هاشتاغ-محمد محمود هرشو
هل نحن؛ سكان هذه البلاد، أغبياء أم نتغابى إرضاءاً لحكوماتنا؟!..
سؤال راود تفكيري عقب مناقشة مع صديق حول زاوية كتبتها سابقاً ليسألني: هل مازلت مقتنعا أن
الحكومات تقرأ وتتعظ؟ فأجيبه بكامل ثقتي ويقيني أن الناس ليسوا أغبياء، و يوافقني الرأي
فنتفق على أننا نكتب للناس وليس للحكومات التي غالباً تريدهم أغبياء!
يقول إسحاق عظيموف: “عندما يعتبر الغباء وطنية فمن غير الآمن أن نكون أذكياء”.
نفس المفهوم كرّسَته في ذهني الحياة العملية حين أيقنت أن من يعرف بواطن الأمور أو قراءة ما بين السطور هو شديد العذاب .
الأمر ليس بالسر، والفهم ليس حالة نسبية أو محصورة بأحد، بل هو حالة عامة وسائدة وحتى فطرية لدى الإنسان. مثلما تريد حكوماتنا أن يكون التغابي كذلك.
ببساطة لو أخذنا أي عينة من عوام مواطني دول منطقتنا وسألناهم عن أسباب الفساد وأسماء
الفاسدين وداعميهم وحتى تفاصيل حياتهم وربما ما يملكون أيضاً لأجابونا بكامل التفاصيل، وهي أساساً
مرئية للجميع، باستثناء البعض ليس لأنهم لا يعرفون، بل لشدة ذكائهم ودرايتهم الواسعة بمتطلبات ما تريده الحكومة من المواطن الصالح؛ “أن يتغابى”.
ربما رسمت معالم حكومات هذه المنطقة بأيدٍ ماهرة، بغض النظر عن خلافنا مع أهدافهم ومخططاتهم الهدّامة.
الأذكياء فقط قرؤوا المشهد واستطاعوا التعايش مع الواقع، ثم بعد اختبارات عصيبة في علم
التغابي تم فرز الإدارات والقيادات والحكومات، والقاعدة للوصول إليها ليست معقدة:”تغابى أكثر
تصمد أكثر”.
الأمر غير معقد، فالأبواب مفتوحة، لدينا مسابقة التغابي العامة، وكذلك يُطلب بين الفينة الأخرى
ترشيح الأكثر تغابياً لمنصب ما، وتضج شائعات تغييرات هامة في مراكز قيادية فيلهث من يستطيع
أن يثبت تغابيه أكثر طامحا بالوصول الى القمم.
نحن نعتقد أن مسؤولينا أغبياء، لكن من يعتقد ذلك هو مخطئ ببساطة!
هم يتغابون فقط، وللتأكيد على صحة كلامي ما عليك إلا الاقتراب من “الكرسي” الذي يُعتبر تهديدا لوجودهم؛ عندها فقط ستراهم وقد استنفروا كل قواهم وجهّزوا كامل المخططات والمؤامرات التي لا تخطر على بال، ستجد مبتكرين عالميين هدفهم الأوحد إنهاء وجودك .
لذلك هم أذكياء بالفعل، لكنهم مدركين أن الذكاء أمام من يستغبونهم هدر للعقل والجهد والطاقات بلا مبرر، وهم لطالما حبذوا ادخار ذلك لتعزيز وجودهم في ابتكار قواعد فلسفة التغابي المقترنة بالبقاء.