الجمعة, ديسمبر 13, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرشفافية المال العام الغائبة عن الرأي العام

شفافية المال العام الغائبة عن الرأي العام

رأي – أيهم أسد

أدى تطور الفكر المالي في الكثير من اقتصادات العالم إلى ظهور ما يسمى بـ”الموازنات المفتوحة”، تلك الموازنات التي تعرض من خلالها وزارات المال نفقاتها وإيراداتها بشكل علني وشفاف على المواطنين من أجل معرفة ماذا وكيف وأين تنفق الحكومات مواردها المالية من ضرائب ورسوم وغيرها. وذلك كجزء مما يسمى بـ”شفافية إدارة المال العام” في الحكومة، الأمر الذي يقوي ثقة المواطنين والمستثمرين والحكومات الأخرى باقتصاد الدولة المعنية.

وتقع شفافية إدارة المال العام في صلب العقد الاجتماعي وعلاقة المواطن مع دولته، وتعبر عن مدى اتساع الثقة بينهما، وتدل على مدى احترام حقوق المواطنين والتعامل معها بشفافية ووضوح، كما تشير في الجانب الآخر إلى مدى ثقة الحكومات بالقرارات والإجراءات المالية التي تتخذها وتتبعها، ومقدار النزاهة في جباية
وصرف المال العام.

وتشمل شفافية المال العام نشر بيانات الإيرادات والنفقات العامة على المواقع الإلكترونية للحكومات، ونشر القرارات المالية، والتعاقدات المالية مع القطاع العام والخاص، ونشر بيانات المديونية الداخلية والخارجية، ونشر تقارير مالية دورية عن الحالة المالية للحكومة، وطباعة كتيبات تعريفية مبسطة حول الموازنة العامة للدولة مخصصة لعامة الناس لشرح بنود الموازنة وتقريبها لغير المختصين.

وفي مقاربة سريعة لهذا المفهوم مع الحالة السورية، نجد أن الاقتصاد السوري أبعد ما يكون عن موضوع “شفافية إدارة المال العام”، فباستثناء ما يتم نشره من مراسيم وقوانين مالية تتعلق بزيادة الرواتب والأجور والضرائب وقوانين إصدار الموازنة العامة للدولة، وقليل من مناقشات مجلس الشعب حول بعض الأرقام العامة جداً في الموازنة العامة للدولة فإننا لن نجد شيئاً متاحاً للرأي العام حول إدارة المال العام.

فالبيان المالي للحكومة لا ينشره أحد والموازنة العامة للدولة (الموازنة المقدرة) لا ينشرها أحد، وقطع حسابات الموازنة (الموازنة الفعلية) لا ينشرها أحد، ونسب تنفيذ الوزارات للنفقات العامة لا ينشرها أحد، وأرقام المديونية الداخلية أو الخارجية لا ينشرها أحد، ونموذج موازنة مبسطة تخص جمهور العامة لا يوجد
فلا تنشر رئاسة مجلس الوزراء، ولا وزارة المالية، ولا مجلس الشعب، ولا الجهاز المركزي للرقابة المالية، ولا أي وزارة أياً مما سبق حول المال العام.

والنتيجة أنه لا الأكاديميين المختصين، ولا الباحثين في الشأن الاقتصادي، ولا المستثمرين، ولا الرأي العام يعرفون شيئاً عن كل ما يتعلق بتفاصيل المال العام.

وبالنهاية فإن هناك حالة غير مبررة لدى السلطات المالية من عدم نشر أي تفاصيل حول المال العام، كما أن حالة إقصاء المعلومات المالية عن الرأي العام هي الحالة السائدة لديها، أليس المال العام هو مال السوريين جميعاً؟ فلماذا الإصرار على إخفاء تفاصيله عنهم ؟ ولماذا لا تملك الحكومة الجرأة الكافية لعرض تفاصيل المال العام على الرأي العام؟

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة