الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةفي سوريا.. مدارس خاصة تبيع "وهم التفوق بالخداع".. وترفع شعار "يلزمنا متفوقون...

في سوريا.. مدارس خاصة تبيع “وهم التفوق بالخداع”.. وترفع شعار “يلزمنا متفوقون وأثرياء”

هاشتاغ_نور قاسم

بات الارتفاع الكبير والمستمر كل عام في أقساط المدارس الخاصة، حديثا دائما لأهالي الطلاب في هذه المدارس، حيث تجاوزت أقساط معظمها الخمسة ملايين ليرة للطالب أو الطالبة، فيما تزيد عن هذا الرقم في مدارس أخرى.

وفضلا عن هذا الهم الدائم الذي لا حل له في بلاد يتم تسعير كل شيء فيها على سعر الدولار “الأسود”، تطفو اليوم العديد من التساؤلات حول سبب رفض المدارس الخاصة قبول الطلاب فيها إن لم يكونوا من المتفوقين!.

يفقد العديد من السوريين ثقتهم بالتعليم الحكومي، مفضلين تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، ظناً منهم أنها الأفضل من الناحية التدريسية.

الأمر ينطبق اليوم حتى على ذوي الدخل المحدود، فبعضهم يضطر للاستدانة، وآخرون يسحبون قروضاً، وآباء يضطرون للعمل في أكثر من عمل ليستطيعوا تأمين الأفضل لأبنائهم.

أبو حسن هو والد لثلاثة أبناء ، قال لـ”هاشتاغ” إن لديه ابن في الصف العاشر استطاع تسجيله في مدرسة خاصة هذا العام بمساعدة عمه المقيم خارج سوريا منذ سنوات عديدة .

“أفضل من الحكومية”

“هاشتاغ” بحث في أسباب تفضيل الأهالي للمدارس الخاصة حتى وإن كانت فوق قدرتهم المادية. أجمع الجميع على أن المدارس الخاصة هي الأفضل من ناحية تأمين كافة الكوادر التدريسية للطلاب، في حين أن معظم المدارس الحكومية تفتقر حتى للمدرسين في بعض المواد الهامة.

يتحدث الأهالي بكثير من الإعجاب عن تميز الطلاب في المدارس الخاصة وانتقالهم من مرحلة إلى أُخرى بدرجات من جيدة جداً إلى ممتازة، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على الاهتمام الكبير للطلاب وجدارة الكوادر التدريسية بحسب اعتقادهم.

وهم المدارس الخاصة

تقول تغريد، وهي طالبة في الصف الثاني الثانوي السورية في إحدى المدارس الخاصة إن كل ما يقال عن المدارس الخاصة من أنها صاحبة الفضل بتخريج الطلاب المتفوقين، هو مجرد وهم وغشاوة تحاول كافة الإدارات المدرسية تكريسها في المجتمع وفعلاً نجحوا في ذلك بحسب رأيها.

وتضيف: “انكشفت هذه الكذبة بالنسبة لي من خلال مسيرتي الطويلة في المدارس الخاصة، لأن هذه المدارس في واقع الأمر تعتمد على جهد الطالب وذكائه، تحرص على انتقاء نخبة الطلاب ليبقى اسم المدرسة بالتصنيف الأعلى، ولكن في المقابل يظن الأهالي أن المدرسة وكوادرها المتميزة وبرامجها التدريسية “العظيمة”هي صاحبة الفضل في تخريج الطلاب الأوائل والمتفوقين.

وتدافع تغريد عن رأيها بالقول: ” تحرص مدرستي والعديد من المدارس الخاصة على عدم قبول تثبيت تسجيل أي طالب أو طالبة مجدداً في السنة التي تليها في حال كان مجموعهم دون رغبة الإدارة ، فبعض الطلاب كانوا في هذه المدرسة منذ ثلاث سنوات ولكنهم فيما بعد رُفضوا لأن مجموعهم كان أقل نوعاً ما من السابق” .

