هاشتاغ – أيهم أسد
يروي التاريخ الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط أنه في عام 1854 حصلت الإمبراطورية العثمانية على أول قرض أجنبي بقيمة (75) مليون فرنك، وأنه في عام 1870 كان عليها أن تدفع إلى المقرضين مبلغاً قدره (2.500) مليار فرنك.
وتبين الأحداث الاقتصادية خلال تلك الفترة أنه في عام 1856 أنشأ رجال المال الإنكليز المصرف العثماني الذي لعب دوراً كبيراً في تكبيل الإمبراطورية العثمانية مالياً.
وخلال السنوات السابقة ذاتها حصل الأوروبيون على الامتيازات الأولى الخاصة ببناء الطرق البرية والخطوط الحديدية المخصصة لضمان التجارة والمواصلات الأجنبية ووصلها مع الموانئ البحرية.
وتحولت الإمبراطورية العثمانية في ذلك الوقت، وبالمعنى الدقيق للكلمة، إلى منبع للمواد الأولية اللازمة لحركة التصنيع العالمية في كل من إنكلترا وفرنسا، وإلى سوق لتصريف الإنتاج لهما ولبعض الدول الكبرى الأخرى كروسيا والنمسا.
إمبراطورية عالمية بذلك الحجم في حينه تقترض وتصبح مدينة وتتحول إلى سوق تصريف وتخضع لنظام سيطرة مالي غربي؟
إمبراطورية لديها في ذلك التاريخ مقومات زراعية هائلة ورأس مال بشري كبير وأراض واسعة ومنافذ برية وبحرية وأساطيل تجارية تصبح مدينة وسوق تصريف.
امبراطورية أخفقت، وبغض النظر عن تعقد الظروف، من الانتقال من نموذج إقطاعي وصناعي حرفي إلى نموذج صناعي عصري كما حصل في أوروبا في القرن التاسع عشر.
وبلغة علم الاقتصاد العام اليوم فإنه كان لدى الإمبراطورية العثمانية حينها كل مقومات الاقتصاد لكنها لم تكن تملك اقتصاد.
ومنذ ذلك التاريخ امتد ذلك السيناريو الاقتصادي من حيث بنيته إلى كل الدول العربية التي رحل عنها الاحتلال العثماني، وتكرر مع كل الدول العربية التي وقعت تحت الاحتلال الفرنسي والإنكليزي والإيطالي وغيرهم.
كل تلك الاقتصادات أخفقت في الوصول إلى نموذج صناعي متطور وربما لن تسطيع في المستقبل الوصل إليه.
ما الذي يعنيه ذلك تاريخياً وحاضراً، وما الذي سيعنيه مستقبلاً؟
يعني ذلك أن كل تلك الاقتصادات التي تمتلك الكثير من الموارد لكنها بقيت حتى الآن: اقتصادات فقيرة، اقتصادات مدينة، اقتصادات تصريف، اقتصادات هامشية، اقتصادات استهلاكية، اقتصادات هشة، وربما ستبقى كذلك أيضاً.
وبالنتيجة فقد حضرت “الموارد” وغابت “إدارتها”، فهل هذه هي عقدة الشرق الأوسط اقتصادياً؟