نشرت مجلة “ناشونال إنترست” مقالا تحت عنوان “بشار الأسد السوري هنا ليبقى”، قالت فيه إن الرئيس جو بايدن ليس أول رئيس أمريكي أثار أسئلة حول منطق بقاء الولايات المتحدة في أفغانستان، لكن تساؤله يكشف عن المشكلة الرئيسية التي تعاني منها أمريكا في إدارة حروبها في الشرق الأوسط.
ووفق ما نقل موقع “القدس العربي” عن الصحيفة، لم يكن جو بايدن مناصرا للحرب في سورية، مثل موقفه المتردد من زيادة أوباما القوات الأمريكية في أفغانستان عام 2009 وغزو ليبيا عام 2011. وقال بايدن إنه لا يوجد “وسط معتدل” في سورية يمكن لأمريكا دعمه. ولم يتغير موقفه على مدى السنين وأعلن في أثناء حملته الانتخابية أنه سينهي الحروب الأمريكية الأبدية في أفغانستان والشرق الأوسط. لكن انسحاب أمريكا من سورية ليس نتيجة محتومة، فلطالما شجب تعجل وتهور ترامب وبيعه للأكراد. ويظل موضوع تنظيم “داعش” والأكراد والأزمة الإنسانية حاضرا في تفكيره. وأخبر “وول ستريت جورنال” عام 2019 أن الحفاظ على عدد من القوات في سورية أمر منطقي. وفي عام 2020 وافق في ذكرى 9/11 على خطة ترامب للخروج من العراق وأفغانستان. وفي آذار العام الماضي ألقى وزير الخارجية أنتوني بلينكن خطابا ناشد فيه الأمم المتحدة بتوفير المساعدة للمنظمات الإنسانية في شمال سورية. وفي منتصف تشرين الثاني قام وفد برئاسة مساعد وزير الخارجية للشؤون الشرقية إيثان غولدريتش بزيارة قادة الأكراد وأكد لهم على التزام أمريكا بالبقاء.
ومن هنا – تقول الصحيفة – فاستراتيجية بايدن قد تعمل على تحقيق 3 أهداف: تخفيف المعاناة الإنسانية وحل المسألة الكردية وهزيمة تنظيم “داعش” وللأبد.
وتضيف الصحيفة أنه “لسوء الحظ، فلو تبنت الإدارة استراتيجية الإدارات السابقة عبر تغيير النظام والعقوبات فلن تحل أيا منها ولن تخرج القوات الأمريكية. ويمكن لبايدن خلق ظرف لخروج مشروط من سورية عبر تجنب العمليات العسكرية الكبرى وتبني أهداف لا يمكن تحقيقها. وعلى واشنطن الاعتراف أنها لا تستطيع تشكيل أفغانستان وسورية حسبما تريد.”
وتقول الصحيفة إنه “من أجل تحقيق الأهداف الثلاثة وهزيمة إيران، على إدارة بايدن الحديث مباشرة مع (الرئيس) الأسد. وكما فعل أوباما مع إيران وحاول ترامب مع كوريا الشمالية وعقد اتفاقية مع طالبان فعلى بايدن الحديث مع دمشق.
وتستشهد الصحيفة بما قاله الباحث ستيفن والت، من أن “هذا نابع من مركزية الأسد في حل المشاكل المستعصية: احتواء تنظيم “داعش” ووقف العدوان التركي ضد الأكراد ومواجهة إيران. وكلها ستظل غير قابلة للديمومة في ظل نظام مستقر وآمن في دمشق”.
وتلفت إلى أنه “كما توصل ماكس أبرامز وجون غليسر عام 2017 فإن نهاية تنظيم “داعش” ارتبطت بقوة (الرئيس) الأسد، فتقزيم مناطق المعارضة جعل دمشق وروسيا وإيران تلاحق الإرهابيين. كما أن الأكراد وتركيا و”إسرائيل” هم في حالة أفضل مع نظام مستقر في دمشق أكثر من كونه محاصراً” حسب زعمها.
الصحيفة أوضحت أنه “نظرا لقرب إيران والحرس الثوري من مرتفعات الجولان فإن “إسرائيل” تفضل العودة إلى مرحلة ما قبل “الثورة”، حيث تعاملت مع نظام معروفة تحركاته” حسب ادعائها. وبالنسبة للأكراد فهم يعرفون أن (الرئيس) الأسد هو الجهة التي يمكنهم التعامل معها للحماية من تركيا والمتطرفين. ورغم الحماية الأمريكية، فهم يعرفون أنها زائلة في ظل المحاولات الأمريكية للخروج من سورية والعراق وموقف الأمريكيين المهادن من عودة السيطرة العراقية على كركوك.
وتضيف: يواصل الأكراد تعاونهم مع دمشق ويوفرون للحكومة السورية النفط ويعتمدون على حمايتها العسكرية ضد تركيا، ويواصلون التفاوض معها حول وضع الحكم الذاتي. أما تركيا فقد تستفيد من عودة دمشق، فالمغامرات العسكرية تركتها في الطرف الخاسر أمام روسيا ودمشق، وبخاصة في إدلب التي يسيطر عليها متطرفون وتواجه كارثة إنسانية بانتظار الانفجار. وأصبحت تتحمل عبء حماية المنطقة الآمنة التي يعيش فيها 5 ملايين نازح.
وترى الصحيفة الأمريكية أنه “في أي محادثات في المستقبل مع دمشق وروسيا فالأكراد والوجود التركي سيكونا ورقة ضغط لخفض التوتر ونحو تسوية دائمة. ولن يتم تحقيق هذا بسهولة، ولكن على الولايات المتحدة الاعتراف أولا بانتصار الأسد الواضح منذ فترة، والسماح له باستعادة المناطق الخارجة عن سيطرته وبدء الإعمار من جديد. ولن يكون المضي في هذا الطريق سهلا، بخلاف أفغانستان، حيث كان هناك دعم من الحزبين للخروج منها، فمغادرة سورية ستلقى معارضة من المشرعين الراغبين بالحفاظ على العقوبات كوسيلة للضغط على دمشق