر تنوعا من كل مراحل تاريخها خلال القرن العشرين.
السياسات الدولية متعثرة تجاه “الملف السوري”، والتحول نحو الملف الإنساني هو في النهاية تصور لتجاوز الزمن فقط بانتظار متغيرات جديدة، فالأزمة السورية تحتاج لدفع داخلي، ومهما كانت المآخذ على القرار 2254 إلا أن البيئة السياسية السورية هي العلة الأساسية، وليس فقط المنطق الذي قام عليه القرار.