هاشتاغ – ريم صالح
اعتاد مشجعو كرة القدم على المناكفات فيما بينهم تبعا للفريق الذي يشجعه كل منهم، وتبلغ هذه المناكفات أوجها في بطولة مثل بفطولة كأس العالم.
و أثار خروج المنتخب الألماني من دور المجموعات في بطولة كأس العالم بنسختها ال22 المقامة في قطر، موجة كبيرة من السخرية والتشفي بين العرب و السوريين.
لكن العديد من المتابعين السوريين، استغربوا موجة السخرية والتشفي من قبل السوريين تحديدا على خسارة المنتخب الألماني وخروجه من المونديال، على اعتبار أن ألمانيا هي أكثر دولة أوروبية استقبلت لاجئين سوريين، ومنحتهم بمعنى آخر فرصة جديدة للحياة والعمل والعيش الكريم.
قبل سنوات كانت “ماما ميركل” رمزا للعديد من السوريين الذين فتحت لهم هذه المرأة بلادها بلا شروط، ومنحتهم فرصة جديدة للحياة، فماذا حصل لينتفض الجميع على منتخب ماما ميركل؟
وعن ذلك، يقول الباحث والمحلل الأكاديمي غيفار الخطيب في تصريح لهاشتاغ: “ألمانيا كبلد تستضيف عدداً هائلاً من السوريين وغير السوريين، لم تفرض عليهم أي شيء أبداً أبداً، بل عاملتهم بإنسانية أكثر بكثير مما عاملهم العرب أنفسهم، لكن كان للإعلام تأثيره، واللعب على انتماءات دينية وقومية وغيرها، أمر فعال جداً جداً.
دور الإعلام
وعن دور الإعلام في ردود الفعل التي تشكلت، وتناولت الاستهزاء المفرط بالمنتخب الألماني، أضاف الخطيب: المشكلة أن كرة القدم والإعلام الرياضي العربي تحديداً، مسيطر عليه بنسبة كبيرة من قنوات “بي إن سبورت”، والتي تتبع بشكل مباشر للدولة المنظمة.
وأضاف: من الطبيعي والحال هذا أن نشاهد تجييش وهجوم من قبل كل من يعلق سلبياً على استضافة قطر للمونديال، دون الأخذ بالاعتبار وجهة نظر الطرف الآخر.
وجهة نظر الألمان
وفي توضيح لوجهة نظر الألمان، قال الخطيب: بالنسبة لهم حرمانهم من أي شيء يعبر عن موقف يخصهم هو انتهاك لحريتهم، وقطر ليست من قامت بإرسال دعوة للضيوف لكي تفرض قوانينها عليهم، بل هي من طلبت ودفعت وقدمت الكثير، لكي تحضر هؤلاء الضيوف لبيتها.
وتابع الخطيب: ليس حضارياً ولا مقبولاً بالنسبة للألمان أن يفرض عليهم أي شيء يحد من حريتهم بالتعبير عن الرأي، بمعنى آخر، إما أن تستضيف وتتقبل آراء الجميع، أو لا تستضيف من الأساس، وهذا ما قصده مدرب المنتخب فليك، بتصريحه حول عدم أحقية قطر بالاستضافة.
خسارة ألمانية
ويشير الخطيب، إلى أن المنتخب الألماني خسر عقد رعاية مجموعة “ريفي”، بسبب منعه من ارتداء شارة الكابتن الملونة، والتي كانت شرطاً أساسياً مع العقد الموقع معه.
أخطاء الألمان
وعن أخطاء الألمان في المونديال أوضح الخطيب، أن الألمان ارتكبوا خطأً بالتقاط الصورة التي تعبر عن كم الأفواه والخروج خارج كرة القدم، والهجوم المبالغ به جداً من إعلامهم والتعامل بازدواجية واضحة.
مضيفاً: وهذا ما جوبه بهجوم مضاد غير مسبوق، فقط لأن قطر المعنية بشكل مباشر تحديداً ضد الألمان، “رغم أن الإعلام الدنماركي والإنكليزي ومعظم دول العالم هاجمت أيضاً”.
وبيّن الخطيب تداعيات ذلك، باقتناع المشجع العربي أن منتخب المانيا وحده من يدعم “مجتمع الميم”، وجاء ليفرض معتقدات على المجتمعات العربية، وتحول الموضوع من كرة قدم الى دفاع عن العادات والتقاليد وتشفي في حال الخسارة لحماية افكار المجتمع.
رد فعل مبالغ به
وأكمل الخطيب قائلاً: إن الألمان أخطأوا، ولكن رد الفعل كان مبالغ فيه، وتم إدخال المشجعين بأمور خارج كرة القدم، ولذلك ربما تكون شعبية المنتخب الألماني قد تأثرت، ولكنها ستعود تدريجياً مع نهاية بطولة قطر، والضخ الإعلامي المرافق لها.
مشجعو ألمانيا
يرى بشار، وهو مشجع ألماني، أن المنتخب الألماني عدو الجميع لأنه بموقع تهديد حقيقي لكل المنتخبات. ويقول إنه في 2018 لم تكن قضية المثليين مطروحة، إلا أنهم “أكلوا نصيبهم” من المسخرة، بعد خروجهم من الدور الأول.
وأضاف: طبعاً في هذا المونديال زادت الأمور عن حدها، لأن الشعب العربي عموماً غير قادر على تقبل أي آراء مخالفة لآرائه، سواء الدينية أو السياسية أو الرياضية.
ويؤكد: سأشجع المانشافت دائماً، وبخصوص موقفهم من قضية المثليين، هذا الأمر يعود لهم، لست مضطراً أن أدعم هذه القضية.
أما سالم، فيقول: لم يتأثر تشجيعي للمنتخب الألماني بدعمهم لقضية المثليين، لا أدعم المثليين، لكن أرى أن الموضوع لا علاقة له بكرة القدم، وبرأيي، سوّقت قطر لنفسها من خلال استخدام البروباغندا الإعلامية، من خلال الظهور كندّ لألمانيا، “التي تتزعم الاتحاد الأوروبي”.
وتابع: اللعب على الوتر الديني غالباً ما ينجح، لذلك نجد سوريين داخل ألمانيا تمنوا خروج الألمان من المونديال، تشتت الجمهور وفكروا بمواضيع خارج كرة القدم.
وأشار إلى أن المثلية قانونية في اليابان أيضاً، على سبيل المثال، فلماذا تم التركيز فقط على ألمانيا؟.
القضايا لا تتجزأ
علي، مشجع برازيلي، قال: “في حين كانت قطر تقف إلى جانب المتطرفين وكانت أبرز الداعمين للحرب على سورية، استقبلت ألمانيا اللاجئين وعاملتهم بشكل إنساني وسمحت لهم بالعمل والاندماج مع المجتمع الألماني”.
وأكمل: لا أشجع ألمانيا، إنما تمنيت تقدمهم بالبطولة، ألمانيا لم تكن انتقائية في دعمها لقضية المثليين، إنما حاولت أن تبيّن للعالم أن من يمنع تلك القضية، يخفي وراءها وفاة أرقام كبيرة من العمال ودفع رشاوي كثيرة، برأيي القضايا لا تتجزأ.
“مهزلة”
سالي، مشجعة برازيلية، اعتبرت أن “الشماتة” ما قبل المونديال لم تتعدى حدود التذكير بالنتائج السابقة، أما حالياً فالأمر تحول إلى مهزلة.
وأضافت: على الصعيد الرياضي فشل المدرب الألماني في تنظيم فريقه ولم يتدارك أخطاء المباراة الأولى، وبالتالي لم يكن مؤهلاً ليكمل البطولة.
من جانب آخر، طرح موضوع المثلية بطريقة “الفرض”، جعل أعتى المشجعين للمنتخب الألماني يتمنون خسارتهم، من منطلق ديني، والناس يحبون “الترند”، الأمر الذي سبب انتشار الاستهزاء بطريقة كبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
سوريون في ألمانيا:
أوس، طبيب سوري مقيم في ألمانيا، يقول إن المنتخب الألماني دخل البطولة مشتتاً، بسبب تركيزه على قضايا خارج كرة القدم.
واضاف: أتابع الدوري الإنكليزي وكل فرقه ترتدي شارة “حب واحد”، لكن وعلى الصعيد الشخصي لا أهتم إلا بمشاهدة المباريات، ولا تهمني أي قضية على الإطلاق خارج حدود البطولة، ولا أضعها مقياسا لتشجيع فريق دون آخر.
ويعتبر سفيان، وهو مشجع إيطالي، أن الاستفزازات المستمرة سواء من المنتخب الألماني، أو من ممثليهم الرسميين، بالإضافة إلى استهزاء لاعبهم السابق ساندرو فاغنر بالرداء القطري وتشبيهه برداء الحمام، كلها تصرفات أثرت على شعبيتهم ليس فقط عند السوريين، لا بل عند الجمهور العربي أيضاً.
ويضيف، أساساً لا أشجع ألمانيا، ولم يكونوا وحدهم من دعم قضية المثليين، لكن استفزازاتهم المستمرة أفقدت مشجيعهم القدرة على الدفاع عنهم، كما أن البعض من أصدقائي الألمان كانوا ضد تصرفات منتخبهم وإدارته.
ويؤكد باسل، أن الاختلاف بين السوريين “داخل ألمانيا” و الألمان كان، أن بعض السوريين ضد قضية المثليين و ضد إجراءات الاتحاد الألماني لكرة القدم، أما الألمان فهم مع دعم قضية المثليين، لكن ضد إجراءات الاتحاد الألماني لأنهم يرون أنفسهم ضيوف في قطر، و لابد أن يحترموا القوانين هناك.
بالأرقام
يبلغ عدد السوريين داخل ألمانيا بحسب آخر الإحصائيات لمكتب الإحصاء الفيدرالي للسكان الأجانب في ألمانيا، أكثر من 879 ألفاً، بزيادة تقارب ال 50 ألفاً خلال عامي 2021 و 2022.
كذلك، أعلنت السلطات الألمانية، عن ارتفاع العدد الإجمالي للسوريين على الأراضي الفيدرالية الألمانية، إلى نحو 900 ألف سوريا.