هاشتاغ_ إيفين دوبا
وجّه النائب ناصر الناصر انتقادات لاذعة للأداء الحكومي، خلال جلسة مجلس الشعب السوري يوم الأربعاء الفائت، ليباغته رئيس البرلمان حمودة الصباغ بعبارة “أنت بتمثّل حالك”، ما أثار ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشرها على صفحة النائب الجمعة الماضية.
وقال “الناصر” في تصريحات خاصة لـ”هاشتاغ” إن الأوضاع الحالية التي يعيشها السوريون تزداد سوءاً يوماً بغد آخر.
وعن تعليقه على ما جرى في البرلمان، قال الناصر:” يأسنا من قرارات الحكومة الارتجالية. لدينا حلول لكل الأزمات التي نعيشها لكن للحكومة مافيات وعصابات تسعى إلى إرضائهم وتحقيق مصالحهم على حساب الشعب”.
وتابع بالقول:” ولا أي مواطن قادر على العيش في سوريا حالياً. بعضهم باع منزله والآخر أرضه من أجل أن يأكل ويشرب”.
الحكومة تمّر قوانين “من وراء” مجلس الشعب
ولفت النائب السوري إلى أن الحكومة تعمل على تمرير قوانين تقول إنه تمت منافشتها تحت قبة المجلس والموافقة عليها، لكن في الحقيقة لم يحصل ذلك، حيث نتفاجأ بالقرارات التنفيذية لتلك القرارات.
وتساءل النائب في جلسة البرلمان التي أثارت الجدل في الشارع السوري: “ما المطلوب من الشعب، أن يرفع العشرة؟.. رفعناها”.
وسأل الناصر: “ماذا قدمت الحكومة للمواطن ولماذا تحاصر الناس ضمن أراضيهم، ولماذا تغلق الحدود، هل حفاظاً على الدولار، والناس تبيع أملاكها لتحولها إلى دولار وذهب وتخرج بها للاستثمار في الخارج”.
وتابع: “لا يوجد محروقات، لماذا ترفع الحكومة سعر مادة غير متوفرة أصلاً، لقد أغلق كثير من الحرفيين والصناعيين ورشاتهم لعدم توافر المحروقات”.
ومساء الثلاثاء الماضي، رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، أسعار المحروقات في البلاد. ونص القرار على بيع سعر مبيع مادة البنزين أوكتان 90 للمستهلك بسعر 3000 ليرة للتر، وسعر مبيع بنزين أوكتان 90 الحر 4900 ليرة للتر، وسعر مبيع بنزين أوكتان 95 5300 ليرة للتر.
النائب الناصر قال خلال مداخلته: “ماذا سيفعل الموظفون بـ100 أو 200 ألف” في حين أن حضوره للبرلمان لمدة 3 أيام كلفته 300 ألف ليرة سورية، فكيف ستعيش عائلة بمبلغ 150 ألف ليرة، وإلى متى سنبقى نصبر على الحكومة، وماذا يمكن أن تقدم لنا من جديد؟
وفي 24 أيار/ مايو الماضي، كشف عضو مجلس الشعب، محمد خير العكام عن مقترح لتعديل قريب للرواتب والأجور في سوريا.
وتحتاج الأسرة المكونة من خمسة أشخاص في سوريا إلى نحو ثلاثة ملايين ليرة شهرياً من أجل الطعام والشراب فقط، وذلك وفقا للخبير الاقتصادي عمار يوسف في تصريحات لهاشتاغ.
وخلال الجدل بين النائب ورئيس البرلمان، قال الناصر إنه ممثل للشعب ويدرك حجم المعاناة، ليرد عليه الصباغ بطريقة شخصية ويقول: “مشكلتك مع رئيس المجلس”، ليقول له الناصر:” نحن بحاجة حكومة إنقاذ، وين بدنا نروح، وين بدو يروح الشعب، مارح نتهجر نحن بسبب الحكومة”.
نقاشات “حيوية”
بدوره، قال رئيس البرلمان، حمودة الصباغ، إن أعمال الدورة العادية السابعة، اتسمت بحيوية واضحة، من خلال متابعة النواب لإقرار القوانين بعد مناقشتها.
وأضاف الصباغ في ختام أعمال الدورة العادية السابعة للبرلمان، والتي تأتي بالتزامن مع أزمة معيشية وأزمة محروقات خانقة تشهدها البلاد، أن ما أنجزه البرلمان خلالها يمثل مساهمة ضمن دائرة الجهد الوطني العام.
“الصباغ” الذي أثار جدلاً كبيراً في الشارع السوري، نتيجة رده على النائب ناصر الناصر بأنه “يمثل نفسه فقط”، تحدث عن جهود النواب في أداء واجباتهم ومهامهم لخدمة مصالح السوريين.
وتبدو النظرة تجاه أعمال البرلمان في الشارع السوري مختلفة عما قاله “الصباغ”، حيث لم يلمس غالبية السوريين الدور الحقيقي للنواب والبرلمان. سواء في الضغط أو التأثير على الحكومة لرفع الرواتب، أو حتى بإلزامها إيجاد حلول حقيقية لما يعانيه الناس اليوم.
تحالفات وأحزاب
وحقّق فيديو النائب الناصر تداولاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي. وكتب الإعلامي السوري نزار الفرا على صفحته الشخصية “فيسبوك”: “تحدثنا عبر التلفزيون مرات كثيرة خلال السنوات السابقة: مادام أي رئيس لمجلس الشعب السوري يعتبر نفسه في (خندق واحد) مع الحكومة على اعتبار أنه ورئيس الحكومة عضوان قياديان في الحزب نفسه (حزب البعث) فلن تستقيم أي حرية برلمانية حقيقية في سوريا”.
وفي 21 تموز/ يوليو 2020 أعلنت اللجنة القضائية العليا للانتخابات النتائج الرسمية لانتخابات مجلس الشعب السوري للدور التشريعي الثالث. وكما كان متوقعاً فقد فازت قوائم “الوحدة الوطنية” التي شكّلها حزب البعث الحاكم بالتحالف مع أحزاب “الجبهة الوطنية التقدمية” بشكل كامل وفي جميع المحافظات السورية باستثناء مرشح واحد في الحسكة كان على قوائم البعث قبل استبداله.
خالد العبود يفتي
في رده على ذلك، دافع النائب السابق في البرلمان خالد العبود عن “الصباغ”، ووصف “تدخله” على مداخلة “الناصر” بالقول:” كان تدخّلاً صحيحاً”.
ويقول “العبود”:” هذه مداخلة صحيحة، وهي واحدةٌ من عشرات المداخلات التي تعتبر صرخة غضب، في وجه ما يلاقيه السّوريّون، ومن حقّ الزميل الناصر أن يقول ما يشاء تحت القبّة، فعضو مجلس الشعب دستوريّاً، يتحدّث بهدي من ضميره”..
ويشير إلى أنّ ” تلك الصّرخات والوقفات المشرّفة، لعشرات الزملاء الأفاضل، لم تصل إلى الجمهور، وبقيت حبيسة جدران القبّة، والفارق بين مداخلة الزميل الناصر، وبين عشرات بل مئات المداخلات الغاضبة والمشرّفة الأخرى، أنّ الأولى وصلت إلى الجمهور، وأنّ كثيراً من مداخلات الزملاء الآخرين، لم تصل إلى الجمهور”.
وقال العبود: هناك سؤال آخر، طرحه علينا بعض من تواصل معنا، حول قول الصباغ للزميل الناصر “لا تمثّل إلاّ نفسك”، وتساءل البعض، هل يحقّ لرئيس المجلس أن يقول للزميل الناصر مثل هذا الكلام، وهل صحيحٌ أنّ السيّد الناصر لا يمثّل إلا نفسه؟!!..
وأضاف: في صرخة الزميل الناصر التبست على الكثيرين أمورٌ عديدة، وهي تفاصيل برلمانيّة لها علاقة بطريقة إدارة الجلسة والنظام الداخليّ للمجلس، وليس بجوهر ما قدّمه أو قاله أو عبّر عنه زميلنا الناصر.. وعلى سبيل المثال، فإنّ عضو مجلس عندما يتحدّث تحت القبّة، لا يستطيع أن يتحدّث إلا باسمه، ولا يمثّل أحداً من أعضاء المجلس – وهنا نرجو الانتباه على جملة “أعضاء المجلس”، فعضو مجلس الشعب لا يتحدّث باسم زملائه تحت القبّة، وإنّما يتحدّث باسم نفسه فقط، ولا يمثّل أحداً من زملائه الأعضاء، وإنّما يمثّل نفسه ليس إلاّ!!..
ويتابع “العبود”:” عندما تدخّل الصباغ على مداخلة الناصر، كان تدخّلاً صحيحاً، فالزميل الناصر تجاوز النظام عندما أراد أن يصوّر أن كلامه يمثّل جميع السادة أعضاء المجلس، وبعيداً عن فحوى الكلام”.
“الصباغ” ومشاحنات النواب
ما حدث في مجلس النواب السوري قبل أيام ليس حدثاً جديداً على جلساته. وخلال السنوات الماضية شهدت قبة البرلمان العديد من المشاحنات بين رئيس المجلس والنواب.
ففي 25 أيلول/ سبتمبر، 2020 اعترض رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية البرلمانية النائب أحمد الكزبري على الأسباب التي أدلى بها رئيس مجلس الحكومة حسين عرنوس أمام البرلمان حول قرار إلزام المواطنين بتصريف 100 دولار على المنافذ الحدودية وقاطع عرنوس من على المنصة فرد عليه عرنوس فورا “أنا بحكي مثل ما بدي”.
وقبل أن يحتدّ السجال تدخل رئيس مجلس النواب مطالباً النواب بعدم مقاطعة رئيس الحكومة أثناء رده على المطالب مبيناً أنه لم يقاطع أي نائب وهو يدلي باستفساراته ومطالبه.
وفي 20 من كانون الثاني/ يناير 2020، منع “الصباغ” عدداً من أعضاء البرلمان من التحدث وتقديم مداخلاتهم أمام رئيس وأعضاء حكومة عماد خميس، في خطوة غير مسبوقة في برلمانات العالم، وخلافاً للنظام الداخلي للبرلمان والدستور السوري، بحسب ما أكد النائب نبيل الصالح.
وقال الصالح في منشور على “الفيسبوك” إن تلك الجلسة التي حضرها رئيس وأعضاء الحكومة كانت الأسرع والأقصر, وكأن المجلسين (التنفيذي والتشريعي) يرغبان بإنهائها قبل أن تبدأ.
وأوضح الصالح أن رئيس الحكومة عرض أعمال وزاراته في 37 دقيقة وأجاب على الأسئلة بـ 37 دقيقة، وتحدث ثلاثون نائباً. كان قد تم اختيار أسمائهم قبل الجلسة. لمدة 56 دقيقة، بمعدل دقيقة إلى دقيقتين لكل نائب موزعين على كتل أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية, فقالوا ما كانوا يقولونه خلال الجلسات السابقة.
وأشار الصالح إلى أن رئيس البرلمان أسكته وعدد من الأعضاء عندما حاولوا الاحتجاج على قيام المجلس مسبقاً باختيار المتكلمين سراً.
وشبه الصالح أعضاء البرلمان بالطلاب وحمودة الصباغ عريف الصف، الذي يعمل على إسكات الطلاب ومنعهم من الكلام أو التحدث بدون إذن.
وفي 23 كانون الثاني/ يناير 2018 دار سجال ساخن في البرلمان حول الوقت المخصص لكلام النواب أمام الحكومة وما إذا كان سيتم تخصيص خمس دقائق أو دقيقة لكل نائب ثم صوت البرلمان بالأكثرية على مقترح لرئيس البرلمان بتخصيص دقيقة واحدة فقط لكل نائب الأمر الذي أثار استياء عدد من النواب أبرزهم فواز نصور ونبيل صالح.
ولم يعجب النواب تخصيص دقيقة لكل نائب حيث رد بعضهم بسخرية “نصف دقيقة تكفي” وهو ما دفع رئيس المجلس للقول إن “الرد بنصف دقيقة له معنى آخر” ! مبينا أنه هو “إلى جانب رئيس الحكومة والوزراء ليس لديهم مانع في البقاء حتى المساء ولكن بشرط عدم مغادرة أحد وأن الكل سيبقى في الجلسة”.
واقترح النائب نصور أن يتم الحديث بين النواب والوزراء بالإيماء “بالومى” وخاطب الوزراء بالقول “أتمنى إذا سمحتم أن تستقبلونا فقط حتى نبوس أيديكم ونضعها على رؤوسنا”.