الأربعاء, فبراير 5, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةسياسةفورد ينصح بايدن بمنح روسيا الدور الأكبر في سورية: العقوبات الأمريكية مثيرة...

فورد ينصح بايدن بمنح روسيا الدور الأكبر في سورية: العقوبات الأمريكية مثيرة للاشمئزاز و”الدويلة” الكردية فشلت والأسد لم يتزحزح

شغل المقال، الذي نشره السفير الأمريكي السابق بدمشق، روبرت فورد في مجلة “فورين بوليسي” 25 الشهر الجاري، الأوساط السياسية والإعلامية ولا يزال، بما حمله من جملة “نصائح” قدمها للرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، نسف فيها “لعيوب جوهرية” استراتيجيات النهج الأمريكي السابق للرئيس دونالد ترامب في سورية. محذراً من أن الاستمرار فيها لأربع سنوات قادمة سيعني إهدار مليارات الدولارات واستمرار تهديد المصالح الأمريكية.
مهندس الحرب في سورية، وآخر السفراء الأمريكيين لديها، اقترح نهجاً جديداً للمرحلة القادمة، مفاجئاً الجميع بضرورة تخلي واشنطن عن التزاماتها تجاه الحلفاء الأكراد بتشكيل حكم ذاتي كامل مستقل، وسيتعين عليهم بدلاً من ذلك التفاوض مع دمشق حول الوضع السياسي للأراضي التي يسيطرون عليها، وإعطاء روسيا “الشريك البغيض” كما وصفها، دوراً أكبر في سورية. وإقراره ببقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة رغم كل محاولات بلاده ومحاولاته شخصياً لعدم بقائه و”الأسد بالكاد يتزحزح”.
وتحت عنوان “فشل استقرار الولايات المتحدة في سورية: على واشنطن الإقرار بأنها غير قادرة على بناء دولة” هذا ملخص لأبرز ما كتبه فورد:
“وعد ترامب، خلال السنوات الأربع التي قضاها في منصبه مراراً وتكراراً، بإنهاء تورط الولايات المتحدة في عمليات بناء الأمم، مؤكداً على أن هذه الوعود كانت مضللة ومحكومة بالفشل. وأهم ما قام به ترامب، كان خفض أعداد القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان، وخفض تمويل برامج ترويج الديمقراطية بنحو مليار دولار”.
“حاولت إدارة ترامب استخدام القوة العسكرية والضغط المالي لإجبار بشار الأسد على قبول إصلاحات دستورية كبرى وإنشاء منطقة حكم ذاتي كردية في شمال شرق البلاد. وقد تطورت تلك المنطقة تحت إشراف الولايات المتحدة، إلى شبه دولة بجيشها الخاص، أو ما يعرف بـ “قوات سوريا الديمقراطية “ولها بيروقراطية راسخة، تهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردية السورية إلى جانب ذراعها السياسي: حزب الاتحاد الديمقراطي”.
“وبعد ست سنوات وقرابة 2.6 مليار دولار، باتت هذه الدويلة طفل الولايات المتحدة في المنطقة، ونشأت تحت الحماية العسكرية الأمريكية، محمية من جيرانها المعادين. لكنها غير قادرة على حماية ذاتها، وبالتالي ستظل منطقة الحكم الذاتي معتمدة على موارد الولايات المتحدة في المستقبل المنظور. ومع ذلك، فإن الالتزام المفتوح من هذا النوع ليس ما تحتاج إليه الولايات المتحدة. فسورية لم تكن أبدًا قضية أمن قومي أمريكي رئيسة”.
“انطلاقاً من المصالح الأمريكية في سورية المقتصرة على منع تحول الصراع داخلها إلى تهديد يطال مخاوف واشنطن الأكثر أهمية في أماكن أخرى. فإن السياسة الأمريكية الحالية لا تقدم الكثير لتحقيق هذا الهدف المركزي.. ومن الأفضل أن يغيّر الرئيس جو بايدن مسار سحب مئات الجنود الأمريكيين المنتشرين حالياً في سورية، كما عليه الاعتماد على روسيا وتركيا لاحتواء داعش”.
