يعد البعض أن عمليات التجميل ضرورة لتصحيح جمالهم، بينما وصل البعض الآخر إلى ما يسمى هوس التجميل نتيجة ثقافة المجتمعات التي تعطي أهمية كبيرة للمظهر الخارجي.
يقول دكتور جراحة تجميلية رفض ذكر اسمه لـ”هاشتاغ” إن الإقبال على الإجراءات التجميلية يزداد كل سنة عن سابقتها، وخصوصا للأعمار الصغيرة من 18 إلى 25، ونعزو السبب لانتشار المواقع الإلكترونية وصفحات الموضة والجمال والانفتاح على العالم.
ويتابع الجراح، في غالب الوقت أحرص على الشرح للمريضة أو الشابة عن مضار هذه الحقونات وتكرارها مع السنوات، خصوصا إذا كُن بأعمار 18أو أقل حتى، وأحاول ثنيها عن قرارها بأنها لا تحتاج في هذا العمر ولكنها تصر.
ويلفت، إلى أن الحقونات التجميلية تجذب الشباب بنسبة متقاربة للصبايا من حقن الشحوم والبوتوكس والفلير وأصبح الشباب يرتادون العيادة من أجل الحقونات، وخصوصا أن أسعار هذه الإجراءات مقبولة وفي متناول اليد، بحسب تعبيره.
فجلسة حقن الشحوم للوجه مثلا من 550000 لـ800000، بحسب كل طبيب، ويحتاج المريض من جلستين إلى أربع جلسات خلافا لعمليات التجميل الجراحية المكلفة نوعا ما، وخصوصا للمواطن السوري، فمثلا عملية شد البطن الكلي من 18000000 لـ25000000 أيضا، بحسب كل طبيب.
ويكمل، لكن أسعار العمليات والجراحات التجميلية قياسا بالدول المجاورة تعد منخفضة مع براعة الأطباء السوريين في هذا المجال، فهناك مرضى كثر من العراق ولبنان والإمارات يأتون إلى سوريا لإجراء عمليات تجميلية لأنها الأرخص ونتائجها ممتازة.
الإناث أكثر إقبالا على تجمل الأنف
يقول الدكتور محمود شاويش اختصاص أنف أذن حنجرة وجراحتها لـ”هاشتاغ”: “إن الفئة العمرية التي تقبل على عمليات تجميل الأنف هي من الأعمار الصغيرة من 18 وما فوق وتنتقل نسبة الإقبال كلما زاد العمر للـ35 وما فوق، وفيما يتعلق بعملية تجميل الأنف، فالإناث يرغبن بها أكثر من الشباب بنسبة تقريبية 15 أنثى مقابل ذكر واحد”.
ويلفت شاويش إلى أن هناك بعض الحالات التي تزور العيادة لا تحتاج إلى عملية تجميل أنف أي لا يوجد عذر لعملية التجميل لا شكليا ولا طبيا، “عندها أحاول كاختصاصي أن أفسر وأشرح الأمر للمريضة وأعتذر عن إجراء عملية التجميل التي طلبتها”.
آراء متفاوتة
تقول كندة موظفة في التأمينات الاجتماعية:
“أنا مع عمليات التجميل وإجراءات التجميل الضرورية أما موضوع الحقونات أعده من الكماليات، وخصوصا أنه “حنفية” بمجرد أن تنفتح لا نهاية لها لأن أي حقن سواء فيلر أم بوتوكس لا بد من حقونات متتالية له بعد أشهر عدة عند اختفاء تأثيره.. لذا وفي ظل الظروف المعيشية الحالية أعد حاجيات الأطفال والمنزل أهم بكثير من ذلك”.
بينما، تستنكر المهندسة سوسن الهوس الذي يسيطر على زميلاتها، وتقول: أصبحت غالبية الصديقات تجري الكثير من الإجراءات التجميلية ووصلن لدرجة المبالغة وتغيير في ملامح الوجه، إذ بدأت أنفر من الفكرة حتى، مع أني أحب الاعتناء بشكلي والحفاظ على نضارتي”.
أما محمد فيشجع عمليات التجميل للإناث والذكور ويقول: “أنا حقنت البوتوكس والفلير في منطقة الذقن وكانت النتيجة رائعة وسأستمر على الرغم من صعوبة تأمين المبلغ لأني طالب جامعي”.
وتقول نجوى: “أعمل في وظيفتين، وبصراحة أحاول تأمين المبلغ الذي أحتاج إليه لحقن البوتوكس كل ستة أشهر وجلسات الميزو للاعتناء ببشرتي وأعد هذه الإجراءات من أولوياتي”، مشيرة إلى أنها حاليا ستقترض لتجري عملية تجميل للأنف.
بينما تعد نورا -التي تعمل ممرضة- أن التجميل بات إدمانا، وخصوصا مع وجود مواقع التواصل فنرى كمية من الجمال تتميز بها الكثيرات ونحاول أن نصل بالتجميل للمثالية في الشكل وهذا للأسف مكلف جدا في ظل الظروف التي نعيشها”.
ويقول علي طالب جامعي: “أنا أشجع عمليات التجميل الضرورية للذكور والإناث، لكن مؤخرا ومع المبالغة في التجميل وتغيير ملامح الوجه الأساسية أصبحت أنفر من التشابه بين الفتيات”.
الإقبال على عمليات التجميل
ويقول الدكتور حسام الشحاذة الباحث في القضايا النفسية والاجتماعية، فيما يتعلق بالإقبال الشديد على عمليات التجميل بين فئات الشباب من كلا الجنسين ذكوراً وإناثاً، إنها ترجع لأسباب عدة ومتنوعة ومتداخلة في الوقت نفسه، و يمكن -باختصار- حصرها بالنقاط الرئيسية التالية:
1- أسباب شخصية: والتي تتعلق بمظهر الشخص وهيئته، ومدى شعوره بأن شكله الخارجي في الجسم والوجه مقبول للآخرين، ومدى الثقة بالنفس التي منحها لنفسه أو منحها المحيط الاجتماعي له لتقبل ذاته كما هي، أو أنه بحاجة إلى تعديل أو تغيير جزئي في بنية الجسم أو التعابير الوجهية.
2- أسباب خَلقية: التي ترتبط بطبيعة الجسد وبنيته، وفيما إذا كان الشخص رجلاً أم امرأة بحاجة إلى تجميل في التعابير الوجهية وبعض أجزاء الجسم أو لون البشرة، ليزيد من الثقة بالنفس وتقبل الشخص ذاته وتقبل الآخرين له، فقد يكون الشخص بحاجة فعلاً إلى تجميل الأنف أو زرع بعض الشعر في الرأس أو تصغير الأذن مثلاً، وذلك يتوقف على مدى حاجة الشخص إلى مثل هذه العمليات التجميلية البسيطة.
3- بيئة العمل: قد تفرض بيئة العمل أن يكون الشخص رجلاً كان أم امرأة بأحسن صورة ممكنة من حيث هيئة التعابير الوجهية أو لون البشرة أو الوزن..، ما يفرض عليه إجراء بعض عمليات التجميل، بالحدود التي تسمح بها حالته الصحية، سواء كان تجميلاً جراحياً أم دوائياً أم فيزيائياً، وهذا ينتشر عند أصحاب المهن الإعلامية والفنية التي تتطلب منهم أن يكونوا دائماً بحالة نضارة الشباب وقوام رشيق وتعابير وجهية وبشرة صافية ومشدودة.
4- عوامل بيئية: التي يأتي في مقدمتها العوامل الاجتماعية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام غير الموجه، وهو من أخطر الأسباب عموماً، ويأتي نتيجة محاولة تقليد الآخرين من دون سبب واضح أو مجدٍ طبياً أو فيزيائياً، مثل سعي الفتاة أو الشاب في مرحلة المراهقة المتأخرة وبداية الشباب إلى تقليد بعض الشخصيات الفنية أو الإعلامية أو الدرامية في التعابير الوجهية (نفخ الشفاه، نفخ الصدر، زرع الشعر، نحت عظام الذقن، التنحيف الجائر بالبخار والمواد الكيميائية، شد البشرة الجراحي، تصغير الأنف..إلخ)، والتي قد لا تكون متناسبة مع شخصية الفرد الكلية، وقد تقود إلى مشكلات صحية كثيرة إن لم تكن قائمة على استشارات طبية مُحكمة.
ويلفت الشحاذة إلى أن أي عمل تجميلي سواء أكان طبيا جراحيا أو غير جراحي أم تجميلا تقليديا في صالونات التجميل والحلاقة، يجب أن يستند إلى دراسة معمقة لمدى ملاءمة هذا العمل التجميلي لشخصية الفرد من جهة، ومدى الحاجة إليه من جهةٍ أخرى.
ويضيف: “وهنا التنشئة الاجتماعية والأسرية تؤدي دوراً مهماً ومحورياً في توجيه الأبناء في سن المراهقة والشباب إلى توعيتهم بإيجابيات وسلبيات عمليات التجميل بأنواعها كافة، ومدى الحاجة الوظيفية إليها، أو أنها مجرد كماليات غير ضرورية”.
كما يرى، أنه لا بد من زرع الثقة بالنفس عند الأبناء في هذه المراحل العمرية المهمة لتقبل الذات كما هي، وأنها خلق الله، ويجب عدم العبث بها، ومناقشتهم في ذلك لتكوين شخصية عقلانية قادرة على مناقشة هذه القضية بوعي، والتوجه نحو الخيار الملائم لهم، كما لابد من مساعدة الأبناء في الوعي بالرسائل غير المباشرة التي تصل في وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام غير الموجه، وعن مخاطر عمليات التجميل إذا كانت غير مناسبة أو غير ضرورية، وأن كثرتها المفرطة قد تقود إلى تشويه التعابير الوجيه أو الجسمية.
ويتابع، “لابد من ذكر الأمثلة لهم من الواقع الحالي، والتي تبين مخاطر انجرار بعض الفنانين أو الشخصيات الإعلامية أو الدرامية إلى الهوس العُصابي نحو عمليات التجميل الطبي والجراحي تحديداً، والنتائج السلبية والكارثية التي ترتبت على هذا الأمر”.