كشف موقع “ميدل إيست مونيتور” أن قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا على “إسرائيل” بسبب حربها المستمرة على غزة، تصاعدت خلال الأشهر القليلة الماضية إلى قضية عالمية كبرى بعد أن تقدمت مجموعة من الدول بطلب رسمي للانضمام لجنوب أفريقيا، أو أعلنت عن نيتها القيام بذلك.
منع الإبادة الجماعية
وأصدرت محكمة العدل الدولية حكما أوليا في القضية في أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، وأمرت “إسرائيل” باتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها لمنع الأعمال التي يمكن أن تندرج تحت اتفاقية الإبادة الجماعية.
كما أمرت تل أبيب بمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وضمان تدفق المساعدات إلى غزة، والحفاظ على الأدلة بشأن الجرائم المرتكبة في القطاع المدمر.
ومنذ صدور الأحكام الأولية، تقدمت عدة دول للتدخل في القضية باستخدام بند في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية يسمح لأطراف ثالثة بالانضمام إلى الإجراءات إذا رأوا أن لديهم “مصلحة ذات طبيعة قانونية قد تتأثر بأي قرار في القضية”.
نيكاراغوا.. أول الدول
كانت نيكاراغوا أول دولة تقدمت بطلب رسمي إلى المحكمة العليا للأمم المتحدة يوم 23 كانون الثاني/يناير للحصول على إذن بالتدخل “كطرف” في القضية، كما ورد في بيان صدر عن المحكمة في الثامن من شباط/فبراير الماضي.
وقالت نيكاراغوا في الطلب إن لديها “مصالح ذات طبيعة قانونية تنبع من الحقوق والالتزامات التي تفرضها اتفاقية الإبادة الجماعية على جميع الدول الأطراف”.
وأضافت نيكاراغوا أنها تعتبر “سلوك إسرائيل انتهاكا لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية”.
وفي وقت لاحق، قدمت نيكاراغوا طلبا منفصلا لرفع دعوى ضد ألمانيا في الأول من آذار/مارس السابق، متهمة إياها بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية و”تسهيل ارتكاب الإبادة الجماعية” من خلال منح “إسرائيل” الدعم السياسي والمالي والعسكري ووقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.
ونظرت محكمة العدل الدولية في القضية الأخيرة في نيسان/أبريل الماضي، لكنها رفضت طلب اتخاذ تدابير طارئة ضد ألمانيا.
وبعد نيكاراغوا، توجهت كولومبيا إلى محكمة العدل الدولية في نيسان/أبريل الماضي طالبةً الإذن بالتدخل، وحثت المحكمة على ضمان “سلامة، بل ووجود الشعب الفلسطيني”.
وقالت إن “هدفها النهائي هو ضمان الحماية العاجلة والكاملة الممكنة للفلسطينيين في غزة، ولا سيما الفئات السكانية الضعيفة مثل النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين”.
أما الدولة الثالثة التي تقدمت بطلب رسمي للتدخل في القضية فهي ليبيا، التي قدمت إعلانا إلى محكمة العدل الدولية في العاشر من أيار/مايو الحالي، وقالت في إعلانها إن تصرفات “إسرائيل” في غزة “ذات طابع إبادة جماعية”.
جزر المالديف في طريقها لدعم الدعوى ضد ‘إسرائيل”
وأكدت جزر المالديف أول أمس الاثنين عزمها التدخل، وقالت الرئاسة في بيان لها “إن هذا القرار اتخذ على أساس أن إسرائيل تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”، واتهمتها بارتكاب “أعمال إبادة جماعية.. تحت ستار المخاوف الأمنية” التي “أدت إلى نزوح جماعي ومجاعة حادة وعرقلة المساعدات الإنسانية”.
وأعلنت مصر عن نيتها الانضمام إلى القضية المرفوعة ضد “إسرائيل”، وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها إن القرار اتخذ “في ضوء تصاعد حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين في غزة، والاستهداف الممنهج للمدنيين وتدمير البنية التحتية في القطاع”.
وقالت الوزارة إن هذه التصرفات تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي والقانون الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية المدنيين أثناء الحرب.
كما دعت “إسرائيل” إلى الامتثال لالتزاماتها والتدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية.
وفي الأول من أيار/مايو الجاري، أعلنت تركيا عزمها التدخل في قضية الإبادة الجماعية المرفوعة على “إسرائيل”، وقال وزير الخارجية هاكان فيدان إن بلاده تأمل أن يساعد تدخلها في ضمان أن قضية محكمة العدل الدولية “سوف تتقدم في الاتجاه الصحيح”، وأضاف أن أنقرة تعمل على هذا الأمر “منذ مدة طويلة جدا”، وستستكمل عملها القانوني قريبا.
ومن أوروبا، أعربت دولتان عن عزمهما التدخل في القضية، إذ أعلنت أيرلندا يوم 27 آذار/مارس الماضي أنها ستنضم إلى القضية.
وقال وزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن إن المسؤولين تلقوا توجيهات “لبدء العمل على إعلان التدخل”.
وفي وقت سابق من شهر آذار/مارس الماضي، أصدرت بلجيكا إعلانا مشابها قائلة إنها ستقدم طلبا إلى محكمة العدل الدولية، لكن وزيرة الخارجية الحاجة لحبيب أوضحت أن المشاركة المحتملة لبلجيكا “لا تتعلق بالانحياز لصالح أو ضد هذا الطرف أو ذاك”، بل هي محاولة “لتعزيز عالمية الاتفاقيات الدولية التي تكون الدول أطرافا فيها”.
ألمانيا.. لصالح “إسرائيل”
أما الدولة الوحيدة التي تعهدت حتى الآن بالتدخل في قضية محكمة العدل الدولية لدعم “إسرائيل” هي حليفتها القوية ألمانيا، وقد أصدرت برلين هذا الإعلان يوم 12 كانون الثاني/يناير الماضي قبل أن تصدر المحكمة أحكامها الأولية.
وفي بيان، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن هيبستريت إن برلين “ترفض بشدة وصراحة اتهامات الإبادة الجماعية”، مضيفا أنه “ليس لها أي أساس على الإطلاق”.