هاشتاغ-زياد شعبو
“كرة القدم هي صورة مجازية للحرب، ويمكن لها أن تتحول أحيانا إلى حرب حقيقية”.
لعل هذا الاقتباس من كتاب ( كرة القدم بين الظل والشمس) للكاتب والروائي الأوغوياني إدواردو غاليانو، هو صورة كرة القدم الحقيقة في تعريف مباشر لكيفية فهم هذه اللعبة التي أصبحت إحدى أهم مؤشرات السياسة والاقتصاد في العالم.
وككل شيء في هذا العالم، تتطور كرة القدم بشكل هستيري، و تُضخ أموال طائلة لصناعة كرة القدم واستثمار مرافقها.
وسط كل ذلك كانت الموهبة هي حجر الأساس في بناء هذه اللعبة، لقد انتهى زمن الشوارع الترابية والعوارض الحجرية واللعب حفاة الأقدام.
تلك الصورة النمطية التي قدمت أفخر الامثلة عن الموهبة الكروية على هوامش الثورات الصناعية والتكنولوجية وعلى حافة المدن الكبرى.
هناك تحديداً عند بيوت الصفيح و شوارع الطين كانت الموهبة تولد وتكبر، واليوم يفتقر العالم لنوعية هذه الموهبة التي أصبحت أكثر رفاهيةً و أقل رغبةً ومتعة .
صناعة الموهبة
كشافو المواهب في كرة القدم تجاوز عددهم الملايين، نادي إشبيلية الإسباني لوحده مثلاً يمتلك شبكة من 700 كشاف مواهب ينتشرون حول العالم، فالبحث عن موهبة كالبحث عن إبرة في كومة قش؛ هذا إذا ذكرنا أن عدد من يمارسون كرة القدم حول العالم تجاوز الـ250 مليون لاعب!
في النتيجة، كلما تطورت اللعبة كلما قلت المواهب، وهذا ما نشهد عليه من القيم السوقية الخيالية التي تستهدف المواهب، باعتباره دليلا على ندرتها أساساً.
احتاجت اليابان مثلاً لصناعة الموهبة وغرسها في الأجيال، واليوم نشاهد عشرات المواهب اليابانية في أهم الدوريات الأوروبية؛ في ألمانيا وبلجيكا وإنكلترا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها من عواصم كرة القدم العالمية.
وفي مرحلة سابقة كانت الموهبة الأفريقية هي الرافد الأساسي، كونها موهبة خام قابلة للتطورمع بنية بدنية تخدم أساليب التكتيك المتنوعة، وسبقها الموهبة اللاتينية التي كانت ومازالت تملك ملاعبها كالشوارع في الأحياء الفقيرة رحم الموهبة الكروية الخام، وأغلب أساطير هذه اللعبة ومن يحملون كرات ذهبية في مسيرتهم ينتمون لتلك الشوارع الكروية .
إن الموهبة حالياً عبارة عن صناعة وعمل واستحقاق دائم و هذا هو مستقبل كرة القدم المتجددة.