في ظل الجدل الحاصل في بريطانيا حول إعادة المواطنين المتورطين بـ “قضايا إرهاب” في سورية، شوهدت شميمة بيغوم، المعروفة إعلامياً بـ”عروس داعش” ، بـ”ملابسها الغربية وشعرها الأملس”، خارج مخيم روج (شمال شرقي سورية)، على حد تعبير صحيفة “تلغراف” البريطانية.
وتعقبت الصحيفة شميمة بيغوم، داخل المخيم، ولكنها رفضت التصريح بإيعاز من ممثليها القانونيين في بريطانيا، في حين وافقت فقط على نشر صورها.
وظهرت الشابة التي أصبحت في الـ21 من عمرها، دون حجاب على رأسها، وتضع مساحيق التجميل على وجهها، في إطلالة وصفتها الصحيفة البريطانية بأنها “انفصال عن الماضي الداعشي”.
“أكثر ملاءمة لشارع أكسفورد”!
وغادرت شميمة بريطانيا عام 2015، وانضمت لتنظيم “داعش” في سورية، بعدما تأثرت بدعاية التنظيم، وتزوجت من “الجهادي الهولندي”، ياغو ريدجيك (26 عاما)، وتسعى للعودة إلى موطنها، علماً أنّه تم سحب الجنسية منها لـ”دواع أمنية”.
وقد ولدت شميمة، في بريطانيا، وهي بنغلادشية، وكانت في 15 من عمرها عند مغادرتها البلاد، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية.
وفي 2015 سافرت إلى سورية عبر تركيا لتصل إلى الرقة، حيث تزوجت هناك من ريدجيك.
وقد عُثر عليها وهي حامل في شهرها التاسع في معسكر للاجئين في سورية في شباط/فبراير 2019.
وقد توفي الطفل الذي ولدته لاحقا جراء إصابته بالتهاب رئوي، بحسب متحدث باسم “قوات سوريا الديمقراطية”.
وتقول وسائل إعلام بريطانية إن شميمة فقدت سابقا طفلين آخرين خلال وجودها مع التنظيم.
وفي وقت سابق من 2019 ذكرت صحيفة “تلغراف” البريطانية أن شميمة كانت عنصرا متشدداً في “شرطة الأخلاق” التابعة للتنظيم، وكانت تعمل على تجنيد الفتيات الأصغر سنّاً.
وقد سمح لها بحمل بندقية حربية وعرف عنها أنها “شرطية قاسية”، بحسب صحيفة “الإندبندنت” لأنها كانت متشددة في فرض قوانين التنظيم على النساء.
وقالت الصحيفة البريطانية في تقريرها الجديد بعد لقائها الشابة: “بملابسها الغربية لا تبدو بيغوم مثل المراهقة التي ترتدي النقاب، وباتت أكثر ملاءمة لرحلة تسوق في شارع أكسفورد اللندني بدلاً من العيش في معسكر للجهاديين”.
“نريد العودة إلى الوطن”!
يذكر أن قضية بيغوم أصبحت رمزا لمصير العشرات من النساء البريطانيات اللواتي يعشن في مخيم روج، وكثير منهن سحبت جنسيتهن أيضا، وكثير منهن لديهن أطفال.
ورفضت ثماني بريطانيات أخريات إجراء مقابلات مع الصحيفة لـ”أسباب قانونية”، واكتفت إحداهن بالقول لمراسل “التلغراف”: “شكرا لمجيئك كل هذا الطريق”.
وقالت شابة أخرى، رفضت الكشف عن هويتها، إن “ابنها بحاجة ماسة إلى العودة إلى المنزل للحصول على رعاية طبية غير متوفرة في المخيم”، مضيفةً: “نأمل أن نعود إلى الوطن قريبا”.
تغيير الملابس واستعداد للمحاكمة!
ونقلت الصحيفة عن نورا عبده، مديرة المخيم، قولها: “البريطانيات يرفضن اللقاءات الصحفية بناء على مشورة محاميهن”، مشددة على أنهن “لا يسببن أي مشاكل في المخيم”.
وأضافت عبده: “لقد لاحظنا التغيير في ملابسهن، غالبيتهن يردن العودة إلى منازلهم الأصلية، وهن جاهزات لتحمل مسؤولية أفعالهن، ومحاكمتهن أمام القضاء البريطاني”.
“استراتيجية تُخفي المخاطر”!
وعن إمكانية لجوء البريطانيات في سورية لـ”استراتيجية تُخفي المخاطر”، أوضحت الباحثة في جامعة “هارفارد”، فيرا ميرونوفا، للصحيفة، أنّ “المرأة التي لا تزال منتمية لداعش، لا تفكر بالعودة إلى الوطن”.
واعتبرت ميرونوفا أنّ “خلع الحجاب خطوة مكلفة عليهن، وقد تحرمهن الوصول إلى الأموال والهواتف المحمولة داخل المخيم، خصوصاً أنّ النساء الغربيات لا يستطعن الحصول على مساعدات مالية من الخارج بسبب قوانين مكافحة الإرهاب”.
القضاء البريطاني بت في “عروس داعش”!
هذا وحسمت المحكمة العليا في بريطانيا، شباط/فبراير الماضي، دعوى رفعتها شميمة بيغوم، للاستئناف على سحب جنسيتها البريطانية، معتبرة أن “الحق في محاكمة عادلة لا يتفوق على كل الاعتبارات الأخرى مثل سلامة الجمهور”، بحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”.
وكان وزير الداخلية البريطانية، ساجد جاويد، قد قرر تجريد بيغوم من الجنسية عام 2019، لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وكانت محكمة الاستئناف قد وافقت على عودة بيغوم حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها ضد قرار الحكومة.
لكن لندن رفضت القرار، ورفعت الأمر إلى المحكمة العليا للنظر في القضية باعتبار أن “عودة بيغوم وغيرها ستزيد من احتمال وقوع هجمات إرهابية في البلاد”.
يشار إلى أن قرار سحب الجنسية من بيغوم ووجه بانتقادات شديدة من نشطاء حقوق الإنسان وخبراء القانون الذين يجادلون بأن هذا الإلغاء جعلها عديمة الجنسية وأضعف حقها في استئناف عادل، فضلاً عن مطالبتهم بـ” تعامل انساني” مع المواطنين الراغبين بالعودة من سورية.
وفي شباط/فبراير الماضي، بعث خبراء حقوقيون رسائل رسمية إلى 57 حكومة يُعتقد أن لديها مواطنين في مخيمي الهول وروج شمال شرقي سورية، لحثّها على إعادتهم لأوطانهم دون تأخير وانتشالهم من الظروف البائسة التي يعيشون بها في المخيمين، بحسب الأمم المتحدة.
وقال الخبراء في بيان إن “عدد البلدان المعنية، والظروف الإنسانية المزرية للمخيمات، يبرز الحاجة إلى عمل جماعي ومستدام وفوري لمنع حدوث ضرر يتعذر إصلاحه للمحتجزين هناك”.
ورعايا الدول الثالثة ليسوا موقوفين بشكل رسمي ولا يواجهون تهما جنائية في سورية، لكن لا يسمح لهم بمغادرة المخيمات.
وفي تموز/ يونيو 2020، دعت مفوضية حقوق الإنسان إلى مساعدة من يطلق عليهم “رعايا الدول الثالثة” ممن يعيشون في مخيمات النزوح المكتظة مثل مخيم الهول ومخيم روج.
وبحسب المفوضية، يعيش نحو 90 ألف سوري وعراقي ورعايا دول ثالثة لديهم روابط أسرية مزعومة مع “داعش” في مخيمات النزوح، ولا يزال نحو 85 ألف طفل من أكثر من 60 دولة محتجزين في مخيمات يسيطر عليها الأكراد، 8 آلاف منهم من رعايا دول ثالثة.