Site icon هاشتاغ

في بلاد الفقر الأسود.. “بلوغرز” يُعلنون عن منتجات “فخمة” لطبقة “السالاد”: هل انعدم الحياء؟!

انتشرت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة تعدّ خطيرة وفقا لدراسات أكاديمية عالمية، وهي “البلوغرز” أو “المعلنون”، إنها ظاهرة موجودة في كل دول العالم، إذ أن فتيات وشبان يتحدثون عن منتجات، يعلنون عنها بطريقة مبتكرة.

هاشتاغ-لجين سليمان

فيمررون الإعلانات عن هذه المنتجات من خلال يومياتهم، فعلى سبيل المثال وبينما يتناول “البلوغر” طعامه، يتحدّث عن إحدى الوجبات الموجودة على الطاولة، ويشارك الآخرين بها ويستفيض متحدثا عن مصدرها وميزاتها وكلفتها وطريقة الحصول عليها.

تبين الدراسات التي أجريت في مراكز أبحاث غربية خطر وسائل التواصل الاجتماعي على الفئة الشابة ولا سيما الفتيات، نتيجة لرغبة الشباب وتحديدا المراهقين منهم، بالتشبه بأولئك “البلوغرز”. فعلى سبيل المثال، أصبحت الفتيات المراهقات يرغبن برموش هذه أو عيون تلك.

وتنتشر أيضا هذه الظاهرة في سورية، فبينما يتصفّح المرء “الانستغرام” يظهر أحد المعلنين ومعه وجبة فطور فخمة، يتحدث من خلالها عن كيفية طلب هذه الوجبات من مطعم محدد وعبر تطبيق إلكتروني معين، فتكون كلفة وجبة الإفطار بالمجمل حوالي الـ خمسين ألف ليرة سورية، أي نصف راتب الموظف على الأقل. أو في مثال آخر تظهر معلنة أخرى برموش تركيب وشفاه منفوخة وحواجب مزروعة لتتحدث عن أهمية كريم “الكولاجين” والذي لا يتجاوز سعره الستين ألف ليرة بعد الحسم، بينما تظهر أخرى وهي تقوم بتنظيف بشرتها بكلفة لا تتجاوز المئة ألف (على حدّ تعبيرها)، وأمثلة كثيرة يصادفها كلّ من يستخدم تطبيقات التواصل الاجتماعي.

من الممكن أن يكون انتشار هذه الظاهرة عالميا من الأمور الطبيعية إلى حد ما، ولكن أن ينتشر هذا النوع من المعلنين في بلد أكثر من 80 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر فهذا فعلا من الأمور الخطيرة، وهو ما يطرح أسئلة عديدة، أولها من هم القادرون على اللحاق بأولئك المعلنين وشراء المنتجات التي يتم الإعلان عنها؟
وثانيا إذا فرضنا أن هناك بالفعل فئة قادرة على الشراء فمن هي تلك الفئة، وماهو الأثر النفسي الذي سيتشكّل عند أبناء الطبقة الفقيرة (على اعتبار أن الطبقة الوسطى في سورية باتت غير موجودة) ، فمثلا عندما تشاهد فتاة مراهقة وطالبة في المدرسة الثانوية إحدى المعلنات تتحدث عن كريم لتصغير مسام الوجه بقيمة معينة، في الوقت الذي هي غير قادرة فيه على شراء معطف شتوي يقيها برد الشتاء، فكيف سيكون شعورها، وما هي النقمة التي ستحملها وقد تورّثها.
أو مثلا عندما يصوّر أولئك وجبات طعامهم اليومية المليئة بمختلف أصناف المأكولات، كيف سيشعر الآخرون ممن هم عاجزون عن تأمين الحد الأدنى من لقمة العيش.

ولكن أكثر ما يثير الأسف هو: من هي الجهة المسؤولة، فربما لا نستطيع أن نلوم الحكومة في هذه الحالة، لا سيما وأن المؤسسات الحكومية غير المنتجة وغير القادرة على ضبط أسعار صرفها، لن تكون قادرة على ضبط بعض شركات الإعلان، أو بعض المعلنين الذين يرتدون الفرو، ويشربون العصير الطازج الغني بفيتامين سي مع الأفوغادو (لأنو كتير مفيد بالسالاد، كما عبّر أحدهم) .

لا شك أن الدولة العاجزة عن التحكم باقتصادها لن تستطيع التفكير بالآثار الاجتماعية الناتجة عن هذا الاقتصاد المنهار.

وبالطبع لا يمكن لوم هؤلاء لأنه عملهم بشكل أو بآخر، بغض النظر عن آلية هذا العمل. وبالتالي فإنّ عدم وجود جهة تتحمل المسؤولية هو أكثر ما يثير اليأس من هذا الوضع، لأننا وفي هذه الحالة، نكون قد دخلنا في حلقة مفرغة تدور فيها جميع الآثار السلبية الناتجة عن الحرب والمؤامرة والفساد وجميع المصطلحات السلبية في هذا العالم، والتي أنتجتها السنوات العشر الماضية.

وأما المضحك المبكي فهو أن يتم دعوة مجموعة من أولئك المعلنين “البلوغرز” لندوة حوارية أقيمت بالتعاون بين وزارة الصحة السورية ومنظمة الصحة العالمية، تتحدث عن أهمية رفع مستوى الوعي بضرورة تلقي لقاح الكورونا، هو أمر إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على “الإفلاس”، ولكن هذه المرة ليس كما يقال دائما بأنه إفلاس العدو الذي يشنّ مؤامراته منذ قرون، وإنما إفلاس من يعيش انعكاسات هذ المؤامرة، ويتصدّى للموت بمجموعة من معلني السوشال ميديا “البلوغرز”.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version