مع اقتراب تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، تتجه الأنظار إلى التحضيرات الجارية لعقد لقاء محتمل بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
هذه القمة المرتقبة، التي أكدها الطرفان بشكل غير مباشر، قد تكون بداية لإعادة صياغة العلاقات الدولية في ظل تداخل ملفات شائكة، مثل، الحرب في أوكرانيا، والتطورات في سوريا، وتداعياتها الإقليمية والدولية.
وكشف مايكل والتز، مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد، عن استعدادات لإجراء مكالمة هاتفية بين ترامب وبوتين خلال الأيام المقبلة، كخطوة أولى قبل اللقاء المباشر.
وأشار إلى أن هذا التواصل الأولي سيتناول الخطوط العريضة للأولويات المشتركة، مع التركيز على الحرب في أوكرانيا.
تصريحات ترامب حول نيته إنهاء الحرب الأوكرانية وتصريحاته العلنية عن رغبته في الجلوس مع بوتين أثارت تساؤلات عديدة حول الأهداف الحقيقية لهذه القمة، خاصة في ظل مخاوف أوكرانية ودولية من تنازلات قد يقدمها ترامب لتحقيق مكاسب داخلية على الساحة الأمريكية.
الملف الأكثر حساسية
ويرى مسؤولون أمريكيون أن أوكرانيا ستكون الملف الأكثر حساسية على طاولة المفاوضات، حيث يسعى بوتين لضمان حياد أوكرانيا ومنع انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، إلى جانب تعزيز السيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم والمناطق التي تحتلها في دونيتسك ولوغانسك.
من جهة أخرى، يبدو أن ترامب ينظر إلى الأزمة الأوكرانية باعتبارها فرصة لإبراز دوره كصانع للسلام أمام ناخبيه. ومع ذلك، قد تكون هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر، خاصة إذا تم تفسيرها على أنها تنازل أمام روسيا.
سوريا
رغم تركيز القمة المرتقبة على أوكرانيا، لا يمكن تجاهل الملف السوري الذي يشكل نقطة التقاء وتضارب مصالح بين روسيا والولايات المتحدة، حيث تسعى موسكو إلى تعزيز نفوذها في سوريا والحفاظ على قواعدها العسكرية هناك، بينما تبحث واشنطن عن طريقة لإبعاد أي نفوذ إيراني وتعزيز مصالحها وحلفائها في المنطقة.
قد تكون هذه القمة فرصة لإعادة ترتيب الأوراق في سوريا، بما يشمل ملفات إعادة الإعمار، ومصير القوات الأجنبية، ومستقبل المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.
صفقات محتملة
يرى مراقبون أن القمة قد تثمر عن صفقات واسعة تشمل تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا مقابل تنازلات في أوكرانيا وسوريا، وقد تشمل أيضا تفاهمات غير مباشرة حول ملفات الطاقة والأسلحة، خاصة مع تصاعد المنافسة بين واشنطن وبكين.
على المستوى الإقليمي، قد تمتد تأثيرات القمة إلى الشرق الأوسط، إذ قد تسعى موسكو وواشنطن لإيجاد نقاط توازن جديدة تشمل إيران وإسرائيل.
وبينما ترحب بعض الأطراف الدولية، بما في ذلك، دول الاتحاد الأوروبي، بأي جهود لتخفيف التوترات بين واشنطن وموسكو، تثير هذه المحادثات قلقا كبيرا في كييف.
الأوكرانيون يخشون أن يؤدي التقارب الأمريكي الروسي إلى إضعاف موقفهم في الحرب، خاصة إذا تضمن الاتفاق المحتمل تنازلات تتعلق بمستقبل أوكرانيا العسكري والسياسي.
وفي الداخل الأمريكي، يواجه ترامب ضغوطا من الأوساط السياسية التي تتخوف من أن يعكس أي تقارب مع روسيا صورة سلبية عن إدارة جديدة يُنظر إليها على أنها “ليّنة” أمام موسكو.
القمة المرتقبة بين ترامب وبوتين قد تكون لحظة فارقة في إعادة تشكيل العلاقات الدولية، إذا تمكّن الطرفان من التوصل إلى تفاهمات واقعية، فقد نشهد تهدئة في ملفات ساخنة تشمل أوكرانيا والشرق الأوسط.