“على الرغم من جاذبيتها السياسية، إلا أن الاستراتيجية الأمريكية في شمال شرق سورية معيبة للغاية. فقد تسبب حلفاء الولايات المتحدة من الأكراد السوريين بتفاقم التوترات الإقليمية القائمة منذ فترة طويلة بين العرب والأكراد. وهناك إحباط واسع النطاق بين المجتمعات العربية على وجه الخصوص، من الهيمنة السياسية الكردية التي مكنتها الولايات المتحدة، ومن السيطرة الكردية على حقول النفط المحلية. كما يحتج السكان العرب على الفساد الإداري المزعوم لقوات سوريا الديمقراطية، وعمليات مكافحة الإرهاب القاسية، وممارسات التجنيد الإجباري”.
“كما شنت القوات الكردية هجمات بسيارات مفخخة على بلدات عربية خاضعة لسيطرة الجيش التركي. وفي مثل هذه البيئة المشحونة بالتوترات العرقية والخلافات القبلية، يمكن لداعش العمل بقبول ضمني من المجتمعات المحلية ويمكن لها تجنيد عناصر من صفوف السكان الساخطين. وستواجه الولايات المتحدة هذه المشكلة دائماً، طالما أن سياساتها تفضل دولة يهيمن عليها الأكراد في شرق سورية”.
“هنا يظهر عيب أكثر جوهرية في استراتيجية الولايات المتحدة أن حصر الانتشار الأمريكي في الربع الشرقي من البلاد لا يحل مشكلة امتداد داعش إلى خارج المناطق الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية، كما أن معاقبة حكومة الأسد -رغم أنها عقوبات مثيرة للاشمئزاز- لا تترك لقوات الحكومة السورية سوى موارد محدودة لمحاربة الجماعة المتطرفة”.
“في حال اختارت روسيا أو تركيا أو إيران أو الحكومة السورية زيادة الضغط العسكري على القوات الأمريكية أو الدولة الكردية الناشئة، فستضطر الولايات المتحدة حينها إلى تخصيص مزيد من الموارد لحل المشكلة.. ومن المرجح أن تزداد هذه الديناميكية سوءاً في السنوات القادمة”.
“بالنظر إلى العيوب في سياسة ترامب تجاه سورية، تحتاج الإدارة الجديدة إلى نهج مختلف، قادر على احتواء داعش بنجاح، دون إلزام الجيش الأمريكي بحرب أخرى إلى الأبد.. يجب أن تركز دبلوماسية فريق بايدن، بشكل أكبر على روسيا وتركيا. فالاعتراف بمصالح هذين البلدين في سورية قد يؤدي إلى نتائج أفضل، وهو خبر غير سار. فروسيا ليست شريكاً مثالياً، لكن دعمها للأسد يجعلها القوة المناسبة لتولي القتال ضد داعش، إذ إن موسكو ملتزمة بضمان بقاء الحكومة السورية “.
“يجب على إدارة بايدن إبرام صفقة تفوّض بها موسكو مهام مكافحة داعش على جانبي نهر الفرات. وسيتطلب هذا حتماً زيادة الوجود العسكري الروسي في شرق سورية، وستحتاج الولايات المتحدة إلى التفاوض على انسحاب تدريجي لقواتها وجدول زمني للانتقال من السيطرة الأمريكية إلى السيطرة الروسية”.
“وكذلك وللتخفيف من تهديد مهاجمة الجماعة الإرهابية لحلفاء الولايات المتحدة أو مصالحها، يتوجب على الولايات المتحدة إقناع تركيا بتأمين حدودها الجنوبية. وكما الحال مع موسكو، لدى أنقرة حوافز واضحة للتعاون.. لذا سيتعين على واشنطن تزويد تركيا بالدعم التكنولوجي والاستخباراتي لمراقبة حركة الإرهابيين.. وهذا التعاون سيكون أسهل بمجرد أن تتوقف الولايات المتحدة عن مساعدة القوات الكردية بشكل مباشر. فالهدف الأساسي لتركيا هو منع هذه الجماعات من إنشاء كيان مستقل في سورية”.
