الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةكلام الناسطوفان الأقصى يفتقد بدر دمشق

طوفان الأقصى يفتقد بدر دمشق

هاشتاغ-سامر ضاحي

كان الدعم السوري لفلسطين أحد العوامل الراسخة التي حافظت على القضية الفلسطينية، تنوع تاريخياً ما بين سياسي واقتصادي وعسكري واجتماعي وثقافي، ومثلت دمشق على الدوام قاعدة الإسناد الأهم للقوى الفلسطينية في الصراع مع الكيان المحتل، لذا كان من الطبيعي أن تكون محطة التفاوض الأساسية والطرف الذي لا يمكن تجاهله أو تجنب مصالحه في كل تصعيد.

ومنذ 2011 مثلت الأزمة السورية فرصة كبيرة للكيان الصهيوني من أجل تحييد الفاعل السوري عن الساحة الفلسطينية، وإعادة ترتيب قواعد الاشتباك معه لضمان تحييده في أي مواجهة مع الفلسطينيين، وهو ما يمكن لحظه بوضوح في عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حماس والفصائل في 7 الشهر الحالي، فرغم أن دعم دمشق لم ينقطع إلا أن آثار الحرب السورية أثرت على الدعم اللامحدود الذي كانت تقدمه في كل مواجهة.

أقرأ المزيد: فيل آخر في الغرفة

فعلى الصعيد العسكري تأثر استعداد دمشق الدائم للانخراط اللحظي في أي مواجهة مع كيان الاحتلال، ولعل هذا الأمر كان يشكل في السابق أحد أبرز وسائل الدعم لفلسطين، وهو ما عمل عليه الكيان بوضوح خلال سنوات الحرب مستثمراً دور الميليشيات المسلحة المعارضة لدمشق بشكل مباشر أو غير مباشر، وكذلك أدوار قوى دولية تتواجد على الأرض السورية لاستهداف قدرات الجيش السوري وإنهاكه في جبهات متعددة غير منتهية، وحتى اتفاقات وقف التصعيد تركت للجيش أربع جبهات غير مستقرة تقلل من توقعات فتح جبهة ضخمة كجبهة الجولان.

ويمتد التأثير العسكري إلى الدعم الاستخباراتي؛ فدمشق تواجه قيوداً شديدة في تقديم مثل هذا الدعم للفصائل لأن من الطبيعي أن القدرات الإستخباراتية السورية تأثرت جداً جراء الحرب السورية خاصة في ظل حالة المقاطعة لسنوات مع حماس، التي وازاها خروج الجنوب السوري لسنوات عن السيطرة، كما أن الانخراط العسكري لروسيا وإيران في سوريا لا بد وأنه أثر على هذه القدرات. وزاد من تعقيد الترتيبات اللازمة لأي مشاركة سورية محتملة، وهو ما تجلى بوضوح بعد استهداف مطاري حلب ودمشق يوم الخميس الماضي.

سياسياً لا يمكن إنكار أن دمشق لم تستعد كامل التشابك في علاقاتها الخارجية كما كان عليه الأمر قبل 2011، فوضعها الحالي يفترض أولوية استعادة العلاقات الدبلوماسية والتخلص من عبء العقوبات الغربية أو ما قد ينشأ من ضغوط، كما أن التدخلات الإقليمية والدولية في الساحة السورية باتت تجعل أي دعم سوري محتمل لفلسطين مرتبط بتوافقات مع الدول الحليفة أولاً قبل الدول الأخرى ثانياً.

أقرأ المزيد: نعمة سياسية تنهي لعنة الجغرافية

كان دور دمشق التاريخي في أي مواجهة حشد الدعم للفلسطينيين خاصة لدى الأطراف الغربية للضغط على الكيان، أو داخل البيت العربي لضمان الدعم لفلسطين. هذا الدور تأثر بشدة إن لم يكن تآكل بالتوترات الجديدة والتحالفات المتغيرة، ما يعني ضعف تأثيرها السياسي وقدرتها المحدودة اليوم على الساحة الدولية لدعم “طوفان الأقصى”. لذا ستفقد الفصائل الدعم العربي والمساندة التي كانت تتلقاها عادة في كل مفاوضات سياسية.

ذات الأمر ينطبق على الوضع الاقتصادي الذي لا بد وأن يتأثر بالأولويات السياسية، فالاقتصاد المتعثر لا بد وأن يضغط على الحكومة السورية لإعطاء الأولوية للاستقرار الداخلي والاقتصادي على حساب دعم أطراف خارجية مثل الفصائل الفلسطينية، دون إغفال أن سوريا تعتبر دولة مضيفة لعدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين. وقد تؤدي التحديات الاقتصادية الحالية إلى تفاقم الظروف الصعبة أصلاً التي يواجهها هؤلاء اللاجئون، مما قد يحد من قدرتهم على مشاركة الفصائل الفلسطينية بنشاط في المواجهات، ويصعب قدرة دمشق على تعويض فاقد ما قدمته من دعم سابق، ونقصاً في دعم النفقات التشغيلية للفصائل نفسها. العامل الأكبر قد يكون حجم الدين الخارجي للاقتصاد السوري وتأثر أي تحرك محتمل من دمشق بمواقف الدول صاحبة هذه الديون.

كل ما سبق من آثار الوضع السوري تعكس ثغرة كبيرة ونقص إسناد كبير ستتعرض له الفصائل في المواجهة الحالية المتمثلة بـ”طوفان الأقصى” ما يجعل الأخيرة محدودة بجغرافية قطاع غزة حتى لو كانت تبعاتها خارج القطاع وحتى إقليمية، ويمنع بشكل كبير إمكانية دخول حزب الله نفسه في مواجهة كبيرة مع الاحتلال لتخفيف الضغط عن غزة أو لتحقيق مكاسب مثيلة بالتي حققتها عملية حماس في الجنوب الفلسطيني، وقد يحمل أخباراً غير سارة على مستقبل القطاع ويطلق عنان الكيان الصهيوني لمعاقبة الفصائل الفلسطينية على العملية التي أطلقتها خاصة في ظل عدم قدرتها على الانخراط في مواجهة عسكرية طويلة الأمد.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة