رأي – أيهم أسد
وتقع شفافية إدارة المال العام في صلب العقد الاجتماعي وعلاقة المواطن مع دولته، وتعبر عن مدى اتساع الثقة بينهما، وتدل على مدى احترام حقوق المواطنين والتعامل معها بشفافية ووضوح، كما تشير في الجانب الآخر إلى مدى ثقة الحكومات بالقرارات والإجراءات المالية التي تتخذها وتتبعها، ومقدار النزاهة في جباية
وصرف المال العام.
وتشمل شفافية المال العام نشر بيانات الإيرادات والنفقات العامة على المواقع الإلكترونية للحكومات، ونشر القرارات المالية، والتعاقدات المالية مع القطاع العام والخاص، ونشر بيانات المديونية الداخلية والخارجية، ونشر تقارير مالية دورية عن الحالة المالية للحكومة، وطباعة كتيبات تعريفية مبسطة حول الموازنة العامة للدولة مخصصة لعامة الناس لشرح بنود الموازنة وتقريبها لغير المختصين.
وفي مقاربة سريعة لهذا المفهوم مع الحالة السورية، نجد أن الاقتصاد السوري أبعد ما يكون عن موضوع “شفافية إدارة المال العام”، فباستثناء ما يتم نشره من مراسيم وقوانين مالية تتعلق بزيادة الرواتب والأجور والضرائب وقوانين إصدار الموازنة العامة للدولة، وقليل من مناقشات مجلس الشعب حول بعض الأرقام العامة جداً في الموازنة العامة للدولة فإننا لن نجد شيئاً متاحاً للرأي العام حول إدارة المال العام.
والنتيجة أنه لا الأكاديميين المختصين، ولا الباحثين في الشأن الاقتصادي، ولا المستثمرين، ولا الرأي العام يعرفون شيئاً عن كل ما يتعلق بتفاصيل المال العام.
وبالنهاية فإن هناك حالة غير مبررة لدى السلطات المالية من عدم نشر أي تفاصيل حول المال العام، كما أن حالة إقصاء المعلومات المالية عن الرأي العام هي الحالة السائدة لديها، أليس المال العام هو مال السوريين جميعاً؟ فلماذا الإصرار على إخفاء تفاصيله عنهم ؟ ولماذا لا تملك الحكومة الجرأة الكافية لعرض تفاصيل المال العام على الرأي العام؟