تعاني سورية منذ بداية الحرب (أي منذ عشر سنوات) من واقع كهربائي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، فرغم عودة مساحات شاسعة من الأراضي السورية لسيطرة الدولة، ورغم ما أُعلن عنه مراراً وتكراراً باحتياطيات غازية كبيرة التي كانت من أهم أسباب الحرب على سورية، غير واقع التيار الكهرباء لم يتحسن كما هو حال عودة الأراضي والاكتشافات الغازية، حيث تجاوز انقطاع التيار الكهربائي 15 ساعة يومياً، وفي بعض المناطق قد تصل الانقطاعات إلى 24 ساعة.
ومع ذلك، ما زالت أصابع الاتهام الرسمية تشير إلى “الحصار الاقتصادي الجائر” باعتباره الجاني الوحيد لما وصل إليه واقع الكهرباء في سورية، حيث أكد غسان الزامل، وزير الكهرباء السوري، في لقائه الصحفي في 27 كانون الثاني بأن “الحصار الاقتصادي الجائر و”قانون قيصر” أثّرا على استيراد القطع اللازمة لإعادة تأهيل محطات التوليد.
لكن ما لم نسمعه من وزير الكهرباء الحالي والسابق، هو لماذا لم تتخذ سياسات وإجراءات من شأنها الحد من تكاليف هذا الحصار، خاصة أن الحصار ليس بجديد وأن جميع العقوبات الدولية ذكرت صراحة “قطاع الطاقة” والمنتجات النفطية كأحد “التابوهات” التي لا يجوز تحسينها أو تأمينها لصالح سورية.
ولماذا لم تفكر وزارة الكهرباء خلال (عشر سنوات حرب) خارج صندوق سياسات وإجراءات عفى عليها الزمن، التي لا تتعدى مفهوم الإصلاح والصيانة والتأهيل وتأمين الوقود.
أين السياسات الداعمة لتوليد الطاقة الكهربائية عبر مصادر الطاقة المتجددة، خاصة أن سورية وقعت رسمياً على اتفاقية باريس حول المناخ في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2017؟!
لقد أظهرت دراسة حديثة بعنوان “رؤية الطاقة لسورية 2035” منشور في مجلة الفيزياء لباحثَين من جامعة سانت بطرسبيرغ، أن سورية تمتلك إمكانات هائلة من الطاقات المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بالدرجة الأولى)، حيث أشارت التقديرات إلى أن الإمكانات التقنية لتوليد الكهرباء في سورية تبلغ 490 تيراواط ساعي سنوياً، وهو ما يتجاوز الحد الأقصى لاستهلاك الكهرباء بنحو 12 مرة.
بالتالي فإن الاعتماد المتزايد على الطاقة المتجددة يؤدي إلى استقرار وكفاءة أكبر في إمدادات الطاقة، وأن استغلال هذه المصادر يمكن أن يحل مشاكل الطاقة في سورية.
وفقاً لوزير الكهرباء السوري، فإن كميات الكهرباء المنتجة في سورية تتراوح بين 2700 و3000 ميغا واط موزعة بين 1000 ميغا واط معفاة من التقنين مخصصة للمطاحن ومضخات المياه والمشافي و1700 ميغا واط توزع على المحافظات حسب استهلاك كل محافظة.
علماً أن إنتاج سورية من الكهرباء في العام 2019 بلغ 28 مليار ك. و. س، وما زال توليد الكهرباء يعتمد بشكل أساسي على الغاز والديزل حيث تجاوزت حصتهما 71.6% من إجمالي الإنتاج، 53.4% من الإنتاج يستهلك للإنارة و17.1% للصناعة، أما الطاقة المفقودة والاستهلاك الذاتي يشكل 29.2%، و0.3% طاقة مصدرة.