هاشتاغ – حسن عيسى
أيامٌ مضت على انعقاد قمة جدة في السعودية، وما تزال أصداء ما طُرح فيها تتردد في أرجاء الشارع العربي، وفي أوساط المحللين والمهتمين بالشأن.
تطورات العلاقات العربية مع سوريا وموقف العرب من عودتها لدورها ومحيطها، كان السجال الأبرز على الساحة السياسية، والذي استفاض البعض لاستقراء ما بين سطوره.
وبين متفائلٍ يرى في انعقادها عودةٌ للتوافق العربي وإحياءٌ لروح التعاون، ومستقرئٍ لأجوائها وما شهدته من تطوراتٍ وكواليس جانبية، بقيت قمة جدة محور الاهتمام والنقاش.
الدور السعودي
الباحث السياسي السوري الدكتور كمال الجفا، اعتبر أن السعودية تسعى اليوم لإعادة بناء دورها الإقليمي، وتهيئة الأرضية لتطبيق رؤية الأمير محمد بن سلمان 2030.
وذكر الجفا في حديثه لـ “هاشتاغ” أن ذلك يتطلب من المملكة إطفاء الملفات المشتعلة بالمنطقة، وإعادة مسك الدور الذي كانت تتمتع به سابقاً بشكل عقلاني.
وفي هذا الإطار، لفت الجفا إلى أن السعودية تحاول بناء تحالفات وإطفاء الحروب الطائفية المشتعلة منذ عشرات السنوات، والقضاء على التطرف والإرهاب، ومنع تقسيم العالم الإسلامي.
وأفاد بأن الولايات المتحدة قبلت التطبيع السعودي الإيراني، كونها تريد من السعودية أخذ دوراً أكبر في العالم العربي والإسلامي، نكايةً بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
الخطوة السورية
الكاتب والمحلل السياسي المصري محمد الفوال أعرب لـ “هاشتاغ” عن تفاؤله بنتائج القمة، وما يمكن أن يتمخّض عنها من دورٍ يستطيع المشاركة بتسوية النزاعات العالمية.
وتحدثت تقارير إعلامية في وقت سابق، عن مطالب عربية قدّمها العرب إلى سوريا مقابل عودتها لدورها ومحيطها، ليتم لاحقاً تسميته بمبدأ “خطوة مقابل خطوة”.
ورأى في ذلك الفوال أن على سوريا العمل مع الدول العربية لتسريع كل ما يخفف معاناة شعبها، ورفع الحصار والعقوبات، والانخراط بمسيرة العمل العربي المشترك.
وذكر أن سوريا ينبغي أن تمنح الفرص وتفتح الأبواب أمام الدول العربية ورؤوس الأموال ورجال الأعمال، للمشاركة بالدور الأساسي في إعادة إعمار ما خربته الحرب.
الأسد في قمة جدة
واعتبر الفوال أن وجود الرئيس السوري بشار الأسد في القمة أعطى زخماً سياسياً وإعلامياً على نتائجها وقراراتها، وقدّم بشائر على التواصل العربي وتحويل القرارات لوقائع.
الأسد كان قد استغل انعقاد القمة لإعادة حبال الود المقطوعة بين بلاده وعدة دولٍ العربية، فالتقى بالرئيس التونسي وبولي العهد السعودي، وصافح نظيريه المصري والقطري.
ووصف الفوال المصافحة التي جرت بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأسد بـ “التاريخية”، معتبراً أنها أكدت التفاؤل الذي يسود الأجواء العربية.
كما اعتبر أن لقاء الأسد بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان حاراً جداً، ويعبّر عن العلاقات التاريخية التي تربط البلدين على مختلف المستويات.
الموقف القطري
وفيما يتعلق بموقف قطر من العودة السورية لمحيطها العربي، دعا الفوال إلى التفاؤل والحرص على علاقات عربية متينة وقوية، خالية من الخلافات والنزاعات.
وأشار إلى تصريح وزير خارجية قطر الذي قال إن بلاده “لا تريد الخروج عن الإجماع بشأن عودة سوريا للجامعة”، مؤكداً أن قرار العودة تم بالإجماع.
وكان أمير قطر قد غادر اجتماع القمة قبل إلقاء الرئيس السوري لكلمته، ما أثار تكهناتٍ عدة حول الحوار الذي جرى بين الطرفين قبيل بدء الاجتماعات.
وفي هذا الصدد، اعتبر الدكتور الجفا حضور الأمير تميم للقمة كمجاملةٍ لبن سلمان، وأن مصافحته للأسد طبيعية ومن أصول البروتوكولات، ولا تعبر عن الرضا القطري.
ورأى أنه لم يعد لقطر التأثير في قرارات الجامعة العربية “بعد سحب البساط من تحتها”، وأن الدور اليوم للسعودية التي أصبحت تمسك بناصية القرار العربي.
قمة جدة ووساطة تاريخية!
القمة العربية شهدت حضور الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي بشكلٍ مفاجئ، كضيفٍ استثنائيٍّ “مثيرٍ للجدل”، ربط البعض حضوره بالسعي العربي لحل الخلاف بين كييف وموسكو.
وفي هذا الصدد، اعتبر الفوال أن الأمة العربية قادرة على صنع القوة والقطبية في العالم، من خلال تحقيق التكامل والعمل على تسوية الصراعات والنزاعات.
وأشار المحلل السياسي المصري إلى أهمية الوساطة العربية في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، بما يحفظ حقوق ومصالح روسيا، صديقة أغلب البلدان العربية، بحسب تعبيره.
بدوره، اعتبر الدكتور كمال الجفا أن نجاح تلك الوساطة يعتمد على نسق العمليات العسكرية في أوكرانيا، وما يمكن أن يحصل على أرض المعارك في قادم الأيام.
وبين الجفا أن هذه الوساطة جاءت بعد فشل الوساطة الصينية، نتيجة رفض الولايات المتحدة نسب نجاح فض النزاع الأوكراني للصين، وتقبلها أن يكون سعودياً.