السبت, ديسمبر 21, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخباركيف ساهمت هجمات "الحوثيين" بإحداث ثورة في الحرب البحرية؟

كيف ساهمت هجمات “الحوثيين” بإحداث ثورة في الحرب البحرية؟

أشار موقع “ناشونال إنترست” الأميركي إلى أن ما يحدث في البحر الأحمر يُظهر أن عدد السفن الحربية لدى أي بلد لم يعد مهما في تقييم قدرته على إغلاق الممرات البحرية والسيطرة عليها.

ثورة في الحرب البحرية

وأوضح الموقع، في تقريره، أن تطوير الصواريخ المضادة للسفن والمسيّرات الرخيصة قد أحدث ثورة في الحرب البحرية، تماما كما فعلت حاملات الطائرات في القرن الماضي.

وأشار كاتب التقرير إلى استمرار “الحوثيين” في إرباك وخنق حركة المرور البحرية عبر ممر باب المندب الإستراتيجي، رغم الهجمات المتكررة التي شنتها القوات البحرية الأميركية مرارا وتكرارا بالصواريخ والمسيّرات وطائرات إف-18 سوبر، بهدف القضاء على تهديدهم.

“الحوثيون” متماسكون

رغم القوة النارية لدى البحرية الأميركية، يؤكد الكاتب، أن “الحوثيين” لا يزالون متماسكين ويهاجمون بانتظام السفن التجارية في البحر الأحمر والسفن الحربية الأميركية، وفي آذار/مارس الجاري، أطلقوا صاروخا مضادا للسفن على السفينة الحربية “يو إس إس لابون”، التي يقال إن بناءها كلف ما يقرب من مليار دولار.

وأضاف أن السفن القتالية السطحية، ومن بينها حاملات الطائرات، لم تعد قادرة على ادعاء السيطرة المطلقة على البحار، لأن أنظمة الأسلحة الشاطئية، التي يمكن لأي دولة أو حتى جماعة متمردة أن تمتلكها، أصبحت تشكل تهديدا لها، والدليل نجاح أوكرانيا في إلحاق الضرر بالبحرية الروسية بمسيّرات وصواريخ في البحر الأسود، وهو ما يتم تقليده في البحر الأحمر من قبل “الحوثيين”، بحسب تعبير كاتب التقرير.

“حرب عمياء ضد الحوثيين”

وفي تقريرها، أوائل الشهر الجاري، أكدت صحيفة “إزفيستيا” الروسية أن الأميركيين والبريطانيين يفتقرون إلى المعلومات الاستخباراتية في حملتهم ضد جماعة أنصار الله “الحوثيين” في البحر الأحمر.

وذكرت أن الخبراء العسكريين الأميركيين لم يكن لديهم أصلا علم بكل قدرات “الحوثيين”.

وقالت الكاتبة كسينيا لوجينوفا، إن المصادر الأميركية نفسها أعلنت لوسائل إعلام دولية أن سعي الولايات المتحدة لوقف الهجمات من اليمن على الملاحة في البحر الأحمر تعرقله قلة المعلومات الاستخباراتية عن ترسانة “الحوثيين” وكامل قدراتهم العسكرية.

وأضافت لوجينوفا أن “البنتاغون” يجهل حجم الضرر الذي ألحقه بالحوثيين عبر تلك الضربات التي نفذها في اليمن، إذ لم يكن لديه في السابق معلومات تفصيلية عن حجم الترسانة الحوثية

ونقل التقرير عن تيد سينغر، المسؤول الكبير السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، قوله إن الحصول على المعلومات بخصوص اليمن بات مهمة صعبة منذ أن قامت واشنطن بإخلاء سفارتها في العاصمة اليمنية صنعاء عام 2015، إثر سيطرة “الحوثيين” على العاصمة.

وأضاف التقرير أن الأميركيين يقولون إنهم دمروا أو ألحقوا أضرارا بـ 150 هدفا منذ 12 كانون الثاني/يناير الماضي.

وتشمل هذه الأهداف صواريخ مضادة للسفن وأنظمة مضادة للطائرات، وأنظمة اتصالات واستطلاع جوي، وطائرات مسيّرة، ومستودعات أسلحة ومراكز قيادة.

وأشار التقرير إلى انه من الواضح أن ذلك لم يكن حاسما، حيث يستمر “الحوثيون” في مهاجمة أهداف في البحر الأحمر، وبينها سفن تابعة للبحرية الأميركية، وسفن تجارية ترفع العَلم الأميركي.

ونقلت الصحيفة الروسية عن إيلينا بانينا، مديرة معهد “روسسترات” للإستراتيجيات السياسية والاقتصادية الدولية، تأكيدها أن الضربات التي يشنها “الحوثيون” بدأت في الآونة الأخيرة تتحول إلى ضربات ممنهجة، وتصيب معظم الأهداف.

وأشارت بانينا إلى أن هذا الأمر يشكل خسارة كبيرة على الصعيد المالي بالنسبة للأميركيين والبريطانيين، وكذلك على سمعتهم.

دروس إستراتيجية

والدرس الإستراتيجي المستفاد من حملات البحر الأسود والبحر الأحمر هذه، حسبما يرى موقع “ناشونال إنترست”، هو أن عدد السفن الحربية لم يعد معيارا كافيا للسيطرة على البحار، بعد أن أصبحت السفن الحربية السطحية تحت تهديد الصواريخ والمسيّرات المنطلقة من الشاطئ، والقادرة على ضرب أهداف على بعد مئات أو حتى آلاف الأميال في البحر، علما أن الصين تمتلك صواريخ مضادة للسفن ومسيّرات منتشرة على طول ساحلها.

ومن النتائج الأخرى لهجمات “الحوثيين” في البحر الأحمر إدخال ما قد يكون تغييرا دائما في أنماط التجارة والنقل العالمية، بعد أن اضطرت التجارة البحرية إلى إعادة توجيه جزء كبير من حركة النقل عبر البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، مما يعني رحلة أطول وأكثر تكلفة، وانخفاضا في عائدات مصر من حركة المرور عبر قناة السويس.

روسيا المستفيد الأكبر من هجمات “الحوثيين”

غير أن الأمر الأكثر إثارة للقلق في الغرب هو أن روسيا تستفيد هي الأخرى من اضطراب البحر الأحمر، إذ أدت هجمات “الحوثيين” هناك إلى خلق أعمال متنامية لخطوط السكك الحديدية البرية الروسية بين الصين وأوروبا.

ومن المفارقات، أن العقوبات الغربية المفروضة على روسيا لا تمنع مثل هذه الأعمال، ولا يُتوقع أن تسعى أوروبا لخسارة استخدام خدمة الشحن بالسكك الحديدية الروسية التي تتسم بالكفاءة اقتصاديا، في تجارتها مع الصين.

وخلص موقع “ناشونال إنترست”، إلى أن احتمال أن تتمكن البحرية الأميركية، التي انضم إليها الحلفاء الأوروبيون في إطار عملية “أسبيدس”، من ابتكار حل عسكري نهائي للقضاء على هجمات “الحوثيين” يكاد يكون معدوما، ومن ثم بدأت الولايات المتحدة في البحث عن صيغة دبلوماسية، وهي تتواصل مع إيران للحصول على المساعدة.

وإذا كان إنهاء الهجمات الحوثية ينتظر وقف الحرب في غزة، فإن تداعياته طويلة المدى لن تنتهي عندما يأتي ذلك اليوم، بل سوف يبقى تحول أنماط التجارة العالمية الذي حدث، كما ستستمر المناقشة حول كيف يمكن تكييف قدرة القوات البحرية الحديثة على التكيف مع المسيّرات والصواريخ المضادة للسفن، وستبقى هذه التحديات تؤرق الغرب حتى بعد أن تتوقف هجمات “الحوثيين”.

مقالات ذات صلة