يعتبرالتعبير عن الامتنان ممارسة بسيطة لكنها قوية يمكنها أن تغير حياة المرء، فإن تطوير التقدير الصادق لما يمتلكه الشخص بالفعل يمكن أن يغير بشكل كبير صحته العقلية والجسدية.
وبحسب علم الامتنان، فإن اتخاذه كعادة يزيد القدرة على إعادة تشكيل الدماغ وتحسين الحالة المزاجية بل ونوعية وجودة الحياة بشكل عام.بحسب “العربية نت”.
ووفقا لما نشره موقع “Calm”، لطالما تم وصف الامتنان على أنه مفتاح السعادة.
وبدأ علم الأعصاب وعلم النفس في استكشاف كيف يمكن أن يؤثر الامتنان على الدماغ البشري، وقد أظهرت الدراسات أن الامتنان يمكن أن يساعد في:
- تعزيز المواد الكيميائية التي تشعر بالسعادة
- تنظيم التوتر
- تدريب الدماغ ليكون أكثر انسجاما مع الإيجابية
- تعزيز الاتصال العصبي في أجزاء الدماغ المرتبطة بالترابط الاجتماعي
- تحسين احترام الذات
آثار للامتنان على الدماغ
ويتمتع الدماغ بقدرة رائعة على إعادة تنظيم نفسه طوال الحياة من خلال تكوين اتصالات عصبية جديدة، فيما يُعرف بالمرونة العصبية، ويمكن أن يلعب الامتنان دورًا مهمًا أثناء حدوث تلك العملية، كما يلي:
-
تعزيز إنتاج الناقلات العصبية
إن إحدى أهم الطرق، التي يمكن أن يؤثر بها الامتنان على دماغ الإنسان، هي تحفيز إنتاج الدوبامين والسيروتونين، وهما ناقلان عصبيان يُعرفان غالبًا باسم المواد الكيميائية التي تساعد على الشعور بالسعادة.
وعندما يعرب الشخص عن الامتنان، قد يطلق دماغه هذه المواد الكيميائية، مما يؤدي إلى مشاعر السعادة والرضا.
ولا تعد مجرد دفعة مؤقتة، إنما يؤدي التعبير المنتظم عن الامتنان إلى تحسينات طويلة المدى في الحالة المزاجية بشكل عام والحالة العاطفية.
-
تنظيم هرمونات التوتر
يمكن أن يلعب التعبير عن الامتنان أيضًا دورًا حاسمًا في إدارة استجابة الجسم للضغط النفسي.
وعندما يركز الشخص على المشاعر الإيجابية المرتبطة بالامتنان، يمكن أن يقلل من إنتاج الدماغ لهرمونات التوتر مثل الكورتيزول، مما يؤدي إلى تهدئة الجهاز العصبي، وبالتالي يقلل من مشاعر القلق أو يعزز الشعور بالرفاهية.
-
إعادة هيكلة العمليات المعرفية
وبعيدًا عن التأثيرات البيوكيميائية، يمكن أن يشجع الامتنان على إعادة هيكلة العمليات المعرفية.
و يمكن أن يساعد في تعزيز التحول في العقلية من التفكير السلبي إلى التفكير الإيجابي، من خلال التركيز أكثر على الخير في حياة الشخص.
إنه تحول ربما يؤدي إلى تغييرات دائمة في كيفية إدراك الشخص للعالم من حوله وتفاعله معه.
ومن خلال ممارسة الامتنان بانتظام، يمكن المساعدة في تدريب الدماغ لتكون أكثر انسجاما مع الإيجابية.
-
تعزيز الاتصال العصبي
كل تعبير عن الامتنان قد يعزز المسارات العصبية المرتبطة بالمشاعر الإيجابية.
وبمرور الوقت، يمكن أن تصبح هذه المسارات أقوى، مما يجعل مشاعر الامتنان والسعادة أكثر سهولة وتكرارًا.
-
تحسين وظائف المخ في المناطق الحرجة
وأظهرت الدراسات التي تستخدم فحوصات الرنين المغناطيسي الوظيفي MRI أن الامتنان قد ينشط عدة مناطق مهمة في الدماغ، بما يشمل قشرة الفص الجبهي، المسؤولة عن اتخاذ القرار والتنظيم العاطفي والتعاطف.
و يمكن أن يجلب هذا التنشيط مشاعر فورية من الرضا ويمكن أن يساهم أيضًا في تحسين الوظائف المعرفية المرتبطة بهذه المناطق من الدماغ على المدى الطويل.
