وجد آلاف السياح من كلا الجانبين الروسي والأوكراني أنفسهم محصورون معاً في منتجعات شرم الشيخ المصرية، عاجزين عن العودة إلى الوطن، مع اندلاع الحرب ولا سبيل إلى تجنب بعضهم بعضاً حتى على بوفيه الإفطار.
الأسابيع القليلة الماضية منذ الحرب مملوءة بالتوتر والعدوان والخوف، إلى جانب بعض لحظات التعاطف التي تحدث عرضاً بين الجانبين، وفقاً لما نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية.
إذ قال بعض السياح الأوكرانيين، الذين التقتهم الصحيفة الأمريكية في ثلاثة منتجعات في مدينة شرم الشيخ، إنهم حاولوا إقناع الروس بأن بلادهم لم تفعل شيئاً يستحق الغزو، لكنهم فشلوا في معظم الأحيان.
فيما روى رجل أوكراني رؤيته امرأة روسية ترتدي قميصاً عليه العلم الوطني الروسي وتحدق في سائحة أوكرانية في ردهة الفندق حتى دفعتها إلى البكاء بشدة.
وقعت حوادث تشاتُم بين السائحين الروس والأوكرانيين في مناطق التسوق بجميع أنحاء المدينة. وقال عمال إن المنتجعات عرضت وجبات مجانية وامتيازات أخرى لإقناع الطرفين بتناول الطعام في مطاعم منفصلة.
وقال عمال سياحة محليون إن الاحتكاكات أدت إلى اندلاع العنف مرة واحدة على الأقل قبل أسبوعين، حين استُدعيت الشرطة إلى فندقٍ لفض الاشتباك بين رجل روسي وامرأة أوكرانية تشاجرا، ونقل أحدهما إلى فندق آخر.
عندما بدأت العملية الروسية، قال مسؤولو السفارة الأوكرانية إن نحو 11 ألف أوكراني كانوا يقيمون في شرم الشيخ، و9 آلاف آخرين في منتجع الغردقة على البحر الأحمر. لكن هذه الأرقام نقصت بعد ذلك، فقد نظَّمت مصر رحلات إجلاء إلى أوروبا. أما عدد الروس العالقين في مصر، وإن لم يعلن عنه، فكان على الأرجح عشرات الآلاف.
لم تتوقف مصر قط عن تقديم الطعام للسائحين الروس والأوكرانيين، وفي جميع أنحاء المنتجعات بشرم الشيخ، يسترشد الضيوف بالقوائم واللافتات المتاحة باللغة الروسية، التي يتحدث بها كثير من الأوكرانيين أيضاً. وفي غرف الضيوف، تبث التلفزيونات في غالب الأحيان قنوات روسية وأوكرانية.
فيما أمرت الحكومة المصرية الفنادق من فئة نجمتين وثلاث نجوم على البحر الأحمر بتمديد إقامة الضيوف الأوكرانيين مجاناً، أما المنتجعات الفاخرة فطُلب منها تقديم أسعار مخفضة خاصة أو نقل السائحين فيها إلى أماكن إقامة أرخص. وقد أراح ذلك السياح، لكنه كان ضربةً للفنادق التي ألحقت بها جائحة كورونا خسائر شديدة بالفعل، كما أن الحكومة وعدتها بتعويض قدره 10 دولارات فقط عن كل ضيف أوكراني في الليلة.
يقول أشرف شريف، مدير مبيعات في سلسلة فنادق بمنطقة البحر الأحمر: “إذا تحدثت إلى المصريين، فسيتبيَّن لك أنهم أشد حزناً من الأوكرانيين أنفسهم، لأن هذه المدينة قائمة على السياحة فحسب”.
قال السائحون الروس في شرم الشيخ إنهم يعوِّلون على منظمي الرحلات السياحية لديهم لدفع تكاليف الإقامة وترتيب عودتهم إلى الوطن بعد تعليق الرحلات الجوية المباشرة إلى روسيا وتوقف بطاقات الائتمان الخاصة بهم عن العمل. ومع ذلك فقد زعم بعضهم أن وكالاتهم السياحية قالت لهم إن عليهم التعامل مع هذه الأزمة بمفردهم.
من جهة أخرى، أبدى بعض المسافرين من كلا البلدين تطلعهم إلى إقامة طويلة الأمد في مصر، فهم يرون فيها ملاذاً مشرقاً وأرخص من الخيارات الأخرى فيما قال أندري باناغوشين، وهو دبلوماسي أوكراني سابق يعيش في شرم الشيخ، إن الطلبات انهمرت عليه وعلى غيره من مواطنين أوكرانيين يبحثون عن إيجارات طويلة الأجل.
يحاول كثير من السائحين الاستفادة من الإجازة المفروضة عليهم، فامتلأت الحانات والنوادي، يرقص الروس في جانب والأوكرانيون في جانب آخر. ومع ذلك، يقول آخرون إن التغافل عن الأزمة والتظاهر بنسيانها استعصى عليهم.