الخميس, أبريل 24, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارسيناريوهات دولية وإقليمية لسوريا

سيناريوهات دولية وإقليمية لسوريا

  • مازن بلال

 مع صورة مؤتمر الحوار الوطني الذي يقدم شكلا هشا بغياب المكونات السياسية، فإن السيناريوهات تبدو أكثر خطورة خصوصا مع تصريحات رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو بشأن مناطق الجنوب، فالحوار الوطني خطوة حملت معها أحلاما عريضة لشرعية جديدة لكنه حتى ولو ظهر وفق أعلى المعايير؛ لكنه يقف على أرضية مهتزة بغياب مقومات الوجود السوري.

في الحالة السورية هناك مساحة أوهام ظهرت مع غياب “البيئة السياسية”، فالحفاظ على “وحدة الأراضي السورية” التي تظهر في البيانات الدولية هو في النهاية لا يمكن أن تقوم على نيات يتم تجميعها عالميا، فطريقة إدارة الأزمة داخليا معنية بالدرجة الأولى بهذا الموضوع؛ ابتداء من الخطاب السياسي وانتهاء بالسلوك اليومي الذي يعتمد على الواقعية وليس على استقطاب العالم بتغذية سلوك الاستهلاك بفتح الأسواق، فمنذ رحيل سلطة البعث ظهر فراغ سياسي خطر نتيجة عاملين:

الأول سحق قوة الدولة التي تم بناؤها منذ الاستقلال وليس فقط في زمن البعث، و”إسرائيل” تكفلت بالجزء الأكبر من هذه المهمة بتدمير البنى التحتية للدولة تدميرا ممنهجا منذ اليوم الأول لرحيل النظام السابق.

ما تبقى من قوة الدولة يصعب زجه في أي قضية تتعلق بوحدة وسلامة الأرض السورية، وبات من المستحيل التعبير عن “السيادة السورية” تعبيرا واقعيا مع غياب القوة الفيزيائية لأي شرعية جديدة، فالتأسيس الجديد لسوريا ظهر منذ اليوم الأول لتسلم حكومة الإنقاذ تسلما غير واضح ولا يشير إلى دولة قادرة على فرض إرادتها من أجل سلامة أراضيها، وهذا جعل “إسرائيل” ترسم مساحة نفوذها الجديد، ومن المتوقع أن تتعامل دول المنطقة كلها بالآلية نفسها.

الثاني طريقة تعامل الإدارة الجديدة التي غدت اليوم حكومة انتقالية، فهي لم تعترف بالحالة السياسية السابقة على عيوبها، فحلت الأحزاب وتؤسس الحوار الوطني وفق تمثيل الشرائح الاجتماعية، فهي لا تعترف بالتاريخ السياسي لسوريا الذي يراه البعض مشوها أو قاتما، لكنه واقع لا يمكن تجاوزه.

عمليا فإن سوريا اليوم تنتظر السيناريوهات الدولية والإقليمية لتحديد قدرتها الداخلية على البقاء، لأن ما تبقى من “قوة الدولة” لا يستطيع رسم مسار وسط الصراع الإقليمي الحاد الذي تضعه “إسرائيل” بعد حرب غزة، وإغفال هذا الأمر سيقود في النهاية إلى دورة جديدة من الصراع الإقليمي، بينما يحتاج تجميع القوة السورية من جديد إلى رؤية مختلفة وسياسات قادرة على النظر إلى الدرس السوري القاسي منذ الاستقلال الذي فرض على الحكومات المتعاقبة واقعا خاصا يحتاج إلى عصبية داخلية لمواجهة المخاطر التي ظهرت منذ اللحظات الأولى لاستقلال سوريا.

تصريحات نتنياهو ليست عبثية لأنها تستند إلى حالة الانكسار التي ظهرت مع نهاية حرب غزة، وبصرف النظر عن الأغلاط السياسية كلها التي يتم الحديث عنها اليوم؛ لكن الانتقال إلى عهد جديد يتطلب إدارة الأزمة إدارة واقعية والاعتراف بأن البعد الإقليمي بات خطرا جدا ويحتاج إلى ترتيبات داخلية عميقة لا تقتصر على الحالة الشكلية لمؤتمر الحوار الوطني كما تتم صياغته اليوم.

مقالات ذات صلة