فوائد أخرى للامتنان وفقا للدراسات والبحوث العلمية
توسع علم النفس الإيجابي في نطاق البحث حول أهمية الامتنان، بقيادة الباحث “روبرت إيمونز”.
فقد ألّف إيمونز العديد من الأوراق البحثية حول سيكولوجيا الامتنان، وأثبت أن الشعور بالامتنان يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات الرفاهية في حياة الناس.
فمثلا، وجدت الدراسات أن التعبير عن شكرك يمكن أن يؤدي إلى تحسين شعورك العام بالرفاهية، وتوصلت أيضا إلى أن الأشخاص الممتنين أكثر قبولا وأكثر انفتاحا وأقل عصبية(3)
لهذا السبب يرتبط الامتنان سلبيا بالاكتئاب، وإيجابيا بالرضا عن الحياة، إذ وجدت دراسة أن الامتنان كان له تأثير -وإن كان هذا التأثير محدودا- على الحدّ من أعراض القلق والاكتئاب.
حاليا يدخل الامتنان -بشكل جانبي- في نطاقات العلاج النفسي للاكتئاب والقلق.
كذلك يُعَدّ الامتنان أداة قوية لتقوية العلاقات الشخصية، حيث يميل الأشخاص الذين يُعبّرون عن امتنانهم لبعضهم بعضا إلى أن يكونوا أكثر استعدادا لمسامحة بعضهم عند ارتكاب الأخطاء، كما أنهم يكونون أقل نرجسية.
كذلك فإن تقديم الشكر لأولئك الذين ساعدوك يُقوّي من علاقاتك ويعزز بشكل عام قدرتك على تكوين العلاقات والحفاظ عليها.
من الفوائد النفسية أيضا ما وجدته دراسة أُجريت عام 2014 من أن ضبط النفس قد زاد بصورة ملحوظة عندما اختار الأشخاص الشعور بالامتنان.
لضبط النفس أهمية بالغة في مختلف جوانب حياة الشخص، بدءا من الالتزام بالواجبات والمسؤوليات وتطوير وتنمية المهارات والتفوق، وصولا إلى مكافحة العادات الصحية السلبية مثل الإقلاع عن التدخين والإفراط في تناول الطعام.
ويساعدنا ضبط النفس على الالتزام بـ”الخيار الأفضل” لصحتنا على المدى الطويل، ولمستقبلنا المالي ورفاهيتنا.
ويمكن أن يوفر لنا الشعور بالامتنان التصميم وقوة الإرادة التي نحتاج إليها لاتخاذ خيارات في حياتنا تخدمنا عاطفيا وجسديا على المدى الطويل، وهو ما أكدت عليه دراسة أُجريت عام 2018، والتي وجدت ارتباطا بين ضبط النفس/الصبر من جهة، والامتنان من جهة أخرى.
وخلال الدراسة كان الأشخاص الممتنون يؤخرون المكافآت الخاصة بهم بدرجة أكبر من غيرهم.
ويشير الباحثون إلى أن هذا له آثار تمتد إلى ما هو أكثر من الشؤون المالية للفرد، مُؤكدين أن زيادة مستويات الشعور بالامتنان يمكن أن تساعد الأشخاص على اتباع سلوكيات إيجابية متعلقة بالصحة.
والامتنان أيضا لديه القدرة على تحسين سلوكك بشكل عام، فقد توصلت دراسة أُجريت عام 2006 إلى أن هناك علاقة إيجابية بين السلوك الاجتماعي الإيجابي والشعور بالامتنان.
ووجد الباحثون أن الامتنان يُسهّل عليهم تقديم المساعدة للآخرين، فيساعد الأشخاص الممتنون الأشخاص الذين ساعدوهم، كما أنهم يساعدون الغرباء أيضا.
وجدت الأبحاث أيضا أن الامتنان يمكن أن يُحسن من صحتك الجسدية، إذ أظهرت دراسة أُجريت عام 2014 وجود علاقة إيجابية بين الامتنان، والصحة البدنية ذاتية التقييم والميل إلى ممارسة الأنشطة الصحية والاستعداد لطلب المساعدة فيما يتعلق بالمخاوف الصحية.
إضافة إلى الفوائد الصحية الجسدية والنفسية السابقة، أظهرت أدلة أن الامتنان يمكنه أن يُحسّن من نوعية نومك، وتحسين نوعية النوم الذي تحصل عليها هو أمر في ذاته قادر على تحقيق العديد من الفوائد الجسدية والنفسية، بالإضافة إلى كونه يزيد من تركيزك ويُعزز من إنتاجيتك في العمل والدراسة.