هاشتاغ- إيفين دوبا
في الوقت الذي بدأت فيه مطاحن حكومية عدة تتعافى تدريجياً، وتؤمّن مخزونها من الدقيق، تتعالى الأصوات مطالبةً بإنهاء العلاقة “غير الشرعية” بين السورية للحبوب والمطاحن الخاصة في المحافظات كافة خصوصا في حماة.
وتعاني حماة إنتاج الخبز السيئ في معظم أفرانها، وبحسب قول مصادر متقاطعة من أفران عدة في المحافظة فإن السبب الأساسي لذلك يعود إلى الدقيق الخاص الذي يتم توزيعه وتمريره كل فترة من دون ضوابط أو مراقبة.
وتعمل الحكومة علتعاقد مع المطاحن الخاصة لتأمين الدقيق التمويني بسبب عجز المطاحن العامة عن تأمينها “بحسب تصريحات المعنيين”، وتنتشر المطاحن الخاصة في محافظات عدة، غير حماة، منها طرطوس واللاذقية وحلب.
وتقول مصادر خاصة في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لـ “هاشتاغ”، إن عقود الطحن التي يتم تمريرها في أفران حماة تجري من دون وجود ضوابط لها أو التدقيق بآلية عمل المخبر المركزي اللازمة للتحقق من جودة الطحين.
وتؤكد المصادر أنه لو كانت مطاحن حماة العامة بأحسن أحوالها لما كانت الحاجة إلى هذه العقود المشبوهة التي تؤدي إلى استنزاف المال العام عبر أجور طحن، وثانيا خبز منتج يذهب علفاً وهذا كله محسوب على مليارات الدعم المستحقة للمواطن.
وعلى سبيل المثال، تقول المصادر في مطحنة السلمية على الرغم من ضعف طاقتها الغير المبررة فإن دقيقها يضاهي دقيق المطاحن الخاصة مجتمعة في حال وجود رغبة حكومية بعملها.
“علف بالمطلق”!
اشتكى لـ “هاشتاغ” عدد من أصحاب المخابز الخاصة من تردي الخبز والسبب عدم تزويدهم بدقيق عام من مطاحن سلحب أو السلمية، مؤكدين أن التزويد يقتصر فقط على الدقيق الخاص واعتماده لإنتاج خبز جيد الذي هو في الواقع “ضرب من الخيال”.
والسؤال الذي يطرح نفسه: “أين يذهب إنتاج المطاحن العامة”. وتجيب المصادر: “هناك خياران لا ثالث لهما إما أنه من الأساس لا يوجد إنتاج ويعتمد الخاص فقط وإما أنه يوجد إنتاج يتم توزيعه خارج المحافظة بعقود سرية أو من دونها”.
وتتساءل المصادر: “هل يوجد مبرر لحرمان مخابز حماة الخاصة من دقيق جيد وإرساله إلى خارج المحافظة؛ إذ إن التوزيع سابقاً كان يتم عبر آلية محددة نصفها من القطاع العام والنصف الآخر من الخاص، ويتم الخلط وإنتاج خبز جيد. أما الآن فإن الآلية المتبعة عبارة عن 90 في المئة دقيق خاص و10 في المئة من العام إن وجدت. وإذا لم يتم خلط الخاص مع العام لن يتم إنتاج خبز جيد والخبز المنتج هو علف بالمطلق”.
وطالب أصحاب المخابز الخاصة حصر الدقيق العام بمحافظة حماة وتوزيع الخاص على المحافظات عند الحاجة.
رئيس جمعية الخبازة في حماة أنس العدس قال لـ “هاشتاغ”، إن إنتاج الخبز السيئ في المحافظة يعود إلى الدقيق السيئ الذي يتم شراؤه من المطاحن الخاصة.
ويشير إلى أنه لو تم الاهتمام أكثر بالمطاحن العامة في المحافظة لتم الاستغناء عن المطاحن الخاصة تماما.
ويطرح مثالا، مطحنة السلمية على الرغم من إنتاجها الضعيف فإنه يتم تجاهلها تماماً. أيضاً، مطحنة سلحب طحينها يعد جيد نسبياً لكن رطوبته عالية. وفي مطحنة النواعير نسبة النخالة مرتفعة.
ويؤكد رئيس جمعية الخبازة في حماه أن الطحين الخاص سبب كل المشكلات في مخابز حماة. وأثبتت -بحسب قول “العدس”- عينات تحليل الطحين التي تم فحصها في مخابر دمشق ذلك لمخالفتها الشروط كلها، لكن الفساد المستشري في مؤسسة الحبوب يمنع تأدية ما يجب”.
أين مطاحننا؟
في فترة الحرب على سوريا كان لعدد من المطاحن الخاصة دور كبير في تأمين الدقيق للمخابز، حتى إنّه لبعض التجار دور أيضاً في رفد مؤسسات الحبوب بالدقيق اللازم لعمل الأفران ريثما يتمّ تأمين القمح من الحكومة.
ويقول رئيس جمعية الخبازة في حماة لدينا مطاحن عامة تكفي حاجة المحافظة في حال تم الاهتمام بها وتوفر الطحين اللازم لعمل المخابز العامة والخاصة على السواء مثل مطاحن السلمية وسلحب وكفربو وبالتالي يمكن الاستغناء عن المطاحن الخاصة وعقودها.
ويفصل “العدس”: “تنتج مطحنة السلمية 350 طنا يومياً، وسلحب 250 طنا، ومطحنة كفربو بين 60 و80 طنا ما يعني الاكتفاء منها بحاجة المحافظة إلى الطحين في حال رغب المعنيون بذلك”.
هذا، وأثبتت التجارب أن المطاحن الخاصه شريك غير نزيه مع الدولة ولا يمكن أن تكون رديفا للقطاع العام إلا “من رحم ربي” فهي تسعى دائما إلى تحقيق الربح غير المشروع بارتكابها أنواع الغش كلها بالتعامل مع الأقماح والإنتاج السيئ للدقيق.
وقد أفرد “هاشتاغ” في تحقيقات سابقة النقاط كلها التي يسعى فيها القطاع الخاص للعب بها والتزوير للنتائج وطبعا بوساطة القائمين على مراقبة الإنتاج والتسليم واللجان.
وتشير المصادر إلى أن المطاحن الخاصة لم تقدم خدمات خلال الأزمة بالمجان بل بخلاف ذلك تماما؛ إذ إنها سعت جاهدة إلى تقديم أنواع الغش والسرقات كلها وبالمليارات وما كشفته الرقابة المالية بفرع حلب خير دليل على صحة الكلام السابق.