ذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، أنه ليس أمام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من خيار “سوى المصالحة مع نظيره السوري، بشار الأسد”، واصفةً وضعه بـ”الضعيف”.
وأوردت المجلة إنّ أردوغان بحاجة للعمل مع الأسد، وذلك بعد أكثر من عقد، ركّز خلاله الرئيس التركي، بصورة فردية، على الإطاحة بالأسد.
وأشارت المجلة إلى محاولة روسيا “دفع الزعيمين للالتقاء وحلّ خلافاتهما”، مؤكدةً أنّ هذا الأمر “لن يكون سهلاً”، لأنّ الأسد يشترط أن ترحل جميع القوات العسكرية التركية عن سوريا، قبل أي اجتماع.
وبحلول عام 2022، أصبح من الواضح، وفقاً لـ”فورين بوليسي”، أنّ الأسد سيستمر في حكم سوريا، وهذه حقيقة تأكدت بعودة دمشق إلى جامعة الدول العربية.
وقد وضع هذا الأمر أردوغان في “موقف غير مريح”، إذ اضطر إلى “التصالح” مع الأسد، بعد أن حاول جاهداً الإطاحة به. ويرجع هذا أساساً إلى أنّ روسيا تحثّ الجانبين على صنع السلام، ولأنّ أردوغان “لا يملك خياراً آخر”.
“موقف مريح”
في المقابل، يعني عدم سحب القوات التركية من سوريا، أنّ الأسد “لن يلتقي حتى بأردوغان”، ما يعكس إلى حد كبير “الموقف المريح الذي يعرف الرئيس السوري أنّه موجود فيه”، كما أوردت المجلة الأميركية.
وتابعت: “ليس هناك الكثير من الدوافع لدى الأسد لإرضاء أردوغان، والأخير ليس لديه سوى القليل من النفوذ”.
أقرأ المزيد: سفير سوريا السابق لدى أنقرة: 4 شروط أساسية لسوريا قبل لقاء الأسد وأردوغان
ووفقاً للمجلة الأميركية، فإنّ الرئيس التركي في وضع أصعب من أن يسمح له بإملاء شروط، “بشأن ما سيكون عليه الوضع الطبيعي الجديد بين أنقرة ودمشق، وهو يحتاج إلى العمل مع نظيره السوري إذا رغب في إحراز تقدّم”.
وفي تركيا، يعتقد معظم الأتراك أنّ الوقت قد حان لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، علماً أن الاقتصاد الهش يعاني من ارتفاع معدّل التضخم الاستهلاكي وانخفاض الأجور، كما يتزايد الاستياء بين السكان.
وقضية اللاجئين السوريين “تقع في قلب هذا الغضب”، بحسب “فورين بوليسي”، حيث يلقي الكثيرون اللوم على أردوغان وسياساته في قبول ملايين اللاجئين.
ووفقاً للمجلة الأميركية، تتيح هذه النقطة للأسد “فرصةً للضغط على أردوغان”، إذ سيكون لتعاون الرئيسين بشأن عودة اللاجئين ثمناً، وهو “إزالة الوجود التركي من شمال سوريا”.
أقرأ المزيد: أنقرة: الاجتماع بين الرئيسين الأسد وأردوغان ليس في المستقبل المنظور
وإذا كان أردوغان مهتماً “بما يحتمل أن يكون حيلةً دعائيةً لإعادة عدد رمزي من اللاجئين”، فإنّه سيحتاج إلى سحب القوات من سوريا، وسحب دعمه من “الجيش السوري الحر”، بحسب “فورين بوليسي”.
وتابعت المجلة أنّ تركيا لن يُسمح لها، “تحت أي ظرف من الظروف”، بالاحتفاظ بوجود عسكري على أراضٍ أجنبية، من دون موافقة الحكومة السورية. ووفقاً لها، فإنّ إخراج القوات التركية من سوريا هو مسألة وقت فقط.
وفي حال موافقة أردوغان على القيام بذلك الآن، بالتشاور مع الأسد، فقد يسمح ذلك لأنقرة بالتوصل إلى “نوع من الصفقة”، التي ستشهد إعادة عدد رمزي من اللاجئين إلى وطنهم.
وأوضحت “فورين بوليسي”، أنّ القيام بذلك سيكون بمنزلة “اعتراف صريح بالفشل الذريع للاستراتيجية التركية بأكملها في سوريا”، وهو يتيح للمعارضة إثارة “بعض الأسئلة الصعبة”، خاصةً بشأن ما تم إنجازه في سوريا.
مجموعات وعقوبات
وتابعت المجلة، بقولها إنّ الأسد “ليس الوحيد الذي لديه مشكلة مع سلوك تركيا في سوريا”، إذ فرضت واشنطن مؤخراً عقوبات على مجموعتين من الميليشيات المدعومة من تركيا.
وبحسب “فورين بوليسي”، فإنّ الحكومة الأميركية، ومن دون تسمية تركيا بالاسم، أرسلت “إشارةً قويةً”، مفادها أنّها “سئمت من تصرفات أنقرة المستمرة في سوريا”.
ورجّحت المجلة أنّ كل هذا “يعني أنّ أردوغان سيضطر على الأرجح إلى التراجع عن سياسته غير المدروسة وغير المثمرة في سوريا”.
وفي غضون ذلك، يتزايد عدد الجهات الفاعلة التي تطالب الرئيس التركي بالتراجع عن موقفه العسكري الحازم، خاصةً أنّ موسكو تودّ أن تعمل سوريا وتركيا على حل خلافاتهما، وواشنطن ترغب في أن يتوقف إردوغان عن دعم الميليشيات في سوريا.
وأخيراً، يودّ إردوغان أن يكون قادراً على إخبار جمهوره بأنّه تحرك بشأن قضية اللاجئين، وقام بتحييد التهديد الكردي.
وتختم الصحيفة أنّ الطريقة الوحيدة لتحقيق كل هذه الرغبات “هي أن يتخلى عن سوريا عسكرياً”.