انتقائية في التسجيل

مايا حسين، واحدة من الطالبات التي لم ترُق نتائجها لإدارة المدرسة، فرفضوا إعادة تسجيلها بالرغم من وجودها في المدرسة منذ عدة سنوات، بسبب انخفاض معدل علاماتها “قليلا”. قررت إدارة المدرسة عدم تسجيلها علما أنها اقتربت من مرحلة الشهادة الثانوية، فهي انتقلت إلى الصف الحادي عشر ومجموعها كان أقل من 3000 .

تقول مايا لـ”هاشتاغ” لم أُفاجأ برفضهم تثبيت تسجيلي بسبب مجموعي، ولكن نتيجتي بالمجمل لم تكن سيئة.

وتكشف مايا أن ما لا تستطيع العلامات تحصيله يمكن للواسطة والنفوذ حله بلمح البصر، تقول: “واسطتي كانت جاهزة، واستطعت المتابعة في المدرسة، في حين أن من لا يملك أي واسطة لن يتمكن من العودة للتسجيل مرة أخرى في حال لم يعجب تحصيله الدراسي إدارة المدرسة حتى وإن كان هذا المجموع جيدا بالمقياس العام”.

خلال بحث “هاشتاغ” تبين أن إحدى المدارس الخاصة المعروفة ترفض قبول أي طالب فيها إذا كان مجموعه في الصف التاسع أقل من 3050.

مدرسة أخرى لا تقبل بأقل من 3000 كتحصيل دراسي، في حين أن بعض المدارس الخاصة في الأرياف لا تقبل بتحصيل دراسي أقل من 2800.

هذه المدارس نفسها أو بعضها على الأقل قسمت طلابها إلى طبقات، وفقا لما تقوله تغريد: “في مدرستي على سبيل المثال يوجد شعب صفية نخب أول وأخرى نخب ثاني وثالث”.

تضيف: ” من لديهم واسطات من الطلاب شعبهم الصفية مختلفة عن الآخرين، فكوادرهم التدريسية أكثر تميزاً، إضافة إلى الالتزام بالأعداد النموذجية داخل الشعبة” .

شاهد من أهله

مديرة في إحدى المدارس الخاصة آثرت عدم ذكر اسمها، أكدت على ما جاء حول انتقاء المدارس للمتفوقين. تقول: “بعض المدارس الخاصة وخصوصاً ذات التصنيف الأول لا يُقبَل فيها الطلاب كيفما اتفق سواء تعليمياً أو سلوكياً”.

و تضيف: “دائماً ما تكون الأفضلية لاستقطاب التلميذ المتفوق لكي يتمكن من تحصيل مجاميع عالية في نهاية العام الدراسي، والهدف في النهاية أن تنسب المدرسة اجتهاد الطالب وتفوقه لصالحها”.

وتوضح المديرة بأن حقيقة الأمر هي أن الطالب هو أساساً مجتهد و ذكي، وسواء كان في هذه المدرسة أو غيرها أو حتى لو كان في مدرسة حكومية فغالباً سيحصل على ذات هذا المجموع، ولكن لأسباب تجارية يتم انتقاؤهم لكي يبقى اسم وتصنيف المدرسة مرتفعا، وتالياً الإقبال عليها يبقى كثيفاً ويستطيعون طلب الأقساط بمبالغ “هائلة” .

وتابعت المديرة القول إن بعض المدارس الثانوية الخاصة ذائعة الصيت يُلاحَظ أن تحصيل قسم كبير من طلابها في مرحلتي التاسع والثانوية قريب من العلامة التامة، وتساءَلت باستغراب هل هذا حقاً من مجهود كادر المدرسة ؟

وتجيب أنه من المعروف مهما كان المدرس كفؤا ويمتلك قدرات تدريسية كبيرة، فإن الطالب الذي لا يريد الدراسة أو قدراته محدودة لن يستطيع تحصيل مجموع جيد، فما بالك بالتحصيل الممتاز!.

تختصر المديرة المسألة بأن “الطالب المتفوق هو الأساس، وأينما كان سيكون مجموعه ممتازا، ولكن الأهالي يظنون أن هذا التفوق هو نتيجة جهود المدرسة الخاصة، فالمجتمع دائما ما ينسب تميّز الطالب إلى تميّز المدرسة، بينما هذا الكلام غير صحيح”.

وتدلّل المديرة على ذلك بأن أعداد كبيرة من خريجي المدارس الحكومية يتميزون ويتفوقون بالرغم من عدم توافر كافة الإمكانيات والمستلزمات كما في المدارس الخاصة” .

حالات نادرة !

مدير التعليم الخاص في وزارة التربية عماد هزيم كشف لـ”هاشتاغ” عن وصول بعض الشكاوى من الأهالي إلى المديرية بخصوص عدم قبول الطلاب في المدارس الخاصة بسبب تحصيل أبنائهم المتدني وفقا لمعايير إدارة المدرسة.

ولكن هزيم لم يذكر عدد هذه الشكاوى، مكتفيا بالقول إنها “قليلة”، ويتم معالجتها مباشرةً من خلال إلزام المؤسسة على الاستمرار بقبول الطالب، على اعتبار أن نتائج العام الدراسي هو عملية تفاعلية بين المتعلم والمؤسسة، على حد تعبيره.

وتابع هزيم القول إن “معايير التسجيل في المؤسسات التعليمية الخاصة هي ذاتها المطبقة في المدارس الحكومية وفق تعليمات القيد والقبول وجدول الأعمار، ولا يوجد بموجب المرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2004 وتعليماته التنفيذية أي شروط أو إجراءات للتسجيل في المؤسسات التعليمية الخاصة بل عليها الالتزام التام بما ينطبق لدى مثيلاتها من المدارس الحكومية.”

ويرى هزيم أن ما يثار في بعض الأحيان عن وجود اختبارات القبول في هذه المؤسسات هو اجتهاد منهم، الغاية في معظم الأحيان لبيان مدى قدرة المتعلّم على مجاراة المناهج الإثرائية التي تُدرَّس فيها باللغة الأجنبية.

وأشار هزيم إلى أن الوزارة تؤكد على ضرورة الالتزام من قِبل المدارس الخاصة بالقوانين والأنظمة المعمول بها في المدارس الحكومية.

لكن أهالي طلاب التقاهم هاشتاغ تحدثوا عن عدم جدوى الشكوى لوزارة التربية، إن كان لجهة الأقساط الخيالية التي ترتفع عاما بعد عام وأحيانا في كل فصل، فالتجارب علمتهم أن المدارس الخاصة تفعل بالنهاية ما تشاء، وتحت أنظار الوزارة.

ترد تغريد سبب قلة الشكاوى التي ألمح إليها مدير التعليم إلى عدم رغبة الطلاب في ذلك، نظرا لانعدام الثقة بالوزارة، أو لأن أهاليهم ينقلونهم إلى مدارس أرخص بعيدا عن الطلبات التعجيزية للمدرسة وإدارتها.

مقارنة

“هاشتاغ” قارن بين ما تفرضه بعض المدارس الخاصة لقبول الطلاب مع مدارس خاصة في بلدان مجاورة.

في لبنان على سبيل المثال مستوى الطالب، حتى وإن كان راسباً في صفه، ولا وجود لاختبارات وإنما من يُقبَل في المدارس الحكومية اللبنانية يتم قبوله أيضاً في المدارس الخاصة ولكن بشرط تسديد الأهالي لكافة الأقساط المدرسية.

في المحصلة، تبدو الطريقة اللبنانية هي الأكثر منطقية، فالمدارس الخاصة مؤسسات ربحية في النهاية، وهي مخصصة لمن يستطيع الدفع، بغض النظر عن مستوى الطالب.

إلا أن بعض المدارس الخاصة في سوريا قررت على ما يبدو اختراع طريقة أفضل للربح عبر تكريس سمعة “وهمية” بأنها الأفضل والأرقى من خلال قبولها لنخبة الطلاب (دراسيا) لتقبض بالمقابل ثمن هذه السمعة مبالغ وأقساط خالية، وتكرس نفسها لأبناء الأثرياء القادرين على دفع أي مبلغ دون شكوى أو حتى سؤال.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة