الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرقيادة المجتمع "افتراضياً"

قيادة المجتمع “افتراضياً”

هاشتاغ – رأي – محمد محمود هرشو

بات حرِيٌ بنا أن نعترف بخضوع الحكومات للعالم الافتراضي “حينما تريد” بغض النظر عما يطرح في هذا العالم، ومدى صحته، إلا أنها تعتقد نفسها مضطرة لبث رسائل استجابة لضغط الشارع وسماع أصوات ناسه.

تطرق هذا العالم “الافتراضي” خلال الأسبوع الماضي لقضيتين مركزيتين في عالمنا العربي أصبحتا حديث الشارع “تريند”؛ الأولى في سورية حول مقتل شابة على يد زوجها بعد تعنيفها، والثانية في مصر عن مدرّسة كانت ترقص باحترافية على أنغام أغنية خلال رحلة مدرسية.

الغريب في الأمر أن الحكومتين والمجتمعين اللذين اعتدنا صمتهما على قضايا الفساد مهما بلغ تعاظمها استجابتا هذه المرة أكثر من اللازم لصوت الشارع “الافتراضي” وأصبحتا ملكيتين أكثر منه.

في الحالة الأولى سارعت وزارة العدل كأسلوبها المستحدَث في التعامل مع القضايا التي تصبح عامة لنشر ملابسات الأمر عبر صفحتها “الافتراضية” تزامناً مع التوكيد على كوادرها بالحذر وتوخي الدقة في التعامل مع القضية.

أما وزارة الداخلية فوجدت في الأمر فرصةً لمسح صورة (بدري أبو كلبشة) من أذهان الناس، وأنتجت فيديو استهدف جمهور العالم “الافتراضي” يشرح آلية وقوع الجريمة من قبل الفاعلين، وتعامل أجهزة الوزارة مع أهل الضحية الذين استقبلهم رأس الهرم في الوزارة وأكد حرصه على تطبيق القانون بحق الجناة.

الوزير الأكثر ظهوراً “افتراضياً” وجدها فرصة لاستراحة محارب بعدما بات عهده تصدياً “للمؤامرات” الشعبية والإعلامية في الظروف العصيبة، لكنه لم يحتمل تلك الغيبة وقاطعها بالتصدي لصورة الحمضيات “الكاذبة” والتحقيق الصحفي المنشور في الصحيفة التابعة للحزب الحاكم، والذي تناول تجاوزات بحق مدراء دافع عنهم الوزير “بالتظلم”.

وزراء آخرون من المتقنين لـ”لعبة” العالم “الافتراضي” باتوا يعيشون رضىً داخلياً عما يقترفونه تجاه هذا العالم بغض النظر عن النتائج الفعلية لعملهم، وقد يكون السبب أنهم غير معنيين بالأمور المعيشية.

أما زملاؤهم في اللجنة الاقتصادية الذين يراقبون بحذر وتوجس فباتوا حائرين بين السماع لصوت هذا “العالم” أو تجاهله، معجبين بالفرص التي أتاحت للزملاء المعنيين بالجريمة التي هزت الشارع “الافتراضي” بث الطمأنينة وإظهار الاستجابة السريعة لجماعات العالم “الافتراضي”.

في مصر، جاءت الاستجابة الحكومية والمجتمعية لقضية المعلمة “الراقصة” متناسقة، وحادة، الحكومة تبعت المجتمع، فبعدما طلقها زوجها، سرعان ما طردتها حكومتها من الوظيفة، حتى باتت تفكر بالانتحار إرضاءاً لجمهور العالم “الافتراضي”.

بين الصمم التام لما تثيره قضايا الرأي العام من اختلاسات وفساد اجتماعي واقتصادي في البلدان العربية، والاستجابة التامة لعقوبة صغار المجرمين والفاعلين، ضاع قادة الرأي العام بالمفهوم الحقيقي من مفكرين وصحفيين ومنتجين، وأصبح للرأي العالم “قوّاداً” يملكون متابعين يعرف وزنهم بعدد هؤلاء، وآخرين يملكون صفحات قادرة على تفجير أي قضية وجعلها عامة، مقابل وأد أخرى وجعلها خاصة وشخصية، ولنا في بعض الوزارات والشخصيات السياسية والحزبية والدينية والرياضية والبلوغرز والعارضات وصناع المحتوى الربحي أسوةً حسنة في صنع أساطير “افتراضية” تحرك شارعاً “افتراضياً” هرب من الجوع والخنوع لاستجابات حكومية “افتراضية” .

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

 

مقالات ذات صلة