الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرظلال من ذكريات

ظلال من ذكريات

هاشتاغ_نضال الخضري

وضعتني الأعيرة النارية في ساحة رعب غير مسبوقة، فالتفكير لم يقدني إلى سببٍ واضح لتلك الأصوات التي انطلقت فجأة، لكن ما أدهشني أن الفرح يمكن أن يتحول إلى شكل غير مفهوم من هرج الأسلحة، ويرتفع فوق الأسئلة التي تطرحها نتائج شهادة التعليم الأساسي التي كانت تعرف سابقا بـ”البروفيه”، وكانت الصحف تتفرد بنشرها قبل أن يصبح الانترنت منطلق الرعب للرصاص الطائش، أو المجتمع الذي يفرح بصيغة معركة افتراضية.

الأعيرة النارية بذاتها تعبير عن شكل تعليمي يثير الاستغراب، فمع كم العلامات المرتفع يصبح السؤال عن المفارقة بين شهادتين: الأولى هي الثانوية التي تشكل صراعا مع “الدرجات”، والتعليم الأساسي الذي يعتبر مشوارا نحو المعركة باتجاه الأرقام التي تحدد مصير الأجيال.

التعليم بصورته الأولى يقارب تشبيهات التراث بالحسنات والسيئات، ويكتمل مع ألوان “الزيف” في تكوين مجتمع المعرفة عبر “مسابقات” و “أولمبياد” التفوق، فهل سجلنا فارقا عبر زمن الصراع مع درجات الطالب؟

تبدو المسألة متكاملة إذا حاولنا رؤيتها من بعيد، فعندما كان الوصول إلى العلامة التامة مستحيلا قبل ثلاثة عقود أو أكثر لم نكن نسمع صوت الرصاص، بل أصوات بائعي الجرائد في الصباح الباكر يبيعون الصحيفة التي تعلن عن أسماء الناجحين، وعندما أصبح عدد كبير من الطلاب يحجز موقعه من العلامة التامة فإن تقليد الفرح اختلف، ولكن في كلتا الحالتين فإن العملية التعليمية لم تؤثر على الثقافة العامة، ولا على السلوك الاجتماعي تجاه المعرفة.

بالتأكيد تحسنت مهارة الأجيال، ولكن “العملية” التعليمية بقيت ضمن نفس الإطار الذي يعتبر الشهادة الثانوية نقطة انطلاق في السلم الاجتماعي، ورغم كافة القوانين السابقة من الاستيعاب الجامعي إلى “أولويات التوظيف” لم تبدل مساحة التعليم، ولم تستطع نقلنا لمراحل جديدة في إطار التفكير بـ”العلم” كميزة حداثية معاصرة وليست حرفة تحتل موقعا في السلم الاجتماعي التقليدي، فهل هذا الأمر هو سبب إطلاق الأعيرة النارية؟

من يرفع السلاح ليطلق النار في الهواء فرحا لا يرى العلم، إنما ينظر إلى من حوله بتحد، فهو يواجه الآخرين بقوته في فرض ولده، أو أيا كان، على الآخرين ليس بالمعرفة أو الدرجات التي حققها، إنما بسطوة السلاح الذي يفرض نوع الفرح، والرغبة في التمايز بوسيلة لا علاقة لها بالعلم، وهذا بذاته ينقل نتيجة مباشرة لعدم قدرة العملية التربوية على إحداث أي فارق عبر الزمن، فبغض النظر عن كل التقييمات للمناهج وأساليب التدريس أو غيرها من الأمور التقنية، يكفي أن نشاهد السلوك الاجتماعي تجاه العملية التربوية كي نصاب بالإحباط.

في الماضي كان هناك “عشرة أوائل” وبغض النظر عن مدلول كلمة “عشرة” التي تذكرنا بالمبشرين بالجنة، لكن الأمر كان يوحي بأن الوصول لتحصيل الدرجات أمر صعب، واليوم هناك عدد كبير من “الأوائل” يستحقون بالتأكيد الإطراء والفرح والاحتفاء بهم، لكن مفهوم التفوق اختفى نتيجة الحالة التي وصلت إليها النتائج في الشهادتين.. وربما نتيجة المظهر النهائي لعملية تعليمية تحتفي بالأرقام!

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

 

مقالات ذات صلة