أفادت مصادر مطلعة على مسار المفاوضات الحكومية أن هناك ما يشبه البرودة في التحرك الفرنسي بشأن لبنان، وكأن اليأس تسلل الى القيمين على المبادرة الفرنسية بسبب العرقلة والعناد المستمر في لبنان، بدليل ان ما يبحث اليوم بين القوى السياسية، ليس الصيغة فرنسية بل مبادرة الامين العام لـ”حزب الله” القائمة على حكومة عشرينية والتي لا يبدو انها ستنجح ايضا”.
و على الصعيد التفاهم الداخلي، لا يبدو الأمر أفضل، فقد صعَد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من حدة التوتر، و شنَ هجوماً على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، واتهمه بتعطيل تشكيل حكومة جديدة في لبنان.
وقال رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، في كلمة متلفزة، “ظننا أن الأزمة في 17 تشرين 2019 ستجعل من رئيس الحكومة وقتئذ يتحمل المسؤولية مع شريكه الدستوري رئيس الجمهورية، والفريق المتفاهم معه، لا أن ينقلب عليه ويطعنه بظهره ويستقيل من دون أن يخبره حتى، ويركب موجة الحراك ليتنصل من المسؤولية ويحمله إياها. كنا متأملين بعد أكثر من سنة على الأزمة أن يكون تعلم منها ويتصرف بمسؤولية وروح وطنية، ولا يرجع البلد إلى فترة اعتبرناها انتهت. نحن نحمي بعضنا في الداخل ونمنع الخارج من أن يعتدي علينا، تفاجأنا أن البعض عاد ولبس ثياب الوصاية ويمارس الفوقية والمس بحقوق الآخرين وكرامتهم”.
وأكد باسيل : “نريد حكومة بسرعة إذ من غير المعقول أن يريد العهد خسارة الوقت المتبقي له. على العكس، من يسوق لهذا الأمر، هم من يسعون إلى أن يخسر العهد أياما أكثر من دون حكومة، حتى ولو انهار البلد اكثر. يقولون علنا ان العهد يجب أن يخسر اكثر ولو انهار البلد اكثر. ليست مشكلة ان ينهار البلد، المهم ان يسقط ميشال عون. ثالثا، صرنا نريد حكومة برئاسة الحريري، على الرغم من قناعتنا انه لا يقدر ان يكون عنوانا للاصلاح، ولذلك لم نسمه. ولكن من بعد أن سمي خلافا لرغبتنا، صار هناك مصلحة في أن يشكل حكومة ويتحمل المسؤولية مع الرئيس، بعد أن هرب منها في تشرين 2019. نحن لا نفكر بأنانية وبمصلحتنا الخاصة، ولكن هذا الواقع فرض. ربحت غصبا عنا مصلحتنا الخاصة على مصلحة البلد العامة. رابعا، وبالمنطق عينه، مصلحتنا الخاصة ورغبتنا ألا نشارك في الحكومة”.
وسأل: “ماذا نريد إذا اليوم؟ نريد أولا حكومة وثانيا بسرعة وثالثا برئاسة سعد الحريري ورابعا من دوننا. فليتفضل ويتحمل مسؤولية. هو المكلف لا نحن، وليشكل حكومة من دوننا، وليتوقف عن تضييع الوقت ويرمي الحجج على الغير. فليشكلها من اختصاصيين اصحاب قدرة، وعلى أسس العدالة والدستور، لا على هوى البعض”.
وتابع: “نريد حلا، وهو موجود في لبنان وفي الدستور، لا خارج الوطن ولا خارج الدستور. الدول تساعدنا لكن لا تأخذ محلنا ولا محل الدستور. الحل واضح، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف شركاء متساوون بعملية التشكيل، معا يجب أن يتفقوا على كل شي، على شكل الحكومة وعددها وتوزيع الحقائب والأسماء. هذا دستورنا، أما نظامنا فهو تشاركي برلماني ويجب أن يأمنوا ثقة مجلس النواب”.
اذا لم يحصل هذا، معنى ذلك أن ليس هناك جدية وقرار بالتأليف. ما معنى ان الكل يعرفون حقائبهم واختاروا على أساسها اسماءهم باعترافهم، ورئيس الجمهورية والمسيحيون لا يعرفون بعد حقائبهم وتوزيعهم؟ لماذ؟ ليبقى الغموض والتحايل من أجل وضع اليد؟”
وسأل: “لماذا هذا التعاطي غير السوي بالعدد والوزارات والأسماء؟ معياران ومكيالان. دولة الرئيس متفاهم مع الثنائي الشيعي ونحن نشجع، ولكن هذا تحت الطاولة. فوق الطاولة يتهجم على التيار وعلى رئيس الجمهورية ليغطي ويعوض لشارعه تفاهمه مع محور المقاومة. وليس وحده على كل حال، كثر يتصرفون مثله”.
وتشير المعلومات إلى أن التصعيد الجديد في مواجهة الحريري قد يسهم في تعقيد مهمته في تشكيل حكومة اختصاصيين، فيما تتصاعد التحذيرات من التعمق في العزلة التي يقبع فيها لبنان، وهو ما لفت إليه خبراء بأن لبنان اليوم معزول والوضع يتطلب حلاً”، والمسؤولون لا يعملون على حل لذلك”. واعتبر الخبراء أن هذا الواقع دفع البطريرك بشارة الراعي إلى دعوة المجتمع الدولي للمساعدة.