“يتوجب على بايدن تجنب مفاجأة الشركاء الأكراد بهذه الاستراتيجية الجديدة. وإبلاغهم بالخطوات الأمريكية الوشيكة في وقت مبكر”.
“كانت قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب شريكين جيدين في القتال ضد داعش، وسيكون من الحكمة أن يواصل الروس العمل معهم بموجب ترتيب جديد. فلدى موسكو خبرة في هذا المجال، حيث أنشأ الروس وجُهِّزوا، بل ويشرفون حالياً على “الفيلق الخامس” من المقاتلين الموالين لدمشق، والذين يقومون بمهام في جميع أنحاء البلاد. وبالاشتراك مع الحكومة السورية، يمكن لموسكو إنشاء “الفيلق السادس” الجديد، المكوّن من أعضاء قوات سوريا الديمقراطية تحت القيادة الروسية”.
“بشكل منفصل، سيتعين على حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب التفاوض مع دمشق حول الوضع السياسي للأراضي التي يسيطرون عليها، ويمكن لعلاقة حزب الاتحاد الديمقراطي الطويلة الأمد مع الحكومة السورية أن تسهل هذه العملية”.
“على الرغم من أن مثل هذا الترتيب لن يشكل حكماً ذاتياً كاملاً في سوريا الفيدرالية، إلا أنه سيكون بمثابة تحسن كبير مقارنة بالوضع الراهن قبل الحرب. وبلا شك، سيكون هناك صيحات احتجاج من السياسيين والمحللين الأمريكيين، الذين يصرون على أن واشنطن مدينة لوحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية بأكثر من ذلك بكثير. لكن.. الولايات المتحدة لا تدين لهذه الجماعات بمظلة عسكرية غير محددة على حساب دافعي الضرائب. فالمصلحة الوطنية للولايات المتحدة هي احتواء التهديدات الإرهابية، وليس ضمان شكل الحكم في شرق سورية”.
“في نهاية المطاف، تحتاج إدارة بايدن إلى أن تكون واقعية بشأن قدرة الولايات المتحدة على انتزاع التنازلات السياسية في سورية. فلطالما سعى المسؤولون الأمريكيون، بمن فيهم أنا، إلى الحصول على إصلاحات من حكومة الأسد، دون نجاح يذكر. من جانبها، حاولت إدارة ترامب استخدام العقوبات المالية والسيطرة على حقول النفط السورية لإجبار دمشق على تغيير سلوكها، وبالكاد تزحزح الأسد”.
“فيما يزعم محللون، أن الانسحاب الأمريكي من شأنه أن يمنح إيران وروسيا السيطرة على سورية. لكن تتجاهل هذه الحجة الروابط السياسية والعسكرية بين هذين البلدين ودمشق منذ عقود طويلة مع دمشق، وهي العلاقات التي من غير المرجح أن تستطيع الضغوط الأمريكية إضعافها”.
“لن تغيّر الدوريات الأمريكية الصغيرة والاستعراضي في شرق سورية أياً من هذه العلاقات الثنائية، ولن تكون قادرة على منع وصول شحنات الصواريخ الإيرانية إلى البلاد، وهو أمر تقوم بردعه القوات الجوية الإسرائيلية بشكل فعال”.
“يمكن لبايدن بالطبع الحفاظ على استراتيجية إدارة ترامب. لكن القيام بذلك سيعني إهدار مليارات الدولارات مع تفاقم التوترات الطائفية والفشل في احتواء داعش. هناك أهداف محدودة للولايات المتحدة في سورية، يجب أن تكلف واشنطن أقل بكثير، ومهما كانت الأموال المنفقة فيجب أن تذهب إلى مشكلة اللاجئين الهائلة”.
“من الأفضل السماح لروسيا وتركيا بتأمين مصالحهما الوطنية من خلال تحمل عبء مكافحة داعش. في نهاية المطاف، تشكل هذه الصفقات جوهر الدبلوماسية، أي العمل على حل مشاكل محددة، حتى مع شركاء بغيضين، لتحقيق أهداف محدودة ولكنها مشتركة”.

مقالات ذات صلة