Site icon هاشتاغ

فقدان “المسؤولية الاجتماعية”…

هاشتاغ-نضال الخضري

كانت المفاجأة في أزمة الطاقة في “النمط الاجتماعي” الذي يطفو على ساحة الحياة السورية، فالتصريحات والتعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي لا تنقل شكل الأزمة التي تظهر مسألة الطاقة على هامشها، ففي مفاصل الحدث منذ 2011 وحتى اليوم نفتقد الركائز الاجتماعية التي تكسر النتائج التي نعيشها، فعند مواجهة الجمود الذي نحياه اليوم، والصقيع الذي نعتاد عليه في مساحة الحياة، نرصد فقط شكل الفقر المتبدل وحالة عدم القدرة على خلق “مسؤولية اجتماعية” ولو في أضيق شكل ممكن.

في تصريحات الوزراء السوريين هناك حالة كلاسيكية لا تقتصر على الجانب الرسمي، فالأزمة كما يراها الجميع فقدان حقوق فقط، وربما تضخم المسؤوليات في اتجاه واحد لا يحمل أي شكل إنتاجي، فزاوية الرؤية للأزمة تبقى مفقودة وسط الجلوس في حلقة وصف الظاهرة، وضمن إسقاط ما يجري على مساحة العلاقات الاجتماعية، فالطاقة الأحفورية شرط للرفاه لكنها ليست شرطا للبحث عن رؤية لتجاوز واقع يبدو أنه أصبح إدمانا.

نحن نرى المعاناة في وجوه البشر لكننا نفتقدها في “التواصل” الذي يمكن أن يضعنا وجها لوجه أمام الأزمة، فالقسوة تبدأ في عدم القدرة على معرفة أن الواقع حالة مشتركة، ومن يعتاشون على “مِحَن” الآخرين يتسربون من تهتك “المسؤولية الاجتماعية”، والصور السورية اليوم ليست مجلس عزاء نجتمع فيه لننعي واقعنا لأنها تحدي الحياة الذي نمر به دوريا منذ فجر التاريخ، وربما نشاهد اليوم خلاصة طاقة البقاء التي ترافق سوريا وربما تجعلها استمرارية رغم كل أشكال التحدي.

أمامنا اليوم أجيال الأزمة التي تحتاج لحالة تجميع مختلف، وتتطلب بناء علاقة “ثقة اجتماعية” بقيت مفقودة على امتداد التفاصيل التي عايشناها منذ أكثر من عقد، فالاضطراب لم يحرك سوى رهان الاتهامات بين أطراف كانت ترى الأزمة فرصة فقط، والأجيال التي نراها أمامنا تحمل معها كل تناقضاتنا، وهي تنقلنا في كل الألوان التي اخترعناها في سنوات الحرب، وجعلناها شكل من الأوهام التي ترافق الجميع وكأنها قناعة بأن العجز سمة سورية بامتياز.

بالتأكيد ليس هناك معجزة يمكنها إعادة رسم سوريا بألوان زاهية، وهي التي كانت بالأساس تملك سمة تبهر لأن لديها القدرة على رسم مخيلة اجتماعية تخلق الأمل الذي يتسرب في أحلك لحظات اليأس، في الوقت الذي أصبحت فيه أحلامنا اليوم تبدو مع الأجيال الجديدة حالة من العبث.

تبدأ المسؤولية الاجتماعية بالعلاقات التي يمكن أن نبنيها قبل أن تصبح مهمة لمؤسسات مدنية أو أهلية، لأنها في النهاية رغبة في النجاة والبقاء ضمن الحركة الإنسانية عموما، وهي في نفس الوقت مسؤولية الخروج من الشكل الاجتماعي الهرم الذي يحاصر الأجيال، ثم يسافر بنا نحو أزمات جديدة، وفي النهاية فإن معاناتنا هي أزمتنا مع ذواتنا أولا وأخيرا.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version