الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةكلام الناسغزة.. المواجهة الدولية

غزة.. المواجهة الدولية

هاشتاغ-مازن بلال

يصعب قياس ما يحدث في غزة منذ بداية “طوفان الأقصى” بشكل نمطي ضمن العلاقات الدولية، فالحرب التي اشتعلت تطرح صورة أولية تقارب أحداث أيلول 2001، والاستنفار السياسي دوليا لا يتناسب مع طبيعة التهديد رغم الخسائر “الإسرائيلية”، كما أن قوة “حماس” عسكريا لا تطرح خطرا وجوديا بالنسبة لجيش الاحتلال، وهذه المواجهة التي دمرت غزة تكشف مسألة أساسية في شكل العلاقات داخل شرقي المتوسط التي أفشلت كل مشاريع التوازن الإقليمي.

الجانب الأساسي يرجع لظهور “إسرائيل” كنمط خاص لا يعبر فقط عن “المشروع الصهيوني”، إنما يطرح “النموذج الأوروبي”، والأمريكي لاحقا، في منطقة كانت تبحث عن هويتها بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، وكل الحديث الذي يدور عن الأصول التوراتية أو “يهودية الدولة” اليوم لا يعبر عن الشكل الذي ظهرت فيه “الكيبوتسات” في بداية تأسيس المستوطنات، فـ”إسرائيل” رسمت دولة مختلفة كليا عن تحديات الشرق الأوسط بداية القرن العشرين، حيث مثلت صورة “القوة” وذلك بغض النظر عن كل التفاصيل التي حكمت ظهورها.

أقرأ المزيد: أسئلة الحرب في غزة

عمليا فإن “القوة” شكلت عامل التوازن الاستراتيجي لـ “إسرائيل” طوال العقود الماضية، وهي ليست عسكرية بالضرورة، إنما “قوة الامتداد” الغربي عموما كنموذج لعالم يريد الخروج من أسباب الصراع القديم على الأراضي المقدسة، فما حدث منذ الحرب العالمية الأولى ليس عودة “الحروب الصلبية” حسب الأدبيات الشائعة بل على العكس هو كسر لها عبر “إسرائيل” المناقضة تماما لتصورات ما يحيط بها من تاريخ وتراث عاشه الشرق الأوسط.

أقرأ المزيد: احتمالات الحرب الإقليمية..

على خلفية هذا التأسيس فإن المعركة التي تدور اليوم يراها الأوروبيون والولايات المتحدة على أنها “صراع مفاهيم”، وذلك رغم محدودية المعركة التي خاضتها حماس، فرغم أهمية “طوفان الأقصى” لكنها تبقى ضمن إطار نفس الصراع الدائر منذ عام 2007 عندما سيطرت حماس على قطاع غزة، وفي نفس الوقت فإنها تطرح أمرين أساسيين:

الأول أن الصراع في فلسطين لا يمكن النظر إليه وفق مسارات مرتبطة بفشل عملية السلام، فالسلام بذاته كان إشكالية منذ قرار التقسيم (181) الذي أوضح أن عامل “القوة” عبر الشرعية الدولية هو الأساس، فكانت “إسرائيل” شكلا من التوازن الدولي الذي فرضه مؤتمر يالطا، وبقي أمنها جزءا من الحفاظ على هذا التوازن.

الثاني مرتبط بمسألة “السلام المستحيل” طالما أن “إسرائيل” ليست مجرد “دولة” بل “خط صدع” وفق المصطلحات العسكرية بين عالمين: الأول يرتكز إلى مفاهيم الارتباط الثقافي بالأرض والثاني إلى “الرواد” والمغامرين الذين اكتسحوا العالم مع الثورة الصناعية.

ثمن “الضحايا” في غزة يجب ألا يبقى مجرد ذكرى أو صفحة من تاريخ الصراع، لأنه في النهاية بوابة فهم لعدو نحتاج إلى توازن استراتيجي جديد لمواجهته، ولثقافة توازي “القوة” التي بدت عليها “إسرائيل” لحظة وجودها، وحجم “البطش” الذي يتم استخدامه اليوم ضد غزة لا يمثل بالنسبة للقرارات الدولية أي ثمن يذكر، لأنه يحدث ضد “الآخر” الذي لا يمثل بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا سوى صفحة من تاريخ الشرق القديم.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة