Site icon هاشتاغ

ماذا سيكتب مؤرخو المستقبل عن “ظاهرة الطوابير”؟!!

هاشتاغ سوريا- رشا سيروب

يُنظر إلى العام 2020 على أنه فترة قاتمة في تاريخ سورية، واتسم العام 2020 بعام “الطوابير”؛ “طوابير بشرية” حيث يصطف عشرات -لا بل مئات- السوريين على طابور الخبز، وطابور الرز والسكر، وطابور البنزين وهذه الأخيرة تكررت كثيراً في العام 2020، بالإضافة إلى “طوابير الكترونية” على دور الغاز والمازوت.

لو تصورنا أنه بعد سنوات تقرر تأريخ وتحليل أسباب انتشار “ظاهرة الطوابير” في سورية، ماذا سيكتب مؤرخو المستقبل عن طوابير البنزين 2020؟

قام محللوا السياسات ومؤرخو المستقبل بمراجعة وتصفح وإجراء قراءة معمّقة لأرشيف الصحف السورية والمواقع الالكترونية ومتابعة التصريحات الرسمية والتحليلات التي تحدثت عن أزمات البنزين المتكررة؛ وظهرت لديهم عدة روايات تفسّر نشوء “طابور البنزين”.

بعض التصريحات اتهمت قانون قيصر أنه السبب وراء ظاهرة “طابور البنزين”، وتصريحات أخرى بررت نشوء هذه الظاهرة إلى عمرة مصفاة بانياس، ومؤخراً عُقد الأمل على تحسين واقع البنزين بعد الانتهاء من صيانة مصفاة حمص، وبعض التحيليلات والمواقع الالكترونية أشارت بأصابع اللوم والاتهام إلى الأصدقاء “النفطيين والغازيين” بأنهم “لسبب ما” توقفوا عن إرسال نواقل وبواخر النفط، والبعض الآخر يستشهد بأزمة البنزين في العام 2019 ويرى أن ظاهرة “طابور البنزين 2020” هي أزمة مفتعلة سببها “النيّة المبيّتة” لرفع سعر البنزين لاحقاً.

وقد توصل مؤرخوا المستقبل ومحللوا السياسات إلى أنه لا يمكن الحصول على معلومة دقيقة وحقيقية في العام 2020، وما زالت التصريحات الرسمية لا تتسم بالشفافية مما يترك المواطن في حالة من عدم اليقين وعرضة للتأثر بالإشاعات والأقاويل.

وأن السبب الرئيسي لظاهرة “طابور البنزين” تتطابق مع أسباب “الطوابير البشرية والالكترونية” وهو أنها لم تكن سوى نتاج تراكمات طويلة من غياب السياسات وفوضوية الممارسات وعشوائية القرارات.

وبما أن التأريخ يهتم باستخلاص المهم واستبعاد غير المهم، فقد أظهر تحليل ماركات السيارات وسنة الصنع في صور “طوابير البنزين” أنه لا وجود لسيارات فارهة “ضمن الطابور” رغم انتشارها أمام المطاعم والكافيهات وفي الطرقات، وهذا يعني قدرتهم على تعبئة البنزين دون الانتظار في الطابور رغم صدور قرارات “بالتأكيد والتشديد” و”التهديد والوعيد” على استخدام بطاقة الآلية ذاتها عند التعبئة.

وما تم اسنتاجه من الصور أيضاً، أن قيمة معامل الوقت صفر -رغم أن الظاهرة تدرس العام 2020 الذي يمثل نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين- وذلك من خلال تقدير المدة التي تتطلبها تعبئة السيارة الواحدة وعدد كيلومترات الانتظار التي قد تتجاوز 24 ساعة انتظار في الدور.

هذا هو على الأرجح بعض مما سيكتبه مؤرخو المستقبل ومحللو السياسات عندما يقرؤون ويتصفحون أرشيف الصحف السورية والمواقع الالكترونية.

هل هناك ثمة دروس يمكن الاستفادة منها؟

المطلوب المكاشفة الحقيقية والشفافية عند عرض المشكلة، وبيان حجم التكاليف والخسائر المطلوبة للخروج من المشكلة، وما هو الوقت الزمني المتوقع لحل هذه المشكلة حتى لا يفقد الناس الثقة في الحاضر والمستقبل، العيش مع عدم اليقين أمر مقلق.

Exit mobile version