هاشتاغ سوريا_ نور عزر الله
ما يحدث في هذه البلاد لا يخضع للمنطق، ولا القانون! كما يصعب تفسيره بالورقة والقلم. ترى كيف أنهى المواطنين الحرب وبعضهن سالمين؟ ثم وجدوا أنفسهم في غاية الضعف خائرين أمام ظلهم! يجوب أحدهم شوارع مدينته ويستظل بيافطات ممن هم صوته البرلماني. قبل المكوث ليلاً بشكل روتيني لساعة أو ساعتين أمام التلفزيون بغرض الترفيه أو لرؤية عمل درامي قريباً منه، على اعتبار أن الدراما معنية بالحكاية وكل قصصها على اختلاف تصنيفاتها تلبي ثقافة المشاهد.
أما عن التشابك الدرامي مع الظروف المعيشية الحالكة وقدرة المسلسلات السورية على محاكاة المتعبين نفسياً، يجسد النجم عباس النوري من خلال عشارية “طبق الأصل” (كتابة سلام كسيري، إخراج علي علي) ضمن سلسلة “الحب جنون” (إنتاج شركة غولدن لاين) شخصية تعيش حالة مرض نفسي اسمه الذهان يتناولها العمل، ربما بأسلوب مغاير عن الطرق التقليدية في تناول الدراما السورية للعامل النفسي من خلال خطاب أكاديمي معقد وجاف. وعن الدور الذي يلعبه، أكد النوري لهاشتاغ سوريا أثناء زيارتنا موقع تصوير العمل في مدينة صيدنايا: «حكاية العمل تستند على حكاية شخص عنده حالة ذهان يقترب من الانفصام، وهذا لا يعني أنه شخصٌ خطير بل شخص طيب مسالم، لكنه لا يعرف كيف يرسم حياته نتيجة الضغوط المجتمعية التي تسببت في حالته، حتى تظهر له تخيلات يقال عنها مريضة لكنها الواقع بالنسبة له».
«محمود» في “أيام شامية” (13 حلقة – كتابة أكرم شريم، إخراج بسام الملا) أثنى على النمط الجديد القديم لشركات الإنتاج في طرح أعمالها على شكل عُشاريات بطريقة مختزلة، وفقاً لقناعته الرئيسة بأن «الفن هو عبارة عن تلميح وليس تصريح». والعمل الثلاثيني يصيب المشاهد أحياناً بالملل، إيماناً منه بأن العشاريات والخماسيات وحتى الأفلام تقدم المحتوى بطريقة مكثفة تراعي ثقافة وحساسية المشاهد.
ويرى «نجيب» في ترجمان الأشواق (تأليف بشار عباس، إخراج محمد عبد العزيز) أن المشهد الثقافي في سوريا مصادر من قبل اتجاهات متخلفة وجبانة! خاصة وإنه في اعتبار المجتمع السوري مشهدٌ صاخب وحيوي ولا يستطيع أحد أن يعتلي عليه، مشيداً بدور مواقع التواصل الاجتماعي في كشف القليل من خبايا المؤسسات الثقافية والفنية، بقوله: «السوشال ميديا ساعدت كثيراً في كشف الجدران الاسمنتية داخل المؤسسات التي يقودها أُناس لا يملكون مقومات كافية، وأنا لا أقصد أشخاصا، بل سياسات وقوانين عامة تقف عند خطوط حمراء، والدولة للأسف يهمها أن جميع المؤسسات يجب أن تفكر مثلها في الثقافة والإعلام والاقتصاد مثلاً، وهذا غير صحيح».
وعن بوستر مسلسل “شارع شيكاغو” (ورشة كتاب وإخراج محمد عبد العزيز) الذي قلب الشارع رأساً على عقب وفتح سجالاً بين محافظٍ حركت عليه مشاعر الغيرة على خصوصية مجتمعه، وهواة فيسبوك وصحفيين ونقاد وكتّاب سيناريو وغيرهم، ممن لبس ثوب الانفتاح واستعد لفتح مأتم جديد. النوري الذي يلعب فيه دور «مراد عكاش» دافع عن البوستر، وطالب باحترام الإبداع: «يجب ألا نساهم في تعميق وحضور التابوهات والممنوعات في المجتمع، لدرجة انعدام التفكير والإبداع، وعلى المتحفظين احترامنا، ومن حقنا رؤية العالم، لأن الشعب السوري ليس لديه ثقافة الإنترنت». ويرى فيه النجاح لأن العمل يحمل مشروعاً مختلفاً على مستوى الحكاية والصورة، بعيداً عن طريق الدراما السورية المبهم! من وجهة نظر «أبو عصام» (باب الحارة) الذي خاطب صناع الدراما والمؤسسات المعنية في هذا الصدد، بـ: «كفى كذباً نحن لا نملتك دراما حقيقية، وليس لدينا السوق للترويج لأعمالنا، مصر لديها 21 قناة، ولبنان بحجم نصف محافظة حمص لديها سوق، وكفاية تغني بالإنجازات. كذابين لا نمتلك ثقافة درامية صحيحة»! والحل الوحيد هو الاستثمار أي تحرك رأس المال بحرية «نقطة انتهى».