الأربعاء, مارس 12, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

سياسات وآمال

هاشتاغ _ مازن بلال

شغل لقاء وزراء دفاع روسيا وسوريا وتركيا الاهتمام على الأخص أنه جاء مع نهاية عام؛ شهد الكثير من المحاولات الدبلوماسية لكسر “القواعد” السياسية التي حكمت الأزمة السورية منذ بدء تصاعدها، فاللقاء بذاته كون شكلا من تركيب التكهنات وربما رسم مشهد إقليمي يحمل معه أشكال توازن جديدة.

ورغم أن التصريحات التركية لم تحمل معها الكثير من الاحتمالات، لكن التفاؤل حكم التفكير بحلول للأزمة التي تجاوزت عقدا من الزمن.

عمليا فإن تعقيد الأزمة السورية ربما يضعنا أمام رؤية مختلفة لا ترتبط فقط بمواقف الأطراف البعيدة عن لقاء وزراء الدفاع، فهناك واقع خلفته الحرب يتجاوز الأمور التي يمكن أن تفرضها المصلحة التركية على سبيل المثال في التطبيع مع دمشق، والصراع الذي دفع حالة الانقسام الإقليمي إلى أقصاها لا تقف فقط على إرادات سياسية عليا، فهناك أيضا صورة إقليمية تبدلت بالكامل، وشكل سوري داخلي يفترض على الأقل النظر في أمرين أساسيين:

الأول في نوعية “الجبهة المعادية” لسوريا التي كونت على امتداد السنوات طبيعة علاقات ومصالح تحتاج للمعالجة، وهذا الشكل من “المصالح” ربطته الأمم المتحدة عبر قرار مجلس الأمن 2254.

يفترض القرار بذاته إعادة تشكيل التوازن السوري عبر ما أطلق عليه “المرحلة الانتقالية”، وتأكيد التصريحات التركية على هذا القرار الذي يبدو نوعا من التطمين للجهات الدولية، لكن في النهاية فالتوازن لم يعد يحمل أقطابا سياسية، أو أجنحة على مستوى المعارضة تشكل قوى حتى ولو كانت دون ركائز سياسية، فالمرحلة الانتقالية التي تشكل نقطة الارتكاز بالنسبة للمتحمسين لقرار مجلس الأمن 2254، تظهر ضمن حالة غائمة مع وجود طرف متحكم على المستوى الداخلي وهو ما سيعطي أرجحية للحكومة السورية.

الثاني حالة التخلي للعديد من الأطراف العربية عن محاولة امتلاك أوراق داخل الأزمة، فبعد عام 2012 كان واضحا أن هناك تأثيرات تصل إلى حد الصراع بين القوى الداعمة للفصائل السياسية والعسكرية في سوريا.

عملية التخلي لا تعكس حالة رضى عن أي حل للأزمة، فالحرب السورية تحولت مع الدخول الروسي إلى شكل مختلف ليس مكلفا فقط، بل يقفز فوق الاعتبارات الإقليمية، لكن أي حل سياسي أصبح يحمل معه طرفا عربيا ليس لمنح المشروعية للحل بل لضمان التوازن الإقليمي لهذا الحل.

ما يحدث حاليا أن الأزمة الاقتصادية الحادة يمكن النظر إليها من زاوية استنزاف “الطرف الرسمي” في أي احتمال للدخول في “المرحلة الانتقالية”، فهناك نوع من بناء مشهد سياسي من خلال الأزمة الاقتصادية يتيح لبعض الأطراف حتى ولو كانت صغيرة أو ضعيفة للدخول في مسألة التنافس السياسي، وهنا يمكن الحديث عن احتمال عودة بعض الأطراف العربية ولكن من زاوية دفع العمل السياسي عبر قوى سورية داخلية ضعيفة، لكنها قادرة على التعامل مع برامج سياسية عربية مختلفة استراتيجيا مع التوجهات السورية الحالية.

لا يمكن اعتبار اللقاء الذي سعت إليه موسكو عبر جمع وزراء الدفاع بداية محدودة الاحتمالات، فهي بالنسبة للمصلحة السورية “تحفيز” سياسي للقدرة على امتلاك مركزية الدور السوري من جديد، فالإنهاك الاقتصادي هو في نفس الوقت سعي لإفراغ سياسي يتيح ظهور نظام إقليمي مرن، وهذا الشكل لن يتيح الخروج من الأزمة الاقتصادية بشكل فعال لأنه سيعيد رسم سوريا كجغرافية للضغط على كل العلاقات في شرقي المتوسط.

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة