هاشتاغ _ يارا صقر
يعاني العديد من الأشخاص من التهاب الأمعاء، مما ينتج عنه بعض الأعراض المزعجة التي قد تستمر لفترات طويلة، وغالباً ما تتطلب المتابعة المستمرة مع الطبيب المختص واتباع نظام غذائي محدد. ومن هذه الالتهابات داء كرون.
يقول الدكتور علي بركات دراسات عليا تخصصية في أمراض الجهاز الهضمي ل”هاشتاغ”: داء كرون هو نوع من أدواء الأمعاء الالتهابية (IBD)، ويعرّف بحالة التهابية ذات سببية مجهولة، يمكن أن تصيب أي جزء من السبيل الهضمي، امتداداً من الفم إلى منطقة حول الشرج; شاملةً جميع الطبقات النسيجية لجدار الجزء المصاب (بدءاً من الطبقة المخاطية وصولاً إلى الطبقة المصلية) وليس بالضرورة أن تصيب جميع الأجزاء (غالباً ما نشاهد مناطق سليمة من الإصابة).
ويشير بركات إلى أن بعض أنماط توزعه تتضمن:
_ 80% من المرضى تصاب عندهم الأمعاء الدقيقة (عادة الدقاق الانتهائي).
_ 50% من المرضى لديهم التهاب لفائفي وكولون (ما يشير لإصابة اللفائفي والكولون معاً).
_ وحوالي ثلث المرضى لديهم إصابة في منطقة ما حول الشرج.
_ وحوالي 20% من المرضى تكون الإصابة لديهم محصورة في الكولون فقط، وهنا – على عكس التهاب الكولون القرحي – تكون منطقة المستقيم في حوالي 50% من هذه الحالات سليمة.
الوبائيات والسببيات:
يقول بركات: “من الممكن لداء كرون – كما التهاب الكولون التقرحي – أن يبدأ في أي عمر”.
ويتابع: أنه وفقاً للدراسات الإحصائية فقد يبدأ المرض عند غالبية المرضى في الأعمار التي تتراوح بين 15 و 30 سنة (وقد حظي صغار البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاماً بأعلى نسبة إصابة)، مع احتمال وجود ذروة حدوث ثانية بين عمري 50 و80 عاماً.
كذلك يلفت بركات إلى أن هنالك فروق طفيفة في نسبة الإصابة بين الجنسين، مع طغيان الإصابة بشكل خفيف لدى النساء أكثر من الرجال (مما يقترح وجود دور للعوامل الهرمونية في الإصابة).
كما لوحظ أيضاً وجود فروقات عرقية وإثنية في نسب الإصابة حيث طغت في العرق الأبيض ولدى اليهود.
ووفقاً للاختصاصي، أن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الإصابة بأدواء الأمعاء الالتهابية (IBD) عموماً وداء كرون خصوصاً، ما تزال مجهولة حتى الآن، ويعتَقد باشتراك عدة عوامل سوياً (وراثية، بيئية ومناعية).
ويوضح بركات أنه من الممكن الحديث مطوّلاً حول الفرضيات والعوامل المقترحة التي تسبب الإصابة، ولكن النظريات الحالية تقترح حدوث الإصابة نتيجة استجابات مناعية مفرطة العدوانية متواسطة بالخلايا التائية (T-cell mediated immune responses) للجراثيم الموجودة في لمعة الأمعاء و/أو مكونات معينة لهذه الجراثيم لدى الأفراد المؤهبين وراثيًا، ويتم تحريض هذا التعبير عن المرض بواسطة عوامل بيئية إضافية.
عوامل الخطورة التي تزيد من فرص الإصابة بداء كرون:
يقول بركات إنه من الممكن تصنيفها إلى:
1- عوامل تتعلق بنمط الحياة: حيث ترافق التدخين وزيادة تناول الدهون مع نسبة أعلى لحدوث داء كرون.
بينما كانت ممارسة النشاط البدني، تناول الألياف (بشكل خاص من الفواكه، الجرجير، البروكلي، القرنبيط والكرنب).
بالإضافة إلى وتناول فيتامين D، كانت قد ترافقت بمعدلات حدوث أقل لداء كرون.
2- الانتانات المعوية والاستجابة المناعية: حيث أنها تلعب دوراً في إمراضية داء كرون.
3- الأدوية: تشير بعض الدراسات إلى احتمال ترافق تطور أدواء الامعاء الالتهابية (IBD) مع بعض الأدوية كالصادات الحيوية، مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية، مانعات الحمل الفموية والمعيضات الهرمونية والإيزوتريتينوئين (المعروف بالاسم التجاري Retane والمستخدم في علاج حب الشباب).
الأعراض السريرية:
ويشرح بركات، قد يكون المرضى عرضيين لعدة سنوات قبل التشخيص، وقد يراجعون بشكايات حادة حديثة.
كما يضيف أن الأعراض الهضمية تتضمن عموماً:
- ألم بطني تشنجي الطبيعة عادةً.
- الإسهالات المزمنة (قد تكون مدماة).
- تعب عام ونقص وزن (قد يكون مرتبطاً بحدوث سوء امتصاص أو بنقص الوارد الفموي من الطعام).
- قلاعات فموية ناكسة ومؤلمة.
ويلفت بركات إلى أنه من الممكن وجود أعراض خارج السبيل الهضمي: كالتهاب أو اعتلال المفاصل (الكبيرة عادة) وهو التظاهر الأشيع خارج الهضمي (يحدث في حوالي 20% من الحالات)، أعراض عينية في حوالي 5% من الحالات (وتتضمن التهاب العنبة والتهاب القزحية)، والعديد من الاعراض الأخرى.
التشخيص:
يتم تشخيص المرض اعتماداً على القصة السريرية والفحوصات المخبرية والتنظيرية والنسيجية المتممة. حسب الاختصاصي.
العلاج:
يقول بركات: من المعروف أنه لا يوجد علاج شافٍ لداء كرون حتى الآن، لكن يوجد عدة أدوية للسيطرة على المرض، ويختلف نظام العلاج تبعاً لـ :
- شدة المرض (خفيف – متوسط – شديد).
- فعالية المرض (هجمة حادة – هدأة).
- مكان الإصابة من السبيل الهضمي.
- العمر، ووجود أمراض مرافقة.
كما يضيف، أيضا وفقاً للتوصيات الأمريكية والأوروبية المعمول بها (حتى وقت كتابة المقال)، هنالك العديد من العلاجات الدوائية، وتطبيقها يعود لتقييم الطبيب للحالة وفقاً للمعايير السابقة:
- الستيروئيدات القشرية (مثل Prednisolone و Budesonide).
- مركبات 5-أمينو ساليسيلات (مثل Sulfasalazine و Mesalamine).
- المعدّلات المناعية (مثل Azathioprine, 6-mercaptopurine, Methotrexate).
- العلاجات البيولوجية (infliximab, Adalimumab, Ustekinumab, Vedolizumab ).
ويختم بركات حديثه مع “هاشتاغ” بالقول: من الممكن مشاركة دوائين أو أكثر وفقاً لشدة المرض والبروتوكولات العلاجية السابقة التي خضع المريض لها.
كما يضيف “قد نلجأ للعلاج الجراحي في حال فشل العلاجات الدوائية.