بلبلة كبيرة تحصل في كل المجالس والصالونات السياسية اللبنانية، و بحسب مصادر مطلعة، أنّ ما حال دون موعد زيارة وفد “التيار الوطني الحر” الى بكركي يوم الثلاثاء، ادّى الى تجديد الموعد وتأجيله الى ما قبل ظهر اليوم، بعدما بلغت ردّات الفعل على الحملات التي إستهدفت البطريرك في ظلّ ردات الفعل التي طاولت مبادرته وموجة التفسيرات التي أُطلقت عليها، بشكل تجاوز مراميها وأهدافها.
فيما دعت المجموعات المنظمة للتحرك وعددها 20 الى التجمع عند الثالثة بعد الظهر في بكركي تحت عنوان” نعم لمبدأ الحياد، نعم لمؤتمر دولي من اجل لبنان ودعما للمواقف السيادية الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي”.ووفق معلوماتاحد المواقع فان حزبي “الكتائب” و” القوات” تركا حرية الخيار للحزبيين والمناصرين لجهة المشاركة في التحرك او عدمه ، الا ان مجموعات من الحزبين تقوم بإرسال رسائل نصية على هواتف المناصرين والمحازبين لدعوة الراغبين منهم بالتوجه الى بكركي السبت.
وتشدد الرسائل غير الموقعة باسم الحزبين على وجوب إعتماد العلم اللبناني كشعارٍ وحيد في هذا التجمُع، بالإضافة الى الإلتزام بالوقاية والكمامة أثناء الوقفة التضامنية”.
في المقابل وجه “حزب الوطنيين الأحرار” دعوة رسمية وعلنية الى المحازبين والمناصرين واللبنانيين للمشاركة في التجمع، وهو في الاساس من ضمن المجموعات العشرين المنظ\مة للتحرك.
من جهتها، أعلنت مصادر كتائبية انّ رئيس الحزب النائب المستقيل سامي الجميل، وبعد سلسلة المشاورات التي اجراها، طلب من مختلف الاقاليم الكتائبية المشاركة في التجمع دعماً لمواقف البطريرك الداعية الى تطبيق القرارات الدولية الخاصة بلبنان وإبعاده عن المحاور الإقليمية التي دمّرت محيطه وفكّكت عدداً من دوله، جراء الحروب الداخلية ورفضاً لاستمرار التدخّلات الخارجية. وهو ما تترجمه دعوته الى الحياد ووقف مسلسل الإغتيالات التي تمسّ حرية قادته وناشطيه، وموجة التهديد والتخوين التي يتعرّض لها دعاة السيادة والحرية من كل طوائف لبنان ومناطقه. وشدّدت القيادة الكتائبية في تعميمها على ضرورة إبعاد الأعلام والشعارات الحزبية عن اللقاء والإكتفاء بالعلم اللبناني والشعارات الوطنية، مع ضرورة احترام وسائل الحماية والتباعد الإجتماعي والشروط الصحية المعتمدة في مواجهة جائحة الكورونا بكل تشدّد، حفاظاً على سلامتهم وسلامة المجتمع.
و بحسب تصريحات إعلامية، أنه وبعد لقاء وفد من “التيار الوطني الحر” البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، فقد زوِد الزوار منه رؤيته للأمور، وكانت مناسبة للبحث في المستجدات السياسية وفي مقدمتها الاستحقاق الحكومي.
وأضافت المصادر، أنه تم مناقشة موضوع تشكيل حكومة قادرة بتركيبتها وبرنامجها على تحقيق الإصلاح المطلوب واكتساب ثقة اللبنانيين قبل كل شيء، و”قد لمسنا حرص غبطته على أن يتم الاستحقاق بأسرع وقت ومن ضمن الأصول والقواعد الميثاقية والدستورية وعلى أساس الشراكه الوطنية الكاملة، وأبلغناه اننا على استعداد للبحث والمساعدة في اي طرح”.
وكان البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، دعا، منتصف الشهر الحالي، الرئيس ميشال عون إلى عقد اجتماع مصالحة مع رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، لتشكيل حكومة، وإنهاء حالة الجمود السياسي في البلاد، فيما تحدثت مصادر لبنانية عن وساطة ينتظر أن يقوم بها ثنائي “حركة أمل”، و”حزب الله، لعقد لقاء بين الطرفين عقب عودة الحريري من الخارج.
واعتبر البطريرك الراعي، أن حالة البلاد والشعب المأساوية لا تبرر على الإطلاق أي تأخير في تشكيل الحكومة. مضيفا أنه في هذه الحالة ” نتمنى على رئيس الجمهورية أخذ المبادرة بدعوة دولة رئيس الوزراء المكلف” إلى اجتماع. ولفت البطريرك الماروني إلى أن “لبنان هذه الجوهرة الثمينة بات في حالة تقويض لم نكن ننتظرها في مناسبة الاحتفال بمئويته الأولى: تأليف الحكومة معطّل، القضاء فريسة التدخل السياسي والمذهبي، الاقتصاد مشلول في كل قطاعاته، نصف مدينة بيروت مهدّم، سكانه منكوبون، أهالي الضحايا مهمَلون، نصف الشعب اللبناني في حالة فقر”.
و أشار الراعي الى أن الباب المؤدّي إلى طريق الحلّ لكل هذه الأمور هو تشكيل حكومة إنقاذ “مؤلفة من نخب لبنانية، شخصيات نجحت وتفوقّت في لبنان والعالم، وتتوق إلى خدمة الوطن بكل تجرّد، وتحمّل مسؤوليّة الإنقاذ وترشيد الحوكمة. فالمطلوب من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف أن يقدّما للشعب أفضل هذه الشخصيّات، لا من يتمتع بالولاء للحزب فقط، أو بالخضوع للزعيم. لبنان يزخر بشخصيات تعطي اللبنانيين والعالم صورة وطنهم الحقيقية.
وكان جرى تكليف الحريري برئاسة الحكومة للمرة الرابعة في أكتوبر/ تشرين الأول، وتعهد بتشكيل حكومة اختصاصيين لتنفيذ الإصلاحات الضرورية لتلقي مساعدات خارجية، لكن الخلافات السياسية أخرت العملية منذ ذلك الحين.
وأشار البطريرك الماروني إلى أنه سبق وأطلق مؤخرا الدعوة إلى تنظيم مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية من الأمم المتحدة “إنقاذا للبنان ومنعا لسقوطه أمام الظلامية والمشاريع العابرة المشرقة والمخالفة لجوهر الوجود اللبناني”.. مشددا على وجوب إعطاء الأولوية للحلول الحضارية والسياسية والدبلوماسية لا للحلول العسكرية.
وأكد أن مثل هذا المؤتمر الدولي الذي دعا لانعقاده، لا ينتزع القرار اللبناني والسيادة والاستقلال، وإنما ينتزعها من مصادريها ويعيدها إلى الدولة والشرعية والشعب، كما أنه (المؤتمر) يوقف التدخلات الخارجية التي تمنع بلورة القرار الوطني الحر والجامع، ويثبت أركان الدولة اللبنانية ويضمن حيادها في ظل الخطر الوجودي الذي تتعرض له.