هاشتاغ- عبد الرحيم أحمد
دخلت فصول الحرب التي تشنها “إسرائيل” على منظمة الأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيريش مرحلة جديدة مع دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة وتخندقها كالمعتاد في صف سلطات الاحتلال الإسرائيلي وإرسال تهديدات علنية للمنظمة الدولية.
فبحسب صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، وقع أكثر من 100 عضو في الكونغرس الأمريكي رسالة إلى غوتيريش يحذرون فيها من أن الولايات المتحدة “ستخفض التمويل للأمم المتحدة إذا قامت المنظمة الدولية بتخفيض وضع إسرائيل فيها.”
وكانت حرب السجالات والانتقادات بدأت بين المنظمة الدولية وأمينها العام من جهة، وبين المسؤولين الإسرائيليين من جهة ثانية، على خلفية جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة التي تشنها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ عام ونيف.
وتأججت حرب التصريحات بين الطرفين عندما أعلن وزير خارجية كيان الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس مؤخراً أن “غوتيريش شخصاً غير مرغوب فيه في إسرائيل” عقب انتقاد الأمين العام لممارسات “إسرائيل” في حربها واستهداف مقرات الأونروا.
وبلغت هذه الحرب ذروتها قبل أيام عندما اتهم كاتس الأمين العام ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بأنهما “متواطئان في جرائم حرب” وذلك رداً على انتقاد غوتيريش الغارة الإسرائيلية التي قتلت محمد أبو عطيوي أحد أعضاء الأونروا في قطاع غزة.
وكتب كاتس بحسب الصحيفة الإسرائيلية على منصة إكس: “لقد وصل غوتيريش إلى مستويات جديدة من النفاق وعدم الحساسية .. غوتيريش والأونروا متواطئان في جرائم حرب”.
وجاءت الرسالة الأمريكية، التي قادها النائبان مايك لولر (جمهوري من نيويورك) وجاريد موسكوفيتز (ديمقراطي من فلوريدا)، لتضيف مزيداً من الوقود في حرب المواقف، إذ هددت الرسالة بشكل صريح من أنه “إذا تم تخفيض مكانة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة أو تم تقييد مشاركتها بطريقة أخرى بحيث لا يمكنها المشاركة بشكل كامل ومكافئ مع الدول الأعضاء الأخرى”، سيتم وقف التمويل عن المنظمة.
وتأتي هذه الرسالة في وقت شعرت الولايات المتحدة الأمريكية بتحرك في الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ إجراءات جديدة ضد الاحتلال الإسرائيلي على خلفية جرائم الحرب التي يرتكبها في قطاع غزة وكذلك ممارساته ضد وكالة الأونروا في القطاع.
وعبرت الرسالة عن غضب النواب الموقعين عليها من التصويت الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة لتنفيذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي يدعو الاحتلال الإسرائيلي إلى الانسحاب الكامل من الضفة الغربية.
واتهمت الرسالة الأمين العام للأمم المتحدة والمنظمة الدولية بأنها “ليست طرفاً محايداً، بل إنها طرف انحاز بشكل قاطع ضد إسرائيل” وقالت: “نذكرك بأن الولايات المتحدة هي أكبر مانح للأمم المتحدة .. تمثل مساهماتنا ثلث الميزانية الجماعية للهيئة. لن نقبل العداء المستمر للأمم المتحدة لحليفتنا إسرائيل”.
الحرب الإسرائيلية-الأمريكية ضد الأمم المتحدة وأمينها العام ليست جديدة، وهي تتصاعد مع كل موقف تنتقد فيه المنظمة كيان الاحتلال الإسرائيلي، أو تدعم حق الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة في دولة ذات سيادة.
وقبل أشهر قام مندوب كيان الاحتلال جلعاد أردان بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما أيدت 143 دولة حق دولة فلسطين بالعضوية الكاملة في المنظمة، وأتهم المندوب الإسرائيلي الدول التي دعمت القرار بأنها “تدعم الإرهاب”.
تريد سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومعها الإدارة الأمريكية أن يصمت العالم وهو يرى على الهواء مباشرة جيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكب المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة وفي مخيمات الأونروا والمشافي والمدارس وأماكن اللجوء، وأن يبارك للكيان دقة صواريخ القتل وأن يهلّل لها.
تريد تل أبيب ومعها واشنطن من منظمات الأمم المتحدة الإنسانية أن تكون شاهد زور على حرب التجويع والحصار ضد الشعب الفلسطيني، شاهداً أخرس يرى أشلاء الفلسطينيين تدفن بين ركام القصف العنيف ويصمت وأن يؤيد “حق إٍسرائيل في الدفاع عن نفسها” كما يصرح المسؤولين الأمريكيين شركاء الجريمة.
فهل بلغ العجز في منظمة الأمم المتحدة مبلغاً لا تستطيع الدفاع عن نفسها في حرب أعلنها عليها كيان الاحتلال الإسرائيلي؟ هل بلغ الأمر بها أن تصمت على التمادي عليها وعلى مؤسساتها من قبل مجرمي الحرب الإسرائيليين؟ كيف ستثق دول العالم وشعوبها بدور الأمم المتحدة بعد اليوم كحامٍ وراعٍ للأمن والاستقرار في العالم؟
إن هذه الأسئلة هي برسم مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة المطلوب منهما أولاً وقبل كل شيء تحمل مسؤولياتهما والقيام بدورهما في الدفاع عن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وسيادة الدول.