Site icon هاشتاغ

عندما تنهار منظومة الحقوق

عندما تنهار منظومة الحقوق

عندما تنهار منظومة الحقوق

هاشتاغ – رأي: نضال الخضري

 في عصر الانقلابات العسكرية في سوريا مُنحت المرأة حق التصويت، فأقر قائد انقلاب عسكري، حسني الزعيم، هذا الحق وبشروط خاصة، وبعد عام فقط ظهر دستور 1950 بعد انقلاب الشيشكلي ليضع المرأة بالتساوي أمام الرجل في هذا الأمر، وكانت مسيرة حقوق المرأة واقعاً اجتماعياً فرض نفسه على مدى 75 عاماً، لكن ضبابية الأيام القليلة الماضية أعادت هذا الحق إلى الواجهة، فمتاهة التحول السياسي هي أيضاً “متاهة ثقافية” يصعب فيها رؤية الانهيارات الممكنة في الشأن الاجتماعي.

 لا ترتبط المسألة هنا بفترة زمنية خاصة بل بحقوق ظهرت مع السنوات الأولى للاستقلال، وكرست واقعاً ربما اتضح أكثر في مراكز المدن، بينما ظلت الأرياف تعيش في ظل تقاليدها الخاصة، لكن النساء عملياً تحملوا عبء الحرب الأخيرة، إذ أصبحت سوريا في وضع خاص دفع الذكور نحو الحرب أو الهجرة، وانتكاس حقوقها على الأقل في ظل التصريحات التي عشناها في غصون 10 أيام هو مؤشر لسلسلة حقوق لا ترتبط فقط بالمرأة بل ربما تطال المجتمع عموماً.

 هواجس السوريين متعددة فهم مسكونون برعب أي إجراءات يمكن أن تغير من سياق حياتهم، وهم يبحثون عن مظاهر الدولة التي اعتادوها منذ مراحل الاستقلال وليس في مرحلة البعث فقط، فالدولة إرث الصراع الوطني وهي شكل السيادة على الرغم من أي ظرف قاس داهمهم وربما امتد طويلاً، فكل الصراعات السياسية لم تكسر أشكال السيادة، ولكن عشرة أيام فقط كانت كفيلة برؤية ضياع الدولة التي أسسها الرواد منذ بداية مرحلة الانتداب.

 ما يجعل الجرح عميقاً هو أن تعود المطالبات التي نسيناها بشأن المرأة إلى الواجهة مع هواجس أخرى بشأن وحدة المجتمع السوري، فكسر حاجز الخوف بالتظاهر لا يعني أن الحريات العامة ستكون بخير لأننا لسنا فقط أمام استحقاق دستور جديد بل قوانين ناظمة يمكن أن تجعل الحريات العامة كما في الدساتير السورية منذ الستينيات جزءاً من منظومة سياسية خاصة.

 بوابة المرأة اليوم هي فقط لتلمس الملامح وللانتهاء من مرحلة الانتقاد والشتم والتحول في المواقف ورؤية “إسرائيل” تدمر الجيش، وتجتاز الحدود أول مرة منذ عام 1967، فالقادم ما زال أسئلة، وحالة الاضطراب الاجتماعي مستمرة حتى تتضح الخطوات السياسية القادمة التي يبدو أنها مؤجلة على الأقل للأشهر القليلة القادمة.

 في مساحة سوريا جمال نخسره تدريجياً، ووسط أشكال التحول والتغيير نفقد هوية كانت تعطي لسوريا حالات فرح خاصة، وتجعل التنوع فيها ظاهرة تحمل متعة خاصة، وهذا الأمر لا يرتبط بمرحلة البعث التي اتسمت بمشاكل كبيرة، لكن روح سوريا المتنوعة زينت حياة السوريين طوال عقود طويلة، وجعلت منها طيفاً يتيح ألواناً ربما لا تعرفها المجتمعات الأخرى، ورسمت أشكال حياة مختلفة وربما متناقضة على مساحة واسعة تدهش كل من يتنقل من شرقها إلى غربها.

Exit mobile version