قال الملياردير الفلسطيني الأردني، طلال أبو غزالة، المؤسس ورئيس مجموعة طلال أبو غزالة الدولية، إن الرغبة الروسية بعودة الاتحاد السوفيتي هي عقيدة كل مواطن روسي وليست نتيجة لطموحات الرئيس بوتين.
وأضاف أبو غزالة، في مقالة بعنوان “رسالة مفتوحة الأزمة الأوكرانية.. ليست أوكرانية”، قائلا: “أذكر أنني في إحدى زيارات العمل لمكتبنا في موسكو، حضرت كلمة للرئيس بوتين في أحد مراكز الأبحاث، في السنة الثانية لاستلامه الرئاسة، وقال فيها “لقد أنجزنا تنظيم الاتحاد الروسي ورسالتنا الرئيسة التالية أن نهتم بمحيطنا الجيوسياسي”.
مضيفاً: يجب أن نتذكر أن أمريكا عندما أنشأت “الناتو” كان ذلك انطلاقا من رغبتها في احتواء روسيا، وعدم عودتها خصما موازيا لها، وبالتالي يجب أن نتذكر أن كلا الطرفين يتصارعان حول النظام العالمي، فمن جهة تريد أمريكا الاستمرار في قيادة العالم. ومن جهة أخرى تتطلع روسيا إلى دورها في قيادة النظام العالمي – كما كان – بقيادة ثنائية: أمريكية، سوفيتية.
أبو غزالة اعتبر أن الحرب في أوكرانيا هي مجرد بداية لحرب أوروبية شاملة وليس أمريكية في المرحلة الأولى. وسوف تتحول قبل نهاية هذا العام إلى حرب عالمية: الحرب العالمية الثالثة، مع الإشارة إلى أن الصين هي إلى جانب الطرف الروسي كليا، وأنها تسير معه خطوة بخطوة، وأن الصين هي شريك فعلي له، منذ الدقيقة الأولى لبداية الحرب.
يؤكد الملياردير الأردني أن الحرب في أوكرانيا، وهي ليست عضوا في الناتو، ستبقى حربا أوروبية، وسلاح أمريكا فيها هو العقوبات الاقتصادية الأحادية، التي اخترعتها أمريكا، وكانت ذروتها في عهد ترامب. ومما لا شك فيه أن للعقوبات آثاراً إيجابية، وأخرى سلبية، وأنها تؤثر على الطرفين: المعاقِب والمعاقَب، وقد يكون الأثر الأكثر سوءاً على الجانب المعاقِب، علما بأن أمريكا لن تدخل الحَرب على الأرض، وسيكون التأثير السلبي عليها محدوداً.
وقال أبو غوالة: أرجو أن تتابعوا معي آثار عقوبات الطاقة: غازا ونفطا، ومَنْ سيكون المُتضرر الأكبر فيها، ومَن سيكون المستفيد منها، كما أن علينا أن نتوقع في المقابل حرب عقوبات مضادة. مشيراً إلى أن أوروبا ليست موحدة في الموقف. أما بريطانيا فهي الحليف المؤكد لأمريكا.
يلفت طلال أبو غزالة بشكل خاص إلى الموقف الصيني، فيقول “انتظروا التحرك الصيني لضم تايوان بصورة نهائية وشاملة، كرد فعل لأي استفزاز متوقع أمريكي أو أوروبي لها. وربما يكون ذلك تجاوبا مع طلب من روسيا؛ من أجل تخفيف الضغط عسكريا عنها، واجتهادي أن الحرب على (أوكرانيا) هي مقدمة للحرب على تايوان التي تعتبرها الصين جزءا تاريخيا منها، كما تعتبر روسيا أوكرانيا جزءا تاريخيا منها. وبالتالي سيدخل العالم في حرب بحر الصين”.
كل هذا سيؤدي إلى ما أسماه أبو غزالة “الحرب العالمية الثالثة”، وستكون حربا مختلفة عن الحرب العالمية الثانية؛ بسبب طبيعة التطورات التقنية التي تستند إلى القوة العسكرية عن بُعد وإلى الهجمات الإلكترونية، فلا يتوقع أحد أن تحتل جيوش الصين أمريكا، ولا أن تحتل جيوش أمريكا الصين، كما يقوليشرح أبو غزالة مستقبل الحرب فيقول: أمريكا ومعها بريطانيا، ومن جهة أخرى الصين ومعها روسيا، هما طَرَفَا قيادة هذه الحرب العالمية.
و كما بدأت حرب أوكرانيا باستفزازات، فستبدأ حرب تايوان باستفزازات، وسيصبح العالم كله جزءا من هذه الحرب: اختياريا أو إجباريا، كلا حسب تطلعاته إلى تموضعه في النظام العالمي الجديد.
كما أتيح لي – والكلام لأبو غزالة- قبل عشر سنوات، في مؤتمر صيني عالمي، حول الملكية الفكرية أنْ أجلس على العشاء (بصفة “أبوغزاله للملكية الفكرية” هي الأكبر على مستوى العالم، وبحكم أننا نتميز بين المنافسين بوجود مكاتب لنا في الصين) أن أكون إلى جانب الوزير الصيني فسألته عن وجود تنسيقٍ دولي بين (الصين وروسيا)، فأجابني أن هنالك شراكة في التخطيط والتنفيذ”.
مضيفاً أن انتظار قرارات دولية سواء من مجلس الأمن، أم من غيره، لن تُحقق أكثر مما حققته تلك القرارات في (فلسطين)، إضافة إلى أن المتحاربَين الآن يحملون “حق الفيتو”.
مؤكداً: سينشأ حتما نظام عالمي جديد، وبقيادة متعددة الأطراف، وستنشأ اتفاقيات دولية جديدة، كما حصل بعد الحرب العالمية الثانية، وستتناول الصراع حول أمور أساسية، منها عولمة الإنترنت، وعولمة العملة الدولية، وسياسة العقوبات، ونظام عمل الأمم المتحدة، ومؤسساتها، وكارثة التلوث المناخي التي تهدد البشرية، وغيرها!
ومعتبراً أن الاتفاق على قيام “نظام عالمي جديد” هو في مصلحة كل العالم، بدلا من نظام الغاب الحالي.أما عن آثار الحرب، يقول: في محيطنا الإقليمي إيران حَسَمَت موقفها المؤيد لروسيا، وتركيا بحكم عضويتها في الناتو هي في وضع صعب، أما العدو الصهيوني في فلسطين فهو في وضع أصعب من وضعه مع المفاوضات النووية، خاصة بوجود رئيس أوكراني يهودي، وجالية يهودية أوكرانية لا بأس بها! وليس مستغربا إعلان رئيس سلطة الاحتلال عن مشاعره وتعاطفه مع الشعب الأوكراني فقط!
أما لدى الدول العربية، “فهناك هامش حركة صغير، أو كبير؛ للتموضع في هذه الحرب بأقل قدر ممكن من الضرر الذي لا بد منه”.
ودعا أمين عام جامعة الدول العربية، إلى ترتيب اجتماع عربي على أي مستوى يراه؛ ليكون تشاوريا، وليس هادفا لاتخاذ أي قرارات أو مواقف، بل هو لتبادل الأفكار فيما يحقق تحصين كل دولة، والوضع العربي بأكمله.