بيّنت صحيفة “نيويورك تايمز” كيف تغيرت نظرة الأندية الأوروبية لكيفية التعامل مع اللاعبين الصائمين في رمضان، وتعزيزهم عبر إجراءات تساعدهم على الصوم.
حيث يتمتع اللاعبون المسلمون في الفرق والأندية الأوروبية وخلال مباريات الدوريات المشهورة مثل الدوري الإنكليزي، بميزات تراعي خصوصية صيامهم في شهر رمضان.
حالات فعلية
في هذا السياق، استعرضت الصحيفة بعض الحالات مع لاعبين مسلمين يلعبون في الدوريات الأوروبية.
فبعد بضعة أشهر من حياته كمحترف كرة قدم في أوروبا، سعى يوسف شيبو لاعب خط الوسط المغربي السابق جاهداً لإثبات نفسه.
كما لم يرغب في القيام بأي شيء قد يضر بفرصه في النجاح، لذا أفصح لإدارة ناديه بورتو البرتغالي عن صيامه خلال شهر رمضان، في شتاء عام 1997.
كانت جلسات التدريب التي كانت تعقد في الصباح وبعد الظهر شاقة جداً بالنسبة لشيبو، مع بقاءه دون طعام وماء من شروق الشمس إلى غروبها.
وبعد أيام من الدوار والصداع في صمت، وضع النادي خطة للحفاظ على طاقة وصحة لاعبه خلال صيامه.
ويقول تقرير الصحيفة إن شيبو محظوظاً، بأن يتفهم مدربه حينها أهمية ممارسته شعيرة هي واحدة من أركان الإسلام الخمس لدى المسلمين.
اقرأ أيضاً.. الاتحاد الفرنسي يمنع إيقاف المباريات لإفطار اللاعبين الصائمين ويتوعد بمعاقبة المخالفين
حيل وحلول
لكن لعقود من الزمن، لم يجد لاعبون مسلمون آخرون هذا من قبل أنديتهم في رياضة، تتطلب اللعب المستمر وقلة التبديلات.
ومن أجل ذلك، اعتمد هؤلاء اللاعبون منذ فترة طويلة على العديد من الحيل والحلول المرتجلة لكسر صيامهم من خلال ادعاء الإصابات
أو من خلال اختلاس لحظات من أجل تناول تمرات قليلة أو مشروب سكري في يد أحد الموظفين، عندما يحين وقت أذان المغرب.
أما في الآونة الأخيرة، فقد بدأت كرة القدم، التي كانت تنظر إلى صيام اللاعبين المسلمين ذات يوم باعتباره شيئاً لا يشجعه أحد أو ينتقده، تغير نظرتها وأساليبها في التعامل مع هذا الأمر.
وفي تحول يعكس القيمة المرتفعة لنجوم كرة القدم المسلمين، انتقلت بعض أغنى الدوريات في العالم إلى إيلاء اهتمام أكبر بهؤلاء اللاعبين ودعمهم خلال رمضان من أجل الصيام.
“توقف رمضان”
في أوروبا، أصبح العديد من اللاعبين المسلمين يستفيدون من هذه التغيرات، التي تشمل جداول تدريب سريعة من قبل أنديتهم.
كما أدخلت الدوريات في إنكلترا وهولندا قواعد تسمح صراحة بما يسمى “توقف رمضان”، من أجل السماح لللاعبين المسلمين بالإفطار في الملعب أثناء المباريات.
كما يحق للحكام الألمان إيقاف اللعب لنفس السبب.
وفي الدوري الإنكليزي الممتاز، يمثل اللاعبون المسلمون الآن استثماراً بقيمة مئات الملايين من الدولارات لفرق النخبة في العالم.
ويستطيع هؤلاء اللاعبون التحدث بشكل متزايد عما يحتاجون إليه.
قبل موسمين، طلب مهاجم ليفربول ساديو ماني من قائد فريقه أن يتواصل مع المدرب يورغن كلوب، بشأن تبديل الممارسات اليومية خلال شهر رمضان وأوقات التدريب.
جاء ذلك، حتى يتمكن ماني هو وغيره من المسلمين في الفريق مثل المهاجم محمد صلاح من المشاركة، وحينها وافق كلوب بالفعل.
بدوره، قال محمد النني لاعب خط الوسط المصري في فريق أرسنال الإنكليزي: “إنهم يأخذون الأمر على محمل الجد”.
فيما أضاف: “إنهم يدركون مدى أهمية الأمر بالنسبة لي ومدى أهميته بالنسبة لهم أيضاً، لأنهم بحاجة إلى الحفاظ على لياقتي البدنية”.
يعد النني “31 عاماً”، واحد من ثلاثة لاعبين من أرسنال يصومون خلال شهر رمضان هذا الموسم.
كما أوضح النني: “يبدأ النادي في إعداد اللاعبين قبل أسبوعين تقريباً من الصيام، ويعطي اعتباراً لكل شيء قد يحتاجه اللاعبون للحفاظ على أعلى مستوى من الأداء”.
وتفعل أندية الدوري الإنكليزي الممتاز الأخرى، وعشرات الفرق الأخرى في جميع أنحاء أوروبا، الشيء نفسه الآن.
اقرأ أيضاً.. في البريميرليغ.. رابطة الدوري الإنكليزي تطالب الحكام بمراعاة اللاعبين الصائمين
منع اللاعبين من الصيام
لكن هذه التغيرات لا تشمل كل الدول، حيث يواجه الاتحاد الفرنسي لكرة القدم انتقادات مؤخراً.
إذ أصدر مبادئ توجيهية تأمر الفرق والمسؤولين بعدم التوقف عن اللعب حتى يتمكن اللاعبون من الإفطار، ومنع اللاعبين من الصيام أثناء التدريب مع فرق الاتحاد.
ودافعت السلطات الفرنسية عن هذه التوجيهات بالقول، إنها تقتضيها قواعد الدولة بشأن العلمانية، مما دفع لاعباً واحداً على الأقل لمغادرة معسكر المنتخب الوطني احتجاجاً.
أما الدوري الإنكليزي الممتاز فقد سمح منذ عام 2021 للأندية التي تضم لاعبين مسلمين، بالترتيب مع الحكام لفترات راحة قصيرة عند غروب الشمس.
وأصدرت رابطة لاعبي كرة القدم المحترفين، وثيقة من 30 صفحة حول شهر رمضان، ونصائح حول أفضل ممارسات الصيام.
وقال رئيس رابطة محترفي كرة القدم في إنكلترا ماهيتا مولانغو: “بدلاً من مطالبة المسلمين بالتكيف، من الأفضل أن نفهم العكس”.