Site icon هاشتاغ

كيف صنع سكان سوريا خبز الفوكاشيا الإيطالي قبل 7 آلاف عام؟

كيف صنع سكان سوريا خبز الفوكاشيا الإيطالي قبل 7 آلاف عام؟

كيف صنع سكان سوريا خبز الفوكاشيا الإيطالي قبل 7 آلاف عام؟

في دراسة أجرتها جامعة برشلونة المستقلة وجامعة لا سابينزا بروما، تبين بأنه خلال العصر الحجري الحديث، أي ما بين 7000-5000 قبل الميلاد، عملت مجتمعات كاملة تعمل بمجال الزراعة في منطقة الهلال الخصيب بالشرق الأدنى على تطوير طريقة تقليدية معقدة للطهي شملت خبز أرغفة كبيرة من الخبز إلى جانب خبز فوكاتشيا الإيطالي المغطى بالأعشاب وغيره من المكونات وبنكهات مختلفة وذلك بوساطة أطباق كبيرة معدة لذلك تعرف عند علماء الآثار باسم “أطباق النخل”.

نُشرت هذه الدراسة في مجلة “التقارير العلمية” وشارك فيها عدد من الباحثين من المجلس الأعلى للبحوث العلمية بإسبانيا مع باحثين من جامعة ليون الفرنسية.

وأطباق النخل هذه هي عبارة عن أوعية لها قاعدة بيضوية كبيرة وحواف صغيرة، تصنع من الطين الخشن، وتختلف تلك الأطباق عن الأطباق الكبيرة العادية من حيث سطحها الداخلي والذي تزينه نقوش أو شقوق خشنة متعاقبة.

وقد سمحت التجارب السابقة التي استعانت بنسخ من تلك الأطباق الكبيرة ومعدات الطهي التي تشبه تلك التي عثر عليها في المواقع الأثرية بوضع فرضية خاصة باستخداماتها ووظائفها، إذ تشير الأبحاث إلى صنع أرغفة كبيرة من الماء والطحين وخبزها فوق تلك الأطباق التي كانت توضع داخل أفران مقببة لمدة ساعتين تقريبا بحرارة تبدأ عن 420 درجة مئوية، ولا شك أن الأخاديد الظاهرة على السطح الداخلي للأطباق الكبيرة كانت تسهل عملية إزالة الرغيف بمجرد أن يتم خبزه، كما يوحي الحجم الكبير للأرغفة التي يصل وزنها إلى ثلاثة كيلوغرامات تقريبا إلى أنها مخصصة للاستهلاك بصورة جماعية لا فردية.

مكونات نباتية وحيوانية

حلل الفريق البحثي قطعا خزفية مأخوذة من أطباق النخل الكبيرة التي يرجع تاريخها إلى 6400-5900 قبل الميلاد وذلك لمعرفة طريقة استخدامها كأوان مخصصة لخبز العجين الذي يعتمد في قوامه على الحبوب، وهل كانت منكهات أخرى تضاف للعجين أم لا، مثل منتجات الدهن الحيواني أو الزيت النباتي، وهذه البقايا التي جرى تحليلها أخذت من موقع مزرعة طليلات في سوريا وتلة أكارتشاي في تركيا، وموقع تل صبي أبيض في الشمال السوري، وجرى تحليل تلك القطع في جامعتي إسطنبول وكوتش، ولقد قدمت تلك الدراسة التي قامت على أنواع مختلفة من التحليلات التي بنيت على رأي موحد، أدلة واضحة على استخدامين اثنين لتلك اللقى الأثرية وعلى طبيعة الأطعمة التي كانت تعد بوساطتها، فالتحليل الذي خصص لدراسة البقايا النباتية يشير إلى أن الحبوب مثل القمح أو الشعير كانت تدرس لتتحول إلى طحين وكان العجين المعد من ذلك الطحين يفرد فوق تلك الأطباق الكبيرة.

وعلاوة على ذلك، يشير تحليل البقايا العضوية إلى أن بعض تلك الأطباق كانت تستخدم لطهي أطعمة تحتوي على مكونات حيوانية مثل الدهن الحيواني، كما ظهرت منكهات نباتية في إحدى الحالات، أما حالة تحلل البقايا فتشير إلى وصول درجة حرارة تلك الأطباق إلى ما يتوافق مع تلك الدرجة التي جرى التحقق منها عبر التجربة وذلك لخبز العجين في أفران مقببة، وهذا ما أكدته حالتان على الأقل.

وأخيرا، فإن تحليل الاستخدامات البديلة للسطح الخزفي سمح بتحديد الأثر الاستهلاكي للاستخدام والمرتبط ببقايا الخبز وغيره من الأمور المتعلقة ببقايا خبز فوكاتشيا الذي كانوا يضيفون عليه منكهات وتوابل.

يشرح ذلك الباحث سيرجيو تارانتو الذي أشرف على كتابة هذه الدراسة التي أضيفت لأطروحة من أجل نيل شهادة الدكتوراه من جامعة برشلونة المستقلة وجامعة لا سابينزا، فيقول: “تقدم دراستنا صورة حية للمجتمعات التي كانت تستخدم الحبوب التي تزرعها في إعداد الخبز وخبز فوكاتشيا الغني بمكوناته الكثيرة والذي كان يؤكل في مآدب تضم عددا من الناس، ولقد أرشدنا استخدام أطباق النخل الكبيرة إلى البحث في أمر هذه الطريقة التقليدية للطهي التي تعود للعصر الحجري الحديث والتي تطورت على مدار ستة قرون تقريبا ومارسها الناس الذين كانوا يعيشون ضمن منطقة واسعة في الشرق الأدنى”.

Exit